يقول رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح مسعود بوحسين، إن المسرح المغربي قوي بفردياته ضعيف بمؤسساته، وإن هناك إجراءين لتجاوز آثار ما وصفه ب"الدمار" الذي لحق بالجسم الفني إبان ولاية الوزير السابق، ويعتقد أن الصيغة التي جاء بها قانون الفنان هي صيغة توافقات، نابعة من الظرف الذي أنجز فيه، والذي كان يعرف تشرذما كبيرا في الساحة الفنية. ويرى مسعود بوحسين في حواره مع "هسبريس" بأن على الحقل النقابي الفني أن يجدد ذاته عن طريق الاعتماد على الأغلبية الصامتة والفاعلة المشهورين منها والمغمورين، وأن يواجهوا هذه الأقلية الانتهازية بأسلحتها"، وأن ما فعله حسن مضياف خطير ومسيء لصورة الفنان وهو سلوك يكرس صورة سلبية عن الفن، وأنه قد كذب على الشعب المغربي وخلط بين وضعه الصحي ووضعه الاجتماعي، وأن نقابة محترفي المسرح المغربي تدافع على أن تكون هناك حماية اجتماعية للفنانين و"هذا نقاش فتحناه منذ مدة وهناك ارادة حقيقية في هذا المجال. وفتحنا ملف التقاعد أيضا"، لكن ليس فقط من اجل حماية الفنانين الذين يعيشون مرارة الفقر في صمت منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، بل من أجل أن نسد الطريق على عقلية الاستجداء ايضا. بما أنك ممثل ومخرج ورئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، كيف ترى الحركة المسرحية في المغرب؟ من الناحية الفنية المسرح المغربي يعرف تراكما هاما وبروز أسماء جديدة إلى جانب جيل الرواد والوسط، وهذا شيء مهم تجاوزنا فيه مرحلة ما كان يسمى "بأزمة المسرح المغربي" في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، بدليل ان المسرح المغربي يلقى اهتماما كبيرا في المهرجانات العربية والدولية... وبالطبع هناك مستويات متفرقة في الاعمال المسرحية وهذا شيء طبيعي...غير انه لازلنا في حاجة الى بدل مجهود اكبر، كما ان الدولة يجب ان تقوم بواجبها ليس على مستوى دعم الاعمال المسرحية فقط والذي يبقى مبلغه هزيلا جدا، بل والقيام بمجهود على المستوى التشريعي والقانوني لان هناك خطرا يتهدد المسرح المغربي الذي يعيش الآن مرحلة مفترق الطرق، وضع الما بين لا هو بالمحترف ولا هو بالهاوي والحدود بين المجالين غير واضحة...لكن الآكيد والمؤكد أن المسرح المغربي لا يتوفر على الشروط التنظيمية التي من شأنها أن تبرز قوته الحقيقية. عندما تفكر فيه كفرديات قد تصدم لحجم الكفاءات المتناثرة التي يتوفر عليها. وفي هذا الباب المسرح المغربي قوي جدا من حيث كفاءة فنانيه، لكن ينقصه التنظيم والتأطير وهذه معضلته... المسرح في كل المجتمعات فن ينبني على المؤسسة ولحد الساعة هذا ما ينقصه مند استقلال المغرب. تنظيم قانوني وتأطير مؤسساتي يسمح بتجمع الكفاءات وبتظافر جهودها من اجل تطوير الجودة، لا بتشتتها. لقد كانت هناك محاولات في هذا الاتجاه واهمها بطاقة الفنان التي لازالت لحد الساعة فارغة من محتواها...طريق تطور المسرح والدراما عموما رهين بجعل هذه البطاقة شرطا اساسيا للحصول على الدعم العمومي، سواء في مجال المسرح أو الفن الدرامي عموما... لكن مع التدقيق في شروط منحها زيادة على البحث عن اطارات قانونية للفرق المسرحية المحترفية...واقرار دعم محترم للمسرح...واعتقد أن تاسيس الفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة ستلعب دور معهما في تأطير مجال المسرح من حيث الجوانب المؤسساتية والتدبيرية. في غياب ذلك سيبقى الوضع على ماهو عليه: تجارب مهمة الى جانب الرداءة والهواية بمفهومها السلبي...وفي جملة واحدة لحد الساعة: المسرح المغربي قوي بفردياته ضعيف بمؤسساته. وماذا فعلتم كنقابة لتجاوز هذا الوضع؟ لقد كانت لنا الشجاعة لنقول إن الدعم المسرحي بصيغته القديمة قد استنفد امكانياته وحقق اهدافه، وابرز عيوبا اخرى يجب تجاوزها. وذلك ابان الدورة الاولى للمجلس المركزي بمكناس 30 -31 اكتوبر 2009، وقد كان شعارها هو " نحو خطة وطنية لتأهيل قطاع المسرح". وقد بدلنا جهودا جبارة لاعداد مقترح لهذه الخطة، رغم أننا كنقابة نحن قوة مطلبية ولا يمكن ان نقوم بدور الجهات الوصية على هذا القطاع. وفي هذه الخطة توجد العديد من السيناريوهات المحتملة لاعادة هيكلة الحقل الفني المسرحي بما يراعي كرامة الفنان ويرفع من مستوى المسرح المغربي. الآن الخطة على مكتب السيد وزير الثقافة الحالي الذي اجتمعنا معه مدة بعد تنصيبه، وقد عبرنا له خلال هذا الاجتماع على ضرورة إصلاح هيكلي مهم لقطاع المسرح الذي يدخل ضمن اختصاصات وزارته، مع حل نقطتين استعجاليتين متعلقتين بإصلاح نظام الدعم الحالي وبطاقة الفنان وهما إجراءين لتجاوز آثار الدمار الذي لحق بالجسم الفني إبان ولاية الوزير السابق، ثم الانكباب على بعض التعديلات المرتبطة بقانون الفنان. فالإجراءان السابقان ساهمنا بشكل كبير في بلورتهما، فيما يخص الدعم المسرحي هناك تغيرات مهمة قد تفتح الباب امام افق جديد تكون بمثابة البداية لفتح نقاش حول الخطة التي اقترحناها، أما فيما يخص بطاقة الفنان فهي تتجاوز مجال المسرح والفنون الدرامية الى مجالات الفنون الواسعة وهذا اشكال كبير ينبغي حله. كيف ذلك؟ في اعتقادي أن الصيغة التي جاء بها قانون الفنان هي صيغة توافقات، نابعة من الظرف الذي أنجز فيه، والذي كان يعرف تشرذما كبيرا في الساحة الفنية، ولذلك كانت الحاجة من منطق البراغماتية السياسية إنجاز قانون عام لكل الفنون "ما يتقلق حتى واحد"، وقد كانت النقابات الفنية، حتى الجادة منها، مجبرة على قبول هذه التوافقات، لأنها لا تملك أية قوة ضغط حقيقية لأن المغرب وفي غياب تنظيم سابق وفي وقته "كله فنانة"، بدليل أنه حتى في حالته تلك لم يصدر إلا بعد أن هدد الفنانون بالخروج إلى الشارع. غير أنه بمجرد خروج الفانين إلى حيز التطبيق، تم الترويج له إعلاميا بشكل بالغ الإسراف، ونفس الشيء فيما يخص بطاقة الفنان فيما بعد، حيث برز مشكل تصريف أثر الاعتراف، اي ماهي انعكاسات هذا الاعتراف على الفنان. العمل النقابي الفني المغربي بمختلف تجلياته سواء الفنية وخصوصا المسرحية يعرف تشتتا وانقسامات، أنت كرئيس نقابة محترفي المسرح المغربي ما مدى مساهمة من خلال هذه الحالة في التأثير على هيكلة الحقل الفني بالمغرب؟ لا أغالي إن قلت أن العمل النقابي الفني هو من أصعب مجالات العمل النقابي، وذلك لكونك نقيب على قاعدة تتمتع بالشهرة، وبسهولة الولوج لوسائل الإعلام، وهذا يختلف عن النقابات العمالية مثلا، فالعامل المطالب بحق مجبور على التكتل مع زملائه، خلف قيادة نقابية لكي يحقق مطالبه، أما الفنان فبإمكانه أن يخرج للعلن ويقول للناس معاناته وما يريد. هذه نقطة ضعف ونقطة قوة. نقطة قوة لأن هي وسيلة ضغطه الأساسية، وهي نقطة ضعفه لأنه قد يستغلها لخدمة مصالحه التي قد تتعارض مع المصلحة الجماعية التي من المفروض أن تدافع عنها النقابات الفنية. ولذلك ففي المجال الفني المغربي لا يمكن اعتماد نفس منطق النقابات الأخرى التي غالبا ما يمكن اتهام قيادتها بالانتهازية في حالة الفشل أو التأخر في تحقيق المطالب، بل على العكس من ذلك الخطورة الكبرى هي عندما تكون في القواعد النقابية عناصر انتهازية سواء كانت في موقع القوة او موقع الضعف. إذا كانت في موقع القوة فهي عمليا تستفيد من الفوضى، أما اذا كانت في موقع الضعف فهي تدافع عن مصالحها الفردية من منطق "نزع الحق" لا الدفاع عن الحق. وبوضوح أكثر تتحدث بمنطق "مال هداك عندو وانا ما عنديش"... هذه الفئة لحسن الحظ قليلة جدا لكنها لسوء الحظ الأكثر ولوجا لوسائل الإعلام لأن في كلامها إثارة ودغدغة للعواطف، فهدف النقابات الفنية الجادة هي أن تحمي حقوق الجميع المادية منها والمعنوية دون أن يتم توظيفها في تحقيق مصالح فئة على فئة، كما أن وظيفتها ليست محاربة الناجحين، ولا سد الطريق على الطموحين في إبراز عملهم، بل حماية حقوق الجميع، ثانيا النقابات قوة مطلبية ولا تحل محل الدولة التي تجد نفسها في وضع مريح عندما تنقل المسؤولية الى الجسم الفني لكونها أيضا تخاف من الضغط الذي يمارسه عليها بعض الفنانين ولو كانوا مخطئين في تصوراتهم ولو عن حسن نية، ولذلك تجنح الى التوافقات والتوازنات " باش حتى واحد ما يتقلق"...وهذا يعطل مسلسل الإصلاح. إن سياسة التوافقات كانت أمرا واقعا في عهد الوزير الاتحادي محمد الاشعري، وقد كان من الناحية السياسية موفقا في الإمساك بخيوط هذه المعادلة الصعبة، رغم أن النتائج في هذه المرحلة محدودة. بعده حاولت الفنانة ثريا جبران الانتقال إلى مرحلة أخرى لكن المسلسل توقف بسبب متاعبها الصحية، وجاء بنسالم حميش فأعاد النقاش إلى نقطة الصفر، لأنه حاول اللعب على تناقضات المجال الفني التي سبق وأن أشرت إلى بعضها محاولا الاعتماد على الأشخاص مقابل المؤسسات النقابية عن طريق تذويب هذه الأخيرة وسط بعض الأسماء الموالية أو بعض النقابات التي ليست لها أية قاعدة من أجل الظفر بمكسب سياسي من قبيل الانتخابات بإحداث تغيرات شكلية... والآن مع الأستاذ أمين الصبيحي نحن في انتظار مسار جديد عبرنا عنه كنقابة في اجتماع رسمي معه وفي اجتماعات متعددة مع أطر الوزارة وعبر بدوره عن حسن النية وعن إرادة قوية للتجاوب مع مطالبنا، وبالفعل بدأنا الاشتغال على أهم الملفات العالقة في إطار لجنة مختلطة، إلا أنه مع ذلك نرى أنه لا بد من تسريع الوثيرة، ونحن ننتظر. يبدو في تحليلك أن الواقع الفني عنيد ومستعص على الحل... ما هو الطريق للخروج من "عنق الزجاجة" حسب رأيك؟ نظريا في ظرف وجيز يمكن حل المشكل...لأنه ليست الحلول ما ينقصنا. الحلول موجودة وكل النقابات الفنية الجادة والتي تتمتع بقاعدة حقيقية تتوفر على تصورات دقيقة، ربما أكثر من الأجهزة الوصية. لكن المشكل في تصريف هذه التصورات ونحن في النقابة المغربية لمحترفي المسرح نعتقد أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتم الا ب : أولا ، أن تتحلى الوزارة الوصية بالشجاعة السياسية الكافية، لأن وقت التوازنات قد انتهى مع محمد الأشعري. فمن يتحمل حقيبة الوزارة