أعلن نادي قضاة المغرب على تنظيم وقفة يوم 6 أكتوبر امام محكمة النقض بالمغرب، و هي الوقفة التي اختار لها شعارا ذي دلالة رمزية عميقة يعكس حجم التحول الكبير الذي يعيشه الجسم القضائي بالمغرب، هذه المرة يقوده القضاة المغاربة الذين قرروا منذ خطوة تأسيس النادي الى اتخاذ مبادرات تهدف للدفاع عن كرامة القضاء و القضاة، و عن حقهم الدستوري في الانتظام و العمل المدني/المهني ، و هو الشعار الذي يطالب ب" استقلال السلطة القضائية، و التنزيل الديموقراطي للدستور" مما يعكس التطور النوعي في مطالب نادي قضاة المغرب الذي يواكب التطور الدستوري بالمغرب و الذي نص- الدستور- و دفع بالارتقاء بالقضاء من جهاز قضائي الى سلطة قضائية مستقلة، وهي الاستقلالية التي تعني أن يكون القضاء المغربي ذي مسافة كافية ليمارس القضاة مهامهم بحياذية تامة عن باقي السلط التشريعية منها و خصوصا التنفيذية، و عن وزارة العدل و وزيرها التي اصبحت منذ حكومة التناوب وزارة سياسية تخضع للحزب القائد للحكومة. لذلك اذا كان هناك من مطلب استعجالي اليوم الذي يجب أن يتم تفعيله هو مطلب نادي قضاة المغرب و المطلب الذي يتقاطع اليوم مع باقي المواقف المعبر عنها منذ سنوات طوال من طرف مختلف القوى الحية بالبلاد، و جل المهنيين ذوي العلاقة بالجسم القضائي خصوصا الهيئات التمثيلية للمحامين، من خلال جمعية هيآت المحامين بالمغرب التي طالبت بنفس المطلب في جل مؤتمراتها و اخرهم المنعقد منذ سنتين باكادير الذي شدد على هذا المطلب، هو مطلب "استقلال السلطة القضائية" حتى يتم ضمان عدم استغلال القضاء من طرف الحزب الاغلبي المشكل للحكومة، و حتى تكون هناك ضمانة لهذه السلطة من أي تأثيرات سياسية قد يشهدها المشهد الحزبي ، البرلماني، الحكومي بالمغرب. اليوم وبعد أن أصبح مطلب " استقلال السلطة القضائية و التنزيل الديموقراطي للدستور" كيف يمكن التعامل مع هذا النادي؟ هل الاسلوب الذي تعتمده اليوم وزارة العدل من تضييق على القضاة المناضلين في النادي، وآخرهم الاستدعاء الذي تلقاه رئيس نادي قضاة المغرب الاستاذ ياسين الخلفي حيث تمت مساءلته حول بعض تصريحاته، و التي مباشرة بعدها اكد على" إن المطالبة باستقلالية السلطة القضائية لن يتم إلا بتقديم التضحيات والصمود في مواجهة أعداء بناء سلطة قضائية مستقلة ومنفتحة على محيطها المجتمعي، ومن جهة أخرى فإنه واهم من يظن أنه باستعمال أسلوب التضييقات و الملاحقات يستطيع مصادرة حلمنا و حلم كل المغاربة في سلطة قضائية مستقلة " وكذا ما تعرض له العديد من منخرطي النادي من قضاة المغرب، هو أسلوب يعكس وجود توجه محافظ برز وتقوى منذ تولي وزير العدل الحالي مصطفى الرميد وزارة العدل حيث عمد مباشرة بعد استوزاره في تناقض تام مع مواقفه السابقة أيام المعارضة، الى الاصطدام مع النادي و الاستخفاف به وبمنخرطيه، هو أسلوب " اسلوب التضييق" مناسب للتعامل مع الهبة التي يعرفها الجسم القضائي من خلال نادي قضاته في تناسق تام مع الدستور الذي كفل للجميع بما فيهم القضاة حق الانتظام في جمعيات مؤطرة لهم، و كذا في تناغم كامل مع ما جاء به الدستور من خلال تنصيصه على " استقلال السلطة القضائية"، هذا التوجه المحافظ الذي استغل لسنوات طوال القضاء وقام بتسخيره في محاكمات شهدها المغرب السياسي، ويمكن العودة لتاريخ المحاكمات الصورية التي تعرض لها المناضلون الديموقراطيون في محاكمات الستينات و السبعينات التي شكلت وصمة سوداء في التاريخ السياسي و القضائي بالمغرب، من خلال هذه محاكمات صورية لم تكن تحترم فيها أبسط حقوق الدفاع. هذا التوجه يريد الاستمرار في السيطرة على الجسم القضائي و التحكم فيه و التضييق على كل الاصوات التي قد تطالب باستقلاليتها المهنية عن الجهاز الوصي عليها، و ما يزيد من تقوية هذا التيار المحافظ هو تلكئ الحكومة و تباطؤها المتعمد في اخراج القوانين التنظيمية للدستور، في محاولة للانقلاب عليه من داخل الحكومة و تعطيل العمل به، خصوصا ما يمكن أن يدعم استقلال القضاء بالمغرب الذي يعتبر البوابة الرئيسية لتحقيق الامن ، العدل، و العدالة، اذا بدون وجود قضاء مستقل و قوي لا يمكن تحقيق أي مطلب من المطالب المتعلقة بدمقرطة المؤسسات بالبلاد خصوصا مع الاختصاص الواسع الذي أصبح لدى القضاة من خلال اشرافهم على العملية الانتخابية، كيف يمكن تصور اليوم أن يشرف القضاء على الانتخابات، و قضاته غير مستقلين في عملهم و تابعين لسلطة وزير العدل الذي هو في نفس الوقت وزير سياسي؟ كيف يمكن ضمان استقلالية القضاة و كل العمل الهام الذي يشرف عليه القضاة بالمغرب اليوم بموجب دستور فاتح يوليوز و القاضي يحس بنفسه مراقب و متابع بعين وزير متحزب؟ ان دعم مطلب استقلال السلطة القضائية و التنزيل الديموقراطي للدستور اليوم، هو الاسلوب الأنجع الذي يجب اليوم التعامل به مع نادي قضاة المغرب، لكون تحقيق مطلب " استقلالية هذا الجسم" هي مهمة استعجالية على كل المهنيين ذي العلاقة بالجسم القضائي خصوصا و عموم الديموقراطيين، القيام بها من خلال ضرورة الانفتاح على النادي و على مطالبه، و التأسيس لعمل نضالي مشترك مع نادي قضاة المغرب، لأنه تحول اليوم الى مطلب القضاة أنفسهم، و اول ما يجب الانتباه اليه و التنبيه اليه، و عدم الصمت عليه هو التضييق الذي يتعرض له القضاة مناضلوا النادي من خلال دفعهم الى تقزيم النادي و تحويله لأشبه بجمعية رياضية او ترفيهية لا مطلب لها. وقفة 6 أكتوبر ستظل وقفة تاريخية سيسجلها التاريخ القضائي و الدستوري بالمغرب، لأنها وقفة ستعمل على تكسير الصمت حول ما يتعرض له اليوم القضاة المناضلين من أجل " استقلال السلطة القضائية و التنزيل الديموقراطي للدستور" من تضييق، و ستجعل منه مطلبا جماعيا و مشتركا لمختلف الفاعلين من محامون، قضاة، كتابة ضبط و عموم الديموقراطيين في الدفاع عن المشروع الديموقراطي الذي سيظل غير كامل في وجود مجود جهاز قضائي غير مستقل و في ظل دستور معطل غير مفعل و غير منزل تنزيلا ديموقراطيا. *محام بهيئة تطوان