على الرغم من أن مؤسسات استطلاع الرأي والمتتبعين٬ بمختلف تلويناتهم السياسية٬ يضبطون إيقاع الحملة الرئاسية التي تجمع بين الرئيس بارك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني٬ فإن الولاياتالمتحدة الأمريكية٬ وعلى عكس غالبية الديمقراطيات٬ لا تختار رئيسها بناء على انتخاب شعبي٬ ولكن بالاعتماد على نظام الهيئة الناخبة. وإذا كان هذا النمط الانتخابي يشكل موضوع نقاش حاد بين رجال القانون الدستوري والخبراء السياسيين٬ فإنه أثبت قدرته على مواجهة مختلف المحاولات التي تروم تعديله٬ وأضحى يمثل تعبيرا عن الإرادة الشعبية الساحقة٬ على الرغم من "الجدل" الذي أثير خلال انتخابات 2000٬ عندما حصل جورج دبليو بوش على غالبية أصوات الهيئة الناخبة٬ فيما عادت نتائج التصويت الشعبي إلى منافسه آل غور. حينذاك لم يتم الفصل بين المرشحين إلا عن طريق المحكمة العليا٬ التي وضعت ولاية فلوريدا وأصواتها ال25 في خانة بوش الابن. وفي إطار نظام الهيئة الناخبة٬ يصوت ناخبو كل ولاية٬ بالإضافة إلى العاصمة واشنطن دي سي٬ على ناخبين كبار يتكفلون في ما بعد بإعطاء أصواتهم لمرشح رئاسي معين. ويتم تحديد عدد هؤلاء الناخبين الكبار بناء على عدد سكان الولاية المعنية. ومنذ سنة 1964٬ حدد عدد الناخبين بهذه الهيئة في 538٬ ليصبح الفوز في الانتخابات رهينا ببلوغ الرقم السحري المحدد في 270 صوتا انتخابيا. وهكذا٬ يعقد الناخبون الكبار الذين وقع عليهم الاختيار اجتماعا بعواصم كل الولايات٬ في أول اثنين بعد الأربعاء الثاني من شهر دجنبر لانتخاب الرئيس ونائبه. وعلى الرغم من أن الأمريكيين يعرفون اسم المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية٬ في وقت متأخر من مساء يوم سادس نونبر٬ وفي الساعات الأولى من اليوم التالي٬ فإنه لا يتم الإعلان رسميا عن الفائز إلا بعد عقد جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس. وتنعقد هذه الجلسة عادة في السادس من يناير الذي يلي اجتماع الناخبين الكبار. ويعتبر الكثير من رجال القانون الدستوري الأمريكي أن الهيئة الناخبة٬ كمفهوم انتخابي٬ شكلت حلا توافقيا توصل إليه "الآباء" المؤسسون للولايات المتحدة من أجل منع الولايات الكبرى من احتكار العملية الانتخابية على حساب الولايات الصغرى. وقد وضعوا هذا المنهج لقطع الطريق أمام أي محاولة لتزوير الانتخابات٬ بحيث لا يمكن للحزب القوي في إحدى الولايات أن يعمل على تزوير صناديق الاقتراع٬ وبالتالي التأثير على التوجه العام للانتخابات الرئاسية.