قال عبد الفتاح الفاتحي، الباحث المتخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، إن مضامين تقرير مؤسسة "روبرت كنيدي" المنحازة لجبهة البوليساريو الانفصالية لم تكن مفاجئة، لا سيما أن تصريحات رئيستها كشفت على أن التقرير كان مُعَدا سلفا بتنسيق مع الناشطة الصحراوية "أميناتو حيدر" قبل وصول وفد المؤسسة إلى الأقاليم الجنوبية. وأشار الفاتحي، في تصريحات لهسبريس، إلى كون روبرت كيندي استبقت عمل وفدها بتصريحات كشفت عن الطبيعة السياسية لأجندة وفدها تحت عباءة حقوقية، حينما عبرت عن نيتها في توسيع صلاحية البعثة الأممية إلى الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهي نية تتوافق كثيرا مع توجهات البوليساريو والجزائر". وتابع المحلل بأنه من الطبيعي أن يكون التقرير الأولي لمؤسسة كيندي ذا نزعة سياسية، كان الشق الحقوقي فيه مجرد ادعاء يُشرعن طبيعة العمل السياسي لوفدها، وتداعيات تقريرها على قضية النزاع في الصحراء. ويشرح الفاتحي بأن الوفد قد حضر أيضا إلى المغرب متأثرا بشحن ادعائي قوي ناتج عن العلاقة التي تجمع هذه المؤسسة بأميناتو حيدر وبالبترودولار شركة النفط الجزائرية، ولذلك انتفت الموضوعية والنزاهة والحياد التي كان يجب أن تؤطر برنامج عمل الوفد الحقوقي الأمريكي". ولفت المتحدث إلى كون برنامج الوفد لم يخْلُ من انتقائية، بعدما دُبِّج بتصريحات سياسية لرئيسة مؤسسة كينيدي موالية لأطروحة البوليساريو والجزائر من النزع في الصحراء؛ مما جعل تقريرها محكوما بعمى الألوان، فلم يميز بين الشق الحقوقي والشق السياسي للنزاع في الصحراء ومعايير تهيئ تقرير عن حالة حقوق الإنسان بالصحراء. واسترسل الباحث بأن تحامل وفد هذه المؤسسة تجلى أيضا في ترتيب الجماعات المراد لقائها والأماكن الواجب زيارتها، فإذا كانت قد تمكنت من زيارة سجون بالمغرب حيث التقت بمعتقلين، فإنها بالمقابل تحاشت زيارة سجن ولد الرشيد السيئ الذكر، كما لم تبحث موضوع مآلات الأطنان من المساعدة الإنسانية المسروقة. وسجل الفاتحي بأن التقرير لم يُشر أيضا إلى قضية مصطفى سلمة ولد سيدي مولود، حيث تزامنت زيارة وفد مؤسسة كينيدي مع رغبته في العودة إلى مخيمات تندوف بعد حوالي سنتين من مغادرتها بسبب اعتقال جبهة البوليساريو له، وإبعاده قسرا عن المخيمات بعيدا عن أسرته في المخيمات، وتسليمه للمفوضية السامية لغوث اللاجئين على الحدود الشمالية لموريتانيا بعد شهرين من الاعتقال والإخفاء القسري. وجدير بالذكر أن "مؤسسة روبرت كينيدي" أعلنت أخيرا في تقرير أولي نُشر في ختام زيارة لمنطقة الصحراء أن المغرب "لا يحترم حقوق الإنسان في هذه المنطقة التي يسودها جو من الرعب بسبب وجود الشرطة في كل مكان"، وفق تعبيرات التقرير الذي ردت عليه الحكومة المغربية بكونه يؤشر على "الطابع المتحيز لهذه المنظمة".