قال إبراهيم النوحي، صاحب متحف "الشيخ عمر" بإقليم طاطا والمتابع أمام القضاء العسكري بتهمة "حيازة ذخيرة حربية.."، إنه لا يخاف المتابعات القضائية وإن كانت أمام المحكمة العسكرية، وأردف الشيخ الذي يبلغ من العمر 81 سنة، ضمن تصريح لهسبريس، إنه "ألف المضايقات والمحاكمات منذ ستينيات القرن الماضي". "سي بيه"، كما يلقبه الطاطويون، كان يتحدث بصوت أتعبته الأعوام خلال ندوة صحفية عقدها بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، وهو الموعد الذي شهد مؤازرته بأعضاء من العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وكذا الهيئة المغربية لحقوق الإنسان إلى جانب المحامي حاتم بكار الذي هو أحد أعضاء هيئة دفاعه. لجنة التضامن مع إبراهيم النوحي قالت إن الرجل "يحاكم من أجل هواية أثرية قديمة.. منذ كان مكلفا بالوثائق والصور و الأفلام في جريدة التحرير، لسان حال الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، تحت إشراف الصحافي محمد الباهي و الراحل الفقيه البصري..". اللجنة أبدت استغرابها تجاه تحريك محاكمة من هذا النوع، واستنكرت مثول شيخ ثمانيني أمام القضاء العسكري لا لشيء إلاّ لفتح متحف في وجه العموم منذ سنة 2001، بإمكانيات ذاتية، يضم أزيد من 300 قطعة أثرية هي عبارة عن أسلحة وخراطيش غير صالحة للاستعمال وتعود لأفراد جيش التحرير إبان المقاومة، إضافة إلى ما تبقّى من مروحية أسقطها جيش التحرير سنة 1957 إثر هجوم على منطقة فم الحصن، وبقايا سيارة من نوع "جيب ويليس" غنمها جيش التحرير في معركة "أم لعشار" يوم 6 يونيو 1956. اللجنة ذاتها قالت، في نفس الندوة، إن الرجل يستحق التكريم، وهو في خريف العمر، على "المجهود الجبار الذي قام به لحفظ الذاكرة المحلية والوطنية" بدلا عن "جرجرته أمام المحاكم"بسبب ملكيته للفضاء المتحفي الشامل جناحا خاصا باليهود المغاربة وآخرا يعرض آثارا تؤرخ للعلاقة بين المغرب وتندوف والسودان بالإضافة إلى عدد من النقوش الصخرية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. ووصف المحامي حاتم بكار محاكمة النوحي ب "الاستثنائية"، وقال إن "القضاء العسكري هو قضاء استثنائي من حيث الاختصاص بمسطرة استثنائية و أحكام لا يمكن إلا أن تكون استثنائية".. عضو هيئة المحامين بالقنيطرة زاد، ضمن مداخلته بالندوة، أن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري "أمر غير مقبول لأنّه وجب تقديم الأشخاص الذين لا تربطهم علاقة بالمهن العسكرية أمام قضاء مدني". المحامي ذاته سجل عددا من العيوب الشكلية في الملف؛ منها الاستدعاء الذي توصل به إبراهيم النوحي و الموقع بصفة "الوزير الأول" بدل "رئيس الحكومة"، خاصة أن المسطرة تمت ما بعد استفتاء دستور فاتح يوليوز ودخوله حيز التنفيذ عقب نشره بالجريدة الرسمية. لجنة التضامن مع إبراهيم النوحي سردت أسماء عدد من الوزراء والسفراء و ممثلي المنظمات الدولية و المسؤولين المحليين و المنتخبين الذين توافدوا على المتحف طيلة العشر سنوات الأخيرة، كما قرؤوا على مسامع الحاضرين ارتسامات بعض المسؤولين المدونة في دفتر المتحف، ومنها ما كتبه أحد عمال الدّاخلية بسطره: "يمكن لإقليم طاطا أن يفتخر بمجهودات إبراهيم النوحي الذي يساهم في جمع وحفظ الذاكرة التراثية للمنطقة..". يشار أن إبراهيم النوحي سيقف من جديد أمام المحكمة العسكرية بالرباط يوم بعد غد الأربعاء، وهذا على خلفية الأسلحة التاريخية المحجوزة من طرف الدرك الملكي بمتحفه.. كما أنّ وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، وهي مؤسسة رسمية، سبق لها وأن وقّعت معه اتفاقية سنة 2008 من أجل "تهييء المتحف وإصلاحه والتعريف به، من خلاله تاريخ واحة أقا"، غير أن المشروع، الذي بلغت كلفته 150.000 حسب نص الاتفاقية التي تتوفر عليها هسبريس، لم ينجز منه سوى "سور".. ما دفع إبراهيم النوحي إلى التساؤل، في تصريحه لهسبريس، بقوله: "بْغِيتْ غِيرْ نْعْرْفْ فْلُوسْ هَادْ الْمْشْرُوعْ فِينْ مْشَاوْ؟".