كان من بين المشاهد الأكثر إثارة ورعبا بالنسبة للمواطن المغربي خليل. أ. الذي يشتغل بإحدى الشركات المالية النيويوركية٬ أن يتابع عن قرب من مبنى العمارة٬ التي يقطنها بالشارع رقم 40 بحي الأعمال بمانهاتن٬ انفجار محطة توليد الكهرباء الواقعة على مستوى أكثر انخفاضا بالشارع رقم 17 . لكن المفارقة العجيبة٬ كما كتب على صفحته ب"الفايسبوك"٬ هو أن التيار الكهربائي ظل قيد الخدمة في الطابق الذي يضم شقته٬ .. "كانت بالفعل معجزة حقيقية" بالنسبة له ٬ إذ أن جيرانه بدءا من الطابق الأول وإلى غاية الطابق 39 لم يكن حظهم مماثلا٬ مستحضرا ذلك المشهد السريالي للمباني الشاهقة وهي تختفي في الظلمة الواحدة تلو الأخرى٬ كما في الأفلام. فعلى طول الطريق من الشارع رقم 40 إلى أسفل مانهاتن اختفى التيار الكهربائي كليا٬ ويبدو أن عودته لن تكون وشيكة وقد تستغرق عدة أيام٬ بل أسبوعا كاملا٬ وعلى كل حال لن يكون بالمقدور٬ بحسب السلطات المحلية٬ إعادته قبل عطلة نهاية الأسبوع٬ وهو ما يستأثر باهتمام المئات بل الآلاف من ساكنة هذه المدينة. وتشتكي ليلى الصايدي٬ فنانة متخصصة في التصوير الفوتوغرافي٬ تقيم بالولايات المتحدة منذ بضع سنين٬ على صفحتها بالفايسبوك من انقطاع التيار الكهربائي والأنترنيت٬ وقرب فراغ شحنة هاتفها المحمول الذي تتواصل من خلاله مع العالم الخارجي٬ لكنها لم تكن أقل حظا من سابقها٬ إذ استطاعت على الأقل إبلاغ أصدقائها عبر الإنترنت بأنها قد اضطرت لمغادرة شقتها في الطابق 38 من المبنى الواقع غير بعيد من نهر هدسون والتوجه إلى الأسفل للمكوث بمكان أكثر أمنا. شانتال٬ يهودية مغربية تنحدر من مكناس٬ ترسل عبر صفحتها الفايسبوكية كلمة وداع لإعصار ساندي٬ بالقول إن الغيوم بدأت تتبدد شيئا فشيئا والرياح تهدأ٬ مع تقديم الوعد لأصدقائها في الشبكة أنها ستستطلع الأمر في الخارج وستخبرهم عن واقع الحال. وفي المقابل٬ كانت سوسن٬ طالبة مغربية تتابع دراسة تخصص التنمية الدولية٬ تتساءل عما إذا كانت ساندي قد أنهت غضبها٬ قبل أن تتمنى ليلة هانئة لأفراد الجالية٬ وتشكر الله على النجاة٬ لتتوجه مطمئنة البال لاستدراك ما فاتها من ساعات النوم حين ظلت مشدوهة لساعات طوال أمام الشاشة تتعقب عبر المواقع الإلكترونية كل ما يتعلق بأخبار إعصار ساندي. أما غيثة .ف. وهي إطار سامي في مجال المالية فقد ظلت٬ ولمدة 48 ساعة رفقة رضيعها الذي لم يتجاوز بضعة أشهر٬ متشبثة بالبقاء داخل شقتها بالطابق الثامن من المبنى الواقع بالجانب الغربي الأعلى من مستوى الشارع رقم 80. وأسرت عبر صفحتها أن الأضواء بدأت ترف وكأنها كانت توشك على الانطفاء لكن الله ستر ولم تصب بأي مكروه. القنصلية العامة للمغرب بنيويورك نفسها لم تشر إلى وقوع أي حادث يتعلق بإعصار ساندي. وقال القنصل العام للمملكة٬ محمد بنعبد الجليل٬ في هذا الصدد٬ إن المصالح القنصلية لم تسجل أي مشكل ذي أهمية بالغة وأن مصالحها توجد رهن الخدمة 24 على 24 وطيلة أيام الأسبوع٬ مؤكدا أن المداومة المتواصلة للشؤون القنصلية لم تسجل أي مشكل ذي بال. وبعيدا عن المناطق المعرضة للخطر كأسفل مانهاتن أو حي كوينز أو جزيرة لونغ٬ التي دفعت ثمنا باهظا بسبب الإعصار٬ فإن على سكان جزيرة مانهاتن٬ أن يكتفوا بخدمة نقل عمومية جزئية بدءا من اليوم الأربعاء٬ حيث ستظل المدارس مغلقة لليوم الثالث على التوالي كما هو شأن معظم الإدارات والهيئات٬ بما فيها الأممالمتحدة. وقال رئيس السلطة المكلفة بالنقل داخل نيويورك جوزيف لهوتا٬ في تصريح للصحافة٬ إنه على مدى 108 سنوات لم يواجه موظفو هذا القطاع كارثة من هذا الحجم. وأضاف أنه بمجرد أن يعود منسوب المياه٬ الذي وصل في بعض الأماكن إلى أربعة أمتار كرقم قياسي٬ إلى وضعه الطبيعي٬ سيتم ضخ الفائض ومراقبة الأنفاق. وقبل ذلك ستتم مراقبة وفحص ليس أقل من 6200 مترو و5600 حافلة نقل وأكثر من 900 كلم من المسارات السككية ونحو 468 محطة للمترو. المدينة٬ التي لا تنام٬ لم تنته بعد من لملمة وتضميد جراحها وتقييم خسائرها التي قدرها الخبراء بنحو 20 مليار دولار٬ لكن الدرس الذي لن تنساه الطالبة المغربية سوسن بخصوص إعصار ساندي هو الموقف الإيجابي لسكان نيويورك وتضامنهم في مواجهة هذه المحنة.