من الآن فصاعدا عليه أن يعلم أنه من المستحيل إرضاء الجميع.. ثانيا، أن يكون الحوار مبدئيا في القضايا الهيكلية الكبرى مع المؤسسات النقابية لا مع الفنانين الأفراد أو نقابات الأفراد التي لا قاعدة حقيقية لها عن طريق إعمال مبدأ النقابات الأكثر تمثيلية والذي يجب ان يتم بواسطة احتساب المنخرطين الحاصلين على بطاقة الفنان في كل تنظيم نقابي. ثالثا، الفصل بين العائلات أو القطاعات الفنية أو الفئات الفنية، لأن طبيعة الفنون تختلف من فن لآخر ومعها طرق مقاربتها تدبيريا زيادة على انسجام مخاطبيها. رابعا، الفصل بين الهواية والاحتراف، عن طريق معايير معتمدة على الكم والكيف وتواتر العمل والدخل الفني كشرط للحصول على البطاقة المهنية. من جهة أخرى على الحقل النقابي الفني أن يجدد ذاته عن طريق الاعتماد على الأغلبية الصامتة والفاعلين المشهورين منها والمغمورين، وأن يواجهوا هذه الأقلية الانتهازية بأسلحتها. كما على القيادات النقابية الجادة والنزيهة أن تتعلم الالتجاء إلى المحاكم لرد الاعتبار أمام كل اتهام باطل، لا فقط من أجل حماية القياديين الذي أهينوا ومسوا في كرامتهم ولكن لحماية المؤسسات التي تمس في مصداقيتها، لأنه وفي هذه الحالة حجم الضرر أكبر من مس الأشخاص لأنه لا يأتي من زيد أو عمرو، بل من شخصية مشهورة يصدقها الناس وهي تخلط الحق بالباطل .. ولكن العديد من الفنانين ينتقدون الهيئات النقابية بعد أن سدت أمامهم الأبواب وغير بعيد عنا حالة الفنان حسن مضياف؟ لقد أصدرنا بيانا توضيحيا في الموضوع، بعد أن ترددنا طويلا حتى لا يعيب عنا الناس ويقولوا "ما عذروه حتى في مرضو"، لكن المواجهة أصبحت اليوم ضرورية ليست مع مضياف ولكن مع الفكر الذي يقبع خلف هذه السلوكات والتي تضر بصورة النقابة ومناضليها الحقيقيين، بل وبصورة الفنانين عموما والمسرحيين على الخصوص، لقد حكى لي أحد الفنانين المعروفين أن أحد مواطنينا أوقفه ذات مرة لكي يأخذ معه صورة، وبعد أخذ الصورة مد له المواطن حزمة من الأوراق النقدية وقال له “هاك باش تعاون مع الزمان”. فغضب الفنان ورد له نقوده قائلا: أنا فنان خدام بحالي بحالك ماكنطلبش. وذات يوم نزلت بمحطة القطار بالدار البيضاء وأنا أحمل محفظة فسمعت احد الشباب يقول لصاحبه : "شوف ذاك الممثل هاز شكارة بحال الى تقول غادي لشي اجتماع". لم يفكر ذلك الشاب أن هذه المهنة درستها ولم يخطر بباله أبدا أني أحمل شهادة دكتوراه في المسرح ولا أنني مخرج أو أستاذ تمثيل، كل ما يعرفه أن الممثلين يلعبون وغير جديين. كما لم يخطر ببال المواطن الذي أهان الممثل دون أن يشعر، ولو عن حسن نية، أن هذا الفنان قد يكون من طينة أخرى، تلك الطينة التي تجمع رزقها بعرق جبينها دون أن تبذره يمينا وشمالا. لذلك فليعذرني من سوف يعتقد أن في كلامي قسوة ومن اعتبر ذلك فله ما يشاء... إن ما فعله مضياف خطير ومسيء لصورة الفنان وهو سلوك يكرس صورة سلبية عن الفن المغربي وهو السبب الرئيسي الذي يجعل العديد من الحقوق المشروعة تقدم بمنطق "عاونوا الفنانة مساكن"...ولذلك ما سأقوله تبرئة للفنانين النزهاء والشرفاء النجوم والمغمورين، والذين يقول عنهم السيد مضياف صحاب الكاشيات، وكأنهم سرقوها له من جيبه.. إذن معركتنا كنقابة ليست مع حسن مضياف ولكن مع سلوك يبدأ من السكوت على الذل في الوقت الذي تنبغي الثورة ضده في حينه، إلى الصرخة الأخيرة ديال “عتقوني وطحنو الباقي”... أولا أنا اعرف مضياف ليس هو من يكتب هذه البيانات، ولذلك وإن كان مريضا شافاه الله فحديثي مع من يكتب له. لأنه كذب على الشعب المغربي وخلط ما بين وضعه الصحي ووضعه الاجتماعي. السبب الثاني الذي سيجعلني لن أتساهل في هذا الموضوع هو أن النقابة ليست الحائط القصير الذي ينبغي أن يتحول الى شماعة لتعليق الإخفاقات الشخصية أو للإمعان في إثبات المظلومية. ولكي أدخل لصلب الموضوع لنطرح الأسئلة البسيطة التالية: إذا كان مضياف يشتكي من سوء حال الفنانين... لماذا بقي صامتا حتى الآن أليس من الأفضل أن يتعارك المرء وهو سليم معافى على أن يتعارك وهو طريح الفراش؟ أم أن السيد حسن مضياف يعتقد أن كونه فقط مريضا سيجعله في مأمن بأن يطلق الكلام على عواهنه، متناسيا أن حجم الضرر الذي يلحقه بالأفراد والمؤسسات كبير بحجم التعاطف الذي يحصده. لقد لعب السيد مضياف بطولة مسرحيات وأفلام ومسلسلات، أين ذهبت مداخيله؟ هل كان يلعب بالمجان؟ وإذا كان يلعب بأجور محترمة، لماذا لم يتمكن طيلة هذا الوقت من اقتناء منزل؟ هل كان يعمل بأجور زهيدة؟ إذا كان يعمل بأجور زهيدة، من كان يستغله ليريني فيلما أو مسلسلا أو مسرحية من إنتاج النقابة المغربية لمحترفي المسرح؟ هذه اسئلة بسيطة لكنها تبين إلى أي مستوى يجرنا الحديث في هذه الأحوال، وهو حديث مهما بلغ من الإسفاف نحن مجبرون للأسف على النزول إليه. ولكن النقابة من دورها أن تساعد الفنانين للوصول الى مكاسبهم؟ نعم لكن شريطة أن يكون منخرطا فيها، ويواظب على النضال فيها، النقابة ماشي هي "اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون"، و لذلك نسولو هو: آش عطا للنقابة؟ متى حضر اجتماعا أو شارك في وقفة أو قدم فكرة؟ النقابة لا تشغل النقابة هي الية للدفاع عن مصالح وحقوق الفنانين. من يشغله بشكل غير مباشر هو الدولة وجمهوره وبين الجمهور والدولة وسطاء هم اما فرق مسرحية أو مؤسسات تنفيذ الانتاج. لماذا لم يهاجم هؤلاء...أم لأنه يخشى منهم، ولذلك فالعارف بابسط قواعد العمل النقابي سوف يلاحظ أن هناك تحويلا للمسؤولية وضحكا على الدقون، و الا ما معنى أن يدعي وبنفس بطولي أن الفنانين يشتكون اليه من المسؤولين النقابيين والتعاضدية بدعوى أنها سبب مشاكلهم، وأردف بنفس بطولي أنه بعد أن قال لهم "نوضو غوتو"، كان ردهم حسب قوله: "إننا نخاف على مستقبلنا الفني ومصير أبنائنا، وذلك لأنه إذا تكلمنا جهارا وواجهناهم سيكون رد فعلهم حرماننا من الشغل وتعريض أسرنا للجوع. " يا سلام...هل النقابة شركة انتاج حتى تمنع من ينتقدها من العمل، كم غريب هذا الرجل ؟ انه يقول نفس الكلام الذي ما فتئت اصرح به للعديد من الصحف الوطنية، لكن مع تغيير مؤسسات الانتاج الجشعة بالنقابة. الى هذا الحد يتم استبلاد الناس...وهل هؤلاء الفنانون الذين يزعم بانهم يشتكون له، لا يعرفون الفرق بين النقابة ومؤسسات الانتاج... ولو افترضنا جدلا أن هذا حقيقي فهو امر خطير لأن الحد الادنى من نسبة الذكاء غير متوفرة حتى لحل القضايا العقلية البسيطة، فبالاحرى أن يكونوا فنانين يطلون على الشعب المغربي ويصنعون قيمه ولذلك فمثل هذا القول ليس مقبولا حتى باعمال المبادئ البسيطة للمنطق ولو كنت متيقنا انه صحيح والامر ليس كذلك، لقدمت استقالتي غدا لأنني لا اقبل أن اكون نقيبا على ضعيفي الذكاء. لقد كذب حسن مضياف حينما قال إنه غير منخرط في التعاضدية مبررا ذلك بموقفه من رئيسها، في حين أنه لما سقط مريضا، ثم تسجيله على عجل، رغم أن منطق التعاضد يقتضي أن يكون المستفيد منخرطا وأن يقضي مدة بعد انخراطه لكي يستفيد من خدماتها، لأنه لا يمكن أن تستفيد من مال لم تساهم فيه، علما بأن قسطا من ميزانية التعاضدية تمنحه الدولة، ولذلك فمساهمة الفنانين رمزية هي 700 درهم في السنة. إذن فحسن مضياف مسجل في التعاضدية، رغم أنه غير منخرط فيها قبل مرضه، وقد سجل دون أن يدفع سنتيما واحدا ولذلك عليه ألا يكذب على المغاربة ويقول ما عندي حتى شي تغطية صحية، وهذا في حد ذاته مشكل لأن قاعدة التعاضد هو أن تساهم حينما تكون معافى لكي تستفيد عندما تكون مريضا. وقد مر من مرحلة العلاج الأولى أيضا وقد استفاد من خدماتها إلى أن تماثل للشفاء وقد استبعدت العملية الجراحية التي لم تتم لحد الآن. لقد زعم ثانيا أنه محتاج لعملية جراحية تبلغ قيمتها 14 مليون بفرنسا، ولانني تتبعت حيثيات العلاج؛ لو كانت العملية ممكنة لتمت في المستشفى العسكري بالرباط وحتى ولو لم تكن ممكنة في المغرب هل ستتخلى عنه التعاضدية ؟ لا. لأن مجرد الدخول في مسلسل العلاج، يفرض العودة إلى المستشفى العسكري إن دعت الضرورة وهو بهذا المعنى أصبح حقا مكتسبا رغم أنه لم يساهم في تطبيب من سبقوه ومن سيلحقونه ولو بدرهم واحد. وما أقوله موثق في جرائد يشكر فيها النقابة والتعاضدية ويثني على المجهودات التي بدلها أطباء المستشفى العسكري معه الذي لقي فيه عناية كبيرة وقد دخله تحت نفقة التعاضدية، وقال إن الحسن النفالي الرئيس السابق للنقابة قد زاره، وأن بعض الفنانين ورطوه لأنه لم ينخرط في التعاضدية، بل وصرح لإحدى الجرائد مازحا "ايها الفنانون امرضوا راه كاينة التعاضدية". إذن ما الذي جعله يخرج إلى الناس ويقول أنا في حاجة إلى عملية جراحية “كتسوى 14 مليون” وهو بإمكانه أن يعود إلى التعاضدية الوطنية للفنانين؟ ولكنه اشتكى أيضا من مشكل السكن؟ ليقل أنه محتاج الى سكن عندها سيكون هدفه واضحا، اما التطبيب فهو مضمون... عندها سيكون أكثر عفة، وسيكون بطلا حقيقيا وسيدي ومولاي لو قال للناس: انا لا يهمني الوضع الذي أنا فيه ولكن تهمني الحالات التي تعاني في صمت أو التي ماتت بفعل الفاقة، عندها سوف يحقق ما يريد وسوف يفتح نقاشا عميقا عن مكمن الداء، وسوف نقول كلمتنا كنقابين، وسوف تقول القطاعات الوصية كلمتها، وسوف يساعدنا على حل المشكل، وسوف يكون الرأي العام كله مساندا لنا وسيكون ورقة ضغط حقيقية لفتح الملفات العالقة...عندها سيدخل التاريخ وسوف نتحدث عن مرحلة ما قبل مضياف وما بعد مضياف... هذه هي البطولة لكن للاسف اختار طريق الكذب و تصفية الحسابات بل وتبخيس المكتسبات المهمة التي حققها الفنانون بعد نضال طويل، لا يهمه أي شي، كلما ازداد خطاب المظلومية، كلما ازداد التعاطف...هو يريد أن يعطي الانطباع للرأي العام بأنه "ما معاه حتى واحد وما عندو حتى شي مؤسسة يلجأ ليها"...إنه انتهج سياسة الأرض المحروقة، ومع ازدياد التعاطف انقلب الخطاب الى واعظ و فنان ثائر وملتزم... لكي يبرر أن صرامته في اختيار الأعمال وجرأته هي التي جعلته يصل الى ما وصل اليه. الله اكبر!! كلنا نعرف مسار مضياف متى قدم فنا ملتزما؟ جل أعماله ومهما كانت قيمتها الفنية ليست فيها أية حمولة سياسية أو نقدية اجتماعية أو ثورية حتى يخرج على الناس ويلعب دور تشي غيفارا... وهذه النقابة التي يتهمها: كم مضى على عدم تجديد انخراطه بها، كم دفع من أجل صندوقها لما كان يشتغل...عندما يشتد الصراع مع الجهات المسؤولة: هل كان مضياف يحضر وقفاتها واحتجاجاتها؟ لقد أراد حسن مضياف أن يسترزق بمرضه وهذا ليس بطولة هذا كل ما في الامر. ولم تكن النقابة او التعاضدية وحدهما اللتان تنكر لهما، بل حتى أعز أصدقائه الذين كان يرافقه وهو فنان معروف وقد كان يرافقه في مرضى كالظل، هل كان هو نفسه يضمر له شيئا ملغوما مثلما اتهمنا؟ على السيد مضياف أن يعرف أنه غش المغاربة، لأنه بمجرد ما سجلت معه القناة الاولى التي تتحمل مسؤولية أخلاقية جسيمة لكونها أصبحت أداة لتسول الفنانين، علما بأنها من يشغلهم، بمجرد ما تم هذا التسجيل، قال هو نفسه بان المغاربة تعاطفوا معه، وبعد ذلك جاءت الرعاية الملكية السامية، ثم خرج مقال جديد وهذا هو الغريب يقول أن بعض الفنانين قرروا مساعدته من أجل شراء منزل ثم نشر صاحب المقال رقمين حسابين بنكيين لمن يريد مساعدته، والسؤال الأساسي: إذا كانت المدة الفاصلة بين خروج مضياف بحكاية العملية ذات الأربعة عشر مليونا وصدور الرعاية الملكية قد تلقى مساعدات كثيرة هو نفسه أقر بها، وأخذا بعين الاعتبار أن الرعاية الملكية السامية سوف تعفيه من تكاليف العلاج، هذا معناه أن النقود التي حصل عليها حتى ذلك الحين سوف تبقى فائضا خارج عملية التطبيب، فما الداعي إذن الى الخروج من جديد بعد الرعاية الملكية السامية، من أجل جمع تبرعات للسكن والحال ان ما جمعه من مال التطبيب لم يستعمل...هذه تجارة. بعد كل هذا هل بقيت في اتصال مع حسن مضياف؟ لقد بقيت في اتصال معه حتى خروجه الأول، وقد اتصلت به عبر الهاتف ونبهته أنه كان عليه أن يلجأ للتعاضدية فقال لي: "هما اللي خصهم يجيو عندي ماشي انا نمشي عندهم"...وهذا كلام غير منطقي، لأنه ليست هناك تعاضدية في العالم تبحث عن المرضى...ففهمت حينها أنه يبحث عن المال، وقد قلت مع نفسي ومع بعض الأصدقاء ربما يكون الدافع هو بحثه عن حل جذري، فاتصلت به وقلت له " يا حسن...قد تسيء لمؤسساتنا دون أن تدري...إن الرأي العام سوف يعتقد أن لا أحد معك" . وفي نفس الوقت كنت أنسق أنا والحسين الشعبي وعبد الكبير الركاكنة لتحريك عملية تضامنية لاقتناء منزل وكذلك كان يفعل النفالي وقد استمرت اتصالي به بعد ذلك، وقد حددت معه موعدا بالدار البيضاء لكي أزوره لكي أخبره بما توصلت إليه، لكنني لما اكتشفت حوارا آخر كان قد أجراه مع إحدى الجرائد، تيقنت أن الراجل "كبر كرشو". عرفت أن الرجل فضل الحلول الشخصية بما فيها من إساءة لصورة الفنان، مقابل حل معقول وفي اطار المقدور عليه... وهو بذلك ينتهج مسلكا أصبح يلجأ إليها بعض الفنانين وهو الخروج إلى الرأي العام سواء كانوا فقراء أو “ما قانعينش”، وهم بهذا المنحى يسعون إلى كسب تعاطف الرأي العام أو "كيطمعوا فشي حاجة اكبر"، ولكي يصلوا إلى ذلك دون أن يحرقوا أوراقهم، يلومون النقابة والتعاضدية ويحملونها كل المسؤولية ولا يلومون من يشغلهم، لأن المرحلة المقبلة في استراتيجيتهم، هي أن يعودوا دائرة الإنتاج الدرامي بمنطق "خدموه مسكين راه ما عندوش"، ولذلك ليس من مصلحتهم الدخول في صراع مع المتحكمين في دواليب الإنتاج، وعندما لا يجدون ما يعضون فيه يلتفتون للنقابة... وهم بذلك يصبحون أداة مسخرة في يد المتحكمين في دواليب الإنتاج بشكل تلقائي ولا عناء فيه ويضعفون أداتهم التي يطلبون منها أن تدافع عن حقوقهم...هذه الثقافة المبنية على استجداء الحقوق، يجب أن تنتهي.. الحقوق تنتزع ولا تستجدى...ماذا ربح المجال الفني من خرجة مضياف؟ هل هذا هو النقاش الحقيقي الذي يجب أن يطرح؟ كيف تعاملت معه وسائل الإعلام: هل فتحت ملف حقوق الفنان بشكل جدي؟ هل انتبه أحد أننا نخوض معركة شرسة حول ملف التقاعد وتحديد الحد الأدنى للأجور وعقود الشغل؟ ... ثم نداءاتنا المتكررة حول ضرورة إحداث مؤسسة للرعاية الاجتماعية للفنانين. كل ما بدا على السطح هو فنان يستغيت، كل ما ربحناه هو أن المسؤولين ذهبوا إلى عطلهم "وبقينا حنا كنجريو مع مضياف، باش يسبنا فاللخر..الله يجازيه بخير". ولكن الفنان حسن مضياف يتهمكم بأن أقمت له حفلا ملغوما حسب تعبيره كما أنكم كنتم تريدون أن تشتروا صمته؟ يضحك.... لماذا سنشتري صمته؟ "وشكون اللي كيخلصنا باش نخافو منو"...هذا العبث بعينه. نعم احتفلنا به، وهذا الاحتفال الذي يصفه الآن بالملغوم لم يقدره، ولم نكن مجبرين على إقامته أصلا، لأنه من الطينة التي تعتقد أن التصرف من منطق المبادرة دائما وراءه هدف خفي، إنه منطق المؤامرة ومنطق "وما خفي كان أعظم" ولو منحته عينيك. والدليل ما جاء به بيان مضياف حين يقول "عيب مسؤولينا النقابيين المن وكأنهم يتصدقون علينا من مالهم الخاص". صحيح انه مالنا الخاص.هذا معناه أنه يعتقد أن وظيفة النقابة هي العناية الاجتماعية بالفنانين، وأن الدولة تمنحها المال الوفير من أجل القيام بهذه المهمة، لا يا سيدي النقابة تدافع على أن تكون هناك حماية اجتماعية للفنانين وهذا نقاش فتحناه منذ مدة وهناك إرادة حقيقية في هذا المجال. وفتحنا ملف التقاعد أيضا، لكن ليس فقط من أجل حماية الفنانين الذين يعيشون مرارة الفقر في صمت منهم ومن قضى نحبه ومنهم من ينتظر، بل من أجل أن نسد الطريق على عقلية الاستجداء أيضا، والتي تسيء لسمعة الفنان المغربي وتعرقل مسيرة إصلاح هذا المجال، من حق المواطن المغربي أن يتساءل كيف لهؤلاء الفنانين ألا يحلوا مشاكلهم والكل يعرفهم ويقدرهم... ولم كان كاتب البيان حرا حينما أشار إلى الرسالة الملكية التي وجهها المرحوم الحسن الثاني الى المسرحيين المغاربة... في حين عقلية الاستجداء هي من أجهضها وهي في المهد لأن بعض العقليات الاستجدائية لم تر في الواحد في المائة التي وعد بها المرحوم الحسن الثاني سوى غنيمة يجب اقتسامها، في حين أن هذا المبلغ المهم كان يحتاج الى التفكير في قوانين ومؤسسات وأن المال العمومي هو للمسرح وليس للمسرحيين، أي أنه يجب أن يمنح مقابل عمل وليس أتاوات أو “تضويرة” أو من قبيل الإحسان... وقد كنت واعيا لما انتخبت رئيسا للنقابة المغربية لمحترفي المسرح بهذه الثقافة، وكانت محور الكلمة التي ارتجلتها مباشرة بعد انتخابي وهو أن الحقوق تنتزع ولا تستجدى، وألححت أن الدفاع عن الحقوق يحمي صورة الفنان التي ينبغي ان تبقى نظيفة...كلما بقيت صورة الفنان في هيبتها، كلما استمع له الناس بشكل أفضل، ولهذا نحن لا نقبل مثل هذا السلوك.