أسابيع قليلة تفصلنا عن انعقاد المؤتمر الوطني التاسع للحزب، و هو المؤتمر الذي سيعرف نزالا ديموقراطيا حقيقيا، مبنيا على الوضوح الفكري و في المواقف من قضايا الوطن السياسية، و كذا من القضايا التنظيمية التي تهم الحياة الحزبية اليوم، و ذلك من خلال اقرار انتخاب كاتب أول في دورتين كما هو معمول في جل الاحزاب الاشتراكية الديموقراطية في العالم.....و الأهم هي المسطرة الواضحة التي وضعتها اللجنة التحضيرية لتنظيم عملية وضع الترشيحات و تقديم العروض البرنامجية-التعاقدية مع المناضلين في المرحلة المقبلة و من خلالها سيتم اختيار الكاتب الأول و ستتم محاسبته من قبل المناضلين.... لكن قبل ذلك ألسنا اليوم في لحظة نطرح فيها سؤال أي كاتب أول مقبل يحتاجه الحزب؟ أليس هناك مواصفات معينة للكاتب الأول الذي يحتاجه الاتحاديون و الاتحاديات في المرحلة المقبلة؟ سبب طرح هذا السؤال هو أن المؤتمر ينعقد في ظل سياق اقليمي و وطني متسم بفوران الشارع و باندفاعه نحو التغيير و السياسي و المؤسساتي، و بانبعاث روح جديدة جدتت مطلب الاصلاح الشمولي للنظام و الدولة المغربيتين....و من هنا لا يمكن لأدوات الاصلاح المؤطرة للمطالب و للمواطنين ان تكون خارج هذا السياق و هذا التأثير الايجابي داخلها. اننا اليوم أمام حالة جديدة لم يعشها الحزب منذ مؤتمره الخامس الذي انعقد في ظل تحولات سياسية و اديولوجية كبيرة لا تقل أهمية عما يعيشه العالم و معه المغرب اليوم، لذلك و الاتحاديون/ات و هم متجهون للمؤتمر الوطني التاسع و أمام المقرر التنظيمي الذي تبناه المجلس الوطني في اجتماعه الاخير القاضي بانتخاب الكاتب الاول في دورتين، و هو اختيار ينم عن رغبة قوية لدى الاتحاديين/ات في جعل التنافس بالاساس تنافسا ديموقراطيا و مشاريعيا، لا تنظيميا بحتا يتمركز حول " الاستقطاب" العددي و البشري للمؤتمرين /ات، و هو اختيار كذلك سيعطي مناعة قوية للكاتب الاول المقبل و شرعية حقيقية لاكثر من نصف المؤتمرين لا شرعية " الاقلية" كما كان معمولا به سابقا حيث يتم انتخاب كاتب أول بعدد أصوات قد لا يشكل 10 في المئة من المؤتمرين و بفارق بسيط قد لا يتعدى 20 صوتا، و يمكن العودة هنا للمؤتمر الوطني الثامن و لعدد الاصوات التي تحصل عليها المتنافسون للكتابة الاولى الاربعة و فارق الاصوات بينهم ليكتشف الجميع بأن "الشرعية" الديموقراطية و المنهجية التي تم اعتمادها في طريقة انتخاب الكاتب الأول " دورة واحدة و بأي عدد للأصوات تم الحصول عليها" تظل ناقصة و لا تعكس التمثيلية الحقيقية لرغبة المؤتمرين/ات. اننا اليوم أمام حالة فريدة سيحققها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ديموقراطيته الداخلية، و التي بلا شك ستشكل الأنموذج في التنافس العقلاني/الديموقراطي للحياة الحزبية الغربية، فكما كان الاتحاد الاشتراكي هو السباق في اقرار كوطا للنشاء ثم للشباب قبل ان يتم اعتمادها في قانون الاحزاب، و كما كان هو السباق في الدخول للمؤتمر بتعدد المرشحين....سيكون اليوم هو السباق في اعتماد منهجية اختيار الكاتب الاول في دورتين. ان اختيار الكاتب الاول للمؤتمر الوطني التاسع، هو اختيار يجب أن يحكمه منطلق رئيسي، منطلق كاتب أول بمواصفات رجل الدولة يمكن ان نستحضر هنا الكاتب الاول السابق الفقيد عبد الرحيم بوعبيد، و الذي كان فعلا يجسد هذا النوع من المسؤولين، كاتبا أول بمواصفات رجل دولة،قادر على قول "لا" عندما يتطلب الموقف ذلك، و اذا كانت الظروف السياسية التي مرت منها بلادنا في تلك الفترة قد خلقت رجلا مثل سي عبد الرحيم بوعبيد، فان الظروف اليوم ومع المتغيرات السياسية و الدستورية التي شهدها المغرب تجعل من أي كاتب اول سيتم انتخابه يجب أن يتوفر فيه مجموعة من المقومات ،أولها أن يكون رجل دولة، فاختيارنا اليوم لمن سيشغر هذا المنصب هو اختيار ليس فقط للاتحاديين/ات بل للمغاربة ككل، بسبب كون الدستور المغربي اليوم نص على أنه من سيحصل على أكبر عدد من المقاعد هو من سيتولى رئاسة الحكومة، عليه فاننا في جل الاستحقاقات التي سيدخلها حزبنا مستقبلا سيكون عين الناخب/ة، و المغاربة عموما مصوبة على/نحو الكاتب الأول للحزب، و سيكون الاتحاد يقدم الى جانب ناخبيه محليا و برنامجهم الانتخابي ملزما بتقديم صورة من سيقود المغرب و من سيتولى رئاسة الحكومة المغربية. الفكرة هنا، تنطلق من كون موقع الكاتب الاول اليوم و مع الدستور الجديد الذي أصبح فيه تعيين الحزب الحائز على المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية كاتبه الاول او امينه العام هو من سيقود رئاسة الحكومة، لذلك الى جانب اللوائح التي سيتم تقديمها ستكون صورة الكاتب الاول الذي سيتم انتخابه محددا في اختيار الناخبين، لانه سيكون هناك ربط حقيقي و قوي بين اختيار الناخب محليا و بين تأثير هذا الاختيار على منصب رئاسة الحكومة، لذلك و نحن نتجه للمؤتمر الوطني التاسع يجب أن يكون الاتحاد الاشتراكي من خلال مداولاته و أشغال مؤتمره يضع هذا المعطى الجديد في عين الحسبان، الاتحاد الاشتراكي ليس اليوم في حاجة الى رجل التنظيم، العارف بخباياه، و الذي قد تجد بصماته في حياة الحزب من الفرع الى اللجنة الادارية....من الشبيبة الاتحادية الى باقي القطاعات الحزبية الاخرى، الحزب ليس في حاجة لكاتب أول يتدخل لصالح جهة ضد أخرى فقط لتقوية موقعه ككاتب أول، نحن في حاجة الى رجل دولة قد لا يكون بنفس صورة الفقيد عبد الرحيم بوعبيد، لكن يجب أن يكون رجلا للدولة يحاورها، و يقنع المغاربة به و بكاريزميته....لا رجل تنظيم، لأن مهام التنظيم حسب الارضية التنظيمية ستكون من مهمة اللجنة الادارية، و المكتب السياسي. لذلك و نحن على بعد أيام من انعقاد المؤتمر الوطني التاسع، و في انتظار طرح الارضيات الانتخابية التي سيتعاقد بموجبها المرشح للكتابة الاولى، يجب ان يتم استحضار هذا المعطى الذي فرضه دستور فاتح يوليوز و التطور الديموقراطي الذي عرفته بلادنا و الذي يتعاطى معه الحزب بكل جدية و وعي في تجديد الحزب و دمقرطته.