من أوصى "الروبيو" صاحب الكشك المعروف بقلب شارع محمد الخامس بالرباط بإخفاء، وبالضبط التعتيم على كتاب "مجموعة مراكش... تجربة اعتقال قاسية" لمؤلفه حسن أحراث؟ سؤال قد يجيب عنه "الروبيو" نفسه في وقت من الأوقات، وقد تظهر الحقيقة قبل ذلك... وما قام به "الروبيو" مع هذا الكتاب الصادر سنة 2012 سبق أن قام به مع كتاب آخر لنفس المؤلف تحت عنوان "مجموعة مراكش، انتفاضة يناير 1984، معركة الشهيدين بلهواري والدريدي" والصادر سنة 2006. لقد تفهمت الأمر بالنسبة للكتاب الأول، لأني قمت بتوزيعه بشكل شخصي، حيث يمكن أن يسبب ذلك بعض الإحراج للسيد "الروبيو" مع جهات معينة، مع العلم أن الكتاب يحمل رقم الإيداع القانوني. أما الكتاب الثاني الذي يحمل بدوره رقم الإيداع القانوني، فقد قامت بتوزيعه شركة في وضعية قانونية، ورغم ذلك "اختار" صاحب الكشك المذكور عدم عرضه الى جانب باقي الكتب والمجلات والجرائد. وعندما تسأله عن الكتاب، يجيب: "كاين، واش نجيبو ليك"؟ ولا أعتقد أن بعض النسخ من الكتاب (حجم متوسط) ستأخذ من المساحة ما يضيق به الكشك أو صدر السيد "الروبيو"!! إنها محنة قاسية أخرى من بين المحن القاسية التي يعانيها ضحايا القمع السياسي في صمت، الى جانب كل من أختار قول الحقيقة ومناهضة الظلم والفساد والإجرام... إنها محنة إغناء الذاكرة وكتابة التاريخ بالدم والعرق والأظافر... وفي سياق نفس المحنة والتضييق، توجهت بداية الى الشركة العربية الأفريقية للتوزيع والنشر والصحافة (سبريس/SAPRESS)، بمقرها الرئيسي بالدار البيضاء، في شخص أحد مسؤوليها، السيد الوردي، فتسلم نسخة من الكتاب مرحبا. وبعد حين (يومين)، طبعا بعد قراءته، اتصل بي هاتفيا معتذرا عن قرار "رفض توزيع الكتاب"، لأن الشركة حسب نفس المتحدث لا تنشر هذا النوع من الكتب بسبب عدم الإقبال على اقتنائها/قراءتها!! إن التعليمات تتخلل كل المرافق، وتكذب كل الشعارات، وتفضح الحماة المزورين لحرية الرأي والتعبير والإبداع والصحافة...