قال حزب العدالة والتنمية إن الشعب المغربي الذي اختار الإصلاح العميق في إطار الاستقرار، مدعو اليوم إلى مواصلة دعم هذا المسار الذي يُعتبر شريكا أصليا فيه، بشكل ديمقراطي وسلمي، وأن يُدافع بحماس عن التجربة التي انبثقت عن إرادته، والتي تمثل "فرصة لتحقيق العدل ومكافحة الفقر والبطالة وتشجيع الإستثمار والتنمية"، ولإنجاز الإصلاحات التي يتطلع إليها وتلبية انتظاراته "العادلة والمشروعة ضدا على المحاولات اليائسة للقوى المضادة للإصلاح"، مؤكدا في وثيقة أصدرتها أمانته العامة، واعتبرتها تشكل عناصر الكلمة التي كُلّف أعضاؤها بإلقائها في الجلسات الافتتاحية لمؤتمراته الجهوية التي يترأسونها، أن نزوع "البعض" إلى التحكم لم ينته، وأن سعيهم لإحياء "مناورات ودسائس" ما قبل الربيع الديموقراطي مازال قائما، ودليل ذلك حسب الوثيقة ذاتها، أن الحزب الذي تأسس لخدمة نزوع التحكم في إشارة واضحة لحزب الاصالة والمعاصرة، ما يزال موجودا بنفس هذا النزوع، و"لم يستطع طي صفحة مناوراته الفاشلة والتي كادت أن تلحق الضرر بالوحدة الوطنية وهددت أيضا استقراره وتسببت في هشاشة تماسكه في فترة اندلاع الربيع الديموقراطي وبروز حركة 20 فبراير". آليات "الخصوم" لإفشال الحكومة وأوضحت وثيقة الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن التجربة السياسية الجديدة التي يعيشها المغرب بقيادته، تتعرض لمقاومة مستمرة يفضحها القائمون على بعض الصحف والتي توظف في رأي قيادة حزب بنكيران، في الاستهداف المنهجي لتشويه الحكومة وضرب مصداقيتها والتشويش على إنجازاتها ومحاولة تضليل الرأي العام، وفي المقابل تضيف الوثيقة ذاته، هناك عدد آخر من الصحف رغم انتقادها ومواقفها من الحكومة، فهي معبرة عن الحراك الديموقراطي في المغرب، وعن الحاجة لصحافة حرة ومسؤولة "كمكون أساسي في الممارسة الديموقراطية"، مشيرة إلى أن سعي من وُصفوا بالخصوم إلى إفشال هذه التجربة، يمر عبر ثلاث آليات، حددت الأولى في محاولة إفساد العلاقة بين المؤسسة الملكية والحكومة عامة وحزب العدالة والتنمية خصوصا، وهي الآلية التي وصفتها الوثيقة بالبئيسة التي سبق تجريبها وفشلت في تحقيق أهدافها، "ولم تكن سوى مضيعة للوقت وجلبا للضرر للبلد"، وحددت الآلية الثانية في استهداف مصداقية الحكومة والحزب واستغلال أي شيء متهافت للتشويش والاستدراج للمعارك الهامشية وتضخيم القضايا الثانوية، معتبرة أن هذه الآلية وصلت حد توظيف قلة من الفنانين للمس بمصداقية هذا المسلسل الإصلاحي، أما الآلية الأخيرة من الآليات الثلاث المشار إليها، فحددتها وثيقة قيادة العدالة والتنمية في اللجوء إلى افتعال التوترات داخل الأغلبية الحكومية وتضخيم الاختلافات "العادية والطبيعية" بين أعضائها، ومحاولة التشويش عبر الزعم بوجود أزمة في الأغلبية الحكومية. رسالة إلى بوانو وأفتاتي وفي هذا السياق أكد الحزب الذي يقود الحكومة المغربية في كلمته المذكورة، أن التحالف الحكومي قوي ويشتغل بفعالية سواء على المستوى البرلماني أو الحكومي، موجها ما يشبه النداء إلى بعض أعضاءه، لعل النائبين عبد الله بوانو وعبد العزيز فتاتي في مقدمتهم، من أجل التحلي بالمسؤولية في التصريحات والمواقف، والتي "تلحق الضرر بهذه التجربة، ولا تعبر عن المواقف المعتمدة في الحزب، وتخدم عن غير قصد خصوم هذه التجربة". حصيلة الإنجازات الأولية للحكومة وعن الأداء الحكومي، قالت الوثيقة التي حصلت "هسبريس" على نسخة منها، إن الحكومة ستتقدم في الإصلاح وستستمر فيما سُمي العمل التشاركي رغم كل الإكراهات، ورسالتها هي "إصرار على إنجاح الإصلاحات واستمرار في العمل رغم المناورات"، مشددة على أن ما تسعى إليه الحكومة يتضمن سلسلة إصلاحات لمعالجة معضلات الشغل والإنتاج و إرساء سياسات كبرى وإطلاق مشاريع هيكلية تضمن نتائج على المدى البعيد، وتؤسس لمنطق جديد في التدبير الحكومي، "منطق ينبني على الوضوح والشفافية والنزاهة والنجاعة وإرساء آليات الحكامة الجيدة وذلك ضمانا لحماية المال العام وتسخيره في خدمة قضايا المواطن والوطن"، وعددت الوثيقة ذاتها إجراءات اعتبرتها تؤشر على إنجازات أولية للحكومة، منها على الصعيد السياسي والإداري، الشروع في ما وًف بأوراش مكافحة اقتصاد الريع وفق قواعد الشفافية وتكافؤ الفرص والمنافسة الحرة، وإطلاق مشروع إصلاح القضاء، وإحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات على القضاء دون انتقاء، ومنها على الصعيد الاقتصادي والمالي وفق ما ورد في الكلمة المصادقة على استثمارات بأزيد من 18 مليار درهم والبدء في ورش الإصلاح "العميق" للإطار القانوني للاستثمار، بالإضافة إلى الانخراط في حوار مع كل من النقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل تحفيز الاستثمار ومعالجة المشاريع المعرقلة وتعبئة الإدارة العمومية لمصلحة تسهيل مناخ الأعمال والإصلاح الضريبي. وأما إنجازات الحكومة على المستوى الاجتماعي فقد أشارت وثيقة الأمانة العامة لحزب المصباح، إلى ترشيد الإنفاق العمومية، والانكباب على اعتماد إجراءات اجتماعية همت صندوق التماسك الاجتماعي بغلاف مالي قدره 2,5 مليار درهم لدعم برامج المساعدة الطبية ومكافحة الهدر المدرسي، وإطلاق مشروع صندوق التكافل العائلي بغلاف مالي قدره 160 مليون درهم بهدف استيعاب 40 ألف امرأة مطلقة، فضلا عن "مكافحة آثار الجفاف في الأشهر الأولى من هذه السنة بغلاف مالي تجاوز 2 مليار درهم، ثم الرفع من منح الطلبة ب 50 في المائة وبغلاف مالي قدر ب400 مليون درهم"، بالإضافة إلى تسجيل بدء إصلاح صندوق المقاصة، مُقدرة ما قالت عنه تفهم المغاربة للقرار "المسؤول" المتعلق بمراجعة أسعار المحروقات، ومخبرة ببدء لجنة وزارية عملها لاعتماد نظام التحويل المباشر للأسر الفقيرة للدعم المالي كبديل يوازي المراجعة التدرجية لمخصصات صندوق المقاصة. الإصلاح متواصل رغم الهزات والحوادث وأوضحت الكلمة التي سيلقيها أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، المكلفون بالإشراف على مؤتمراته الجهوية التي انطلقت يوم 22 شتنبر الجاري، أن مقاربة الحزب في الإصلاح هي الإصرار والتدرج، متمضنة اعترافا صريحا بأن إرادة الحزب في الإصلاح كانت تريد الذهاب بوتيرة أسرع وأعمق، لكنها اصطدمت بتوازنات الوضع العام للبلد، وبوقوع هزات وحوادث فرضت عليه مراجعة مقاربته لوتيرة الإصلاحات، "وذلك في اتجاه التدرج والاستيعاب الضروري للصعوبات الفعلية عوض اللجوء إلى إعمال منطق الضغط والتنازع الذي قد يهدد هذه التجربة السياسية أو ينهيها"، مع مواصلة الإصلاح ب"عزيمة وإصرار، لكن مع التدرج والإعداد المحكم والإشراك الموسع لمختلف الفاعلين".