سمية المغراوي، حنان أرسلان، نادية اليوبي، قمر أيت بنمالك، إكرام بناني الرطل، ومؤخرا فاطمة البارودي.. صحفيات مُحتجبات تشتغلن داخل ردْهات القنوات التلفزيونية المغربية. منهن من دخلت إلى هذا المجال وهي تضع الحجاب أصلا، ومنهن من قررت وضعه بعد سنوات من العمل الإعلامي، لتتوارى تلكم الإعلاميات المعروفات بعدها إلى الكواليس أو إلى تقديم البرامج الدينية.. لا يوجد قانون مغربي يمنع تشغيل المحجبات في المؤسسات الإعلامية المغربية أو ظهورهن على الشاشة، إلا أن الأمر تحول إلى شبه عُرف بعيدا عن المنع العلني، وأصبح من المعروف أن لا مكان للمحتجبات في التلفزيون المغربي، خاصة وأنه لم يسبق أن ظهرت مذيعة مغربية محجبة على شاشة التلفزيون، باستثناء البرامج الدينية... طُموح كبير.. فهل الضَّريبة مُكلِّفة؟ عبَّرت سكينة الصادقي، الطالبة بمعهد الإعلام والاتصال، عن طموحها القوي في أن تفرض نفسها في مجال التلفزيون خصوصا وأنها متفوقة في مجال السمعي البصري، مشيرة إلى أن غياب الإعلاميات المغربيات المحتجبات عن التلفزيون المغربي عائد إلى "رِجعية" بعض القائمين على المؤسسات الإعلامية، الذين يختبئون وراء أعذار أخرى غير المنع الصريح تفاديا لتعرضهم للمساءلة القانونية على اعتبار أن القانون لايمنع الإعلاميات المتحجبات من تقديم النشرات والبرامج. وأوضحت الصادقي، خلال حديثها لهسبريس، أن الحجاب يستطيع حجب الأجساد بعيدا عن حجب القُدرات، مشددة على أن القدرات فقط هي ما تحتاجه الصحفية لتُثبت نفسها ضمن إعلام راق يحترم نفسه، في وقت لا يطرح الحجاب مشكلة في بعض القنوات الغربية التي فقهت جيدا معنى معاملة الناس كعقل وروح لا كجسد وجمال.. وأكدت الطالبة- الصحفيّة، أن غياب الصحفيات والإعلاميات المحتجبات عن ساحة النضال منذ سنوات والاكتفاء بالصمت والعمل وراء الكواليس كما يمليه المسؤولون، جزء من واقع الإقصاء، محملة إياهن جزء من مسؤولية ما يحصُل.. ومطالبة الحكومة الحالية والوزارة الوصية بوضع ضمانات تحمي الإعلامية من كل أشكال التمييز. الصحفيّة المحتجبة.. حَمولة دينية أكدت الصحفيّة سمية المغراوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن إدارة القناة الثانية "دوزيم" لم تكن مستعدة لتقديمها على شاشة التلفاز بعد ارتدائها الحجاب عام 1995، موضحة أنها هي كذلك لم تكن على استعداد كامل للدفاع عن حقها ذاك لتستغني بعدها عن الظهور على الشاشة الصغيرة جراء عدم توفرها على فُرصة أخرى سانحة بعدما كانت تشرف على تقديم البرنامج المباشر "لقاء" وبرنامج "وقائع".."العطاء والكفاءة هو من يحكُم على الإعلامية بعيدا عن حجابها من عدمه.. " تقول المغراوي. وترى المتحدثة، أن من حق المُحتجبة ممارسة عملها، معتبرة أن بعض المسؤولين يرون في حجاب الصحفية والمنشّطة حمولة دينية، ويتناسون أنها جزء لا يتجزأ من شرائح المجتمع، على اعتبار أنها مغربية مسلمة وليست من قارة أخرى. لتُضيف أول صحفيّة مغربية ترتدي الحجاب، بأن العديد من المحتجبات لديهن استعداد لتقديم برامج حوارية واجتماعية، إلا أن المسؤولين مستمرون في ربط المحتجبة بالبرنامج الدينية الأمر الذي يخلُق إشكالا كبيرا بسبب ضرورة توفر مقومات بعينها في مقدم هذا النوع من البرامج التي لا تحتمل الخطأ. الكفاءة أولا.. الكفاءة أخيرا لم تُنكِر الصحفية فاطمة البارودي وجود بعض التضييقات على واضعات الحجاب سابقا، مؤكدة أن بعض الأشخاص والمسؤولين كانوا وراء إبعادهن بسبب هذا الاختيار في ميدان تعتبر فيه الكفاءة مقياسا وحيدا للخوض فيه. ونفت ذات الصحفيّة، التي ارتدت الحجاب مؤخرا، وجود أي قانون أو مذكرة إدارية تمنع ظهور صحفيّة أو منشّطة محتجبة من على شاشة التلفزيون، مرجِّحة كفة عدم ظهورهن إلى قرارات وتقديرات شخصية. وأوضحت مديرة الأخبار بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، أن العديد من الصحفيات المغربيات المحتجبات يشاركن في تقديم الأخبار من خلال تقديم مُراسَلات من خارج وداخل أرض الوطن، لافتة إلى أن الصحفيّة حنان أرسلان هي أول من قامت بتقديم المراسلات بالحجاب من العاصمة الفرنسية باريس. "أومن بأن لكل صحفي وصحفية الحق في أخذ فرصته في العمل" تقول البادرودي، موضحة بأن الكفاءة والأهلية تقاس بعيدا عن كل ما له علاقة بلباس الإعلامي أو الصحفي ومسكنه ومكانته الاجتماعية.