لما غادر الإيطالي روبرطو دالبوسكو (الصورة) مدينة مانطوفا الصغيرة ،الهادئة ،بشمال إيطاليا متوجها نحو روما رفقة أصدقائه لقضاء ليلة رأس السنة ، لم يكن يتوقع أبدا أنه في طريقه نحو صناعة الحدث، إذ في يومه الثاني وبينما يتجول في ساحة نافونا تأخر عن أصدقائه منشغلا بإعداد ألة التصوير فوق الأرجل الثلاثة ، لتصوير نافورة الماء وفيما يشبه الحلم وجد نفسه وجها لوجه مع برلوسكوني، رئيس الوزراء آنذاك،دون تفكير طوح بأرجل المصورة اتجاه الرئيس وبسرعة البرق ارتمى عليه الحراس ، شلوا حركته وأسلموه إلى الشرطة حيث قضى ليلة رأس السنة في مخفرها رفقة المحققين.. "" بقدر ما انهالت على برلوسكوني الذي أصيب بجرح في عنقه ،تحت أذنه اليمنى ،وهو في المستشفى لإجراء الفحوصات، رسائل ومهاتفات التضامن رغم كون بعضها لم تخل من تشفي وخاصة تلك التي كانت من معارضيه ، كان دالبوسكو يتلقى بدوره رسائل التشجيع والمؤازرة أبرزها مثلا : نحن كلنا دالبوسكو. أحد الإيطاليين حلف اليمين أن يشتري مصورة بثلاثة أرجل تزن سبعة وأربعين كيلو،يغرز فيها المسامير ،وينتظر أن يحظى بشرف ملاقاة سيادة الرئيس لكي يرديه قتيلا.. في صباح اليوم الموالي ما إن أطل دالبوسكو برأسه من باب السجن وقد رأى الحشد الهائل من الإعلاميين ووسائل ومعدات الإعلام بانتظاره حتى تمتم : أماه، أماه ، ياللكارثة ماذا فعلت..!! أجابه أحدهم مازحا : لقد ضربت السيد الرئيس أعرف، أعرف ، وأين أصبته..؟ في عنقه ياللمصيبة ، أتركوني الآن لابد أن والداي قلقان بشأني، أنا ابنهما الوحيد. قل لنا ماذا جرى..؟ سأله آخر. لاشيء ،لم أكن أتوقع أن أجدني يوما وجها لوجه مع رئيس الوزراء ،كيف حصل ذالك ولماذا أنا بالضبط..!! تخيلت كما لو أنني أشاهد التلفزة، لم أتمالك نفسي فوقع ما وقع. عاد دالبوسكو إلى بلدته وقبل محاكمته وأسوة بالبابا والتركي على أجكا فقد عفا عنه برلوسكوني،رغم أنه عفو لا يخلو من بروباكاندا PROPAGANDA والإنتخابات كانت على الأبواب، لكن لنتخيل أن هذا حدث في دولة عربية هل كان الأمر سينتهي بهذا الشكل..!؟ أليست البروباكاندا عندنا أن يموت دالبوسكو شر ميتة ليكون عبرة للآخرين وإلا تخلص المواطنون من أشيائهم مع مرور أول موكب رسمي قرب بيتهم..والحراس الذين يمتلكون كل الصلاحيات إلا ادخار أرواح البشر هل كانوا تصرفوا بهذه الطريقة..؟ أما كانتأطلت علينا نشرة الأخبار بهذا النحو : " قتل اليوم شخص حاول الإعتداء على فخامة الرئيس ،وقد أصيب بعض المارة بجراح أحدهم في حالة حرجة " وليت الأمريتوقف عند هذا الحد ، بل قد يطال البطش كل أقرباء ومعارف وأصدقاء الجاني ،والقاطنين قرب بيته ،والناظرين في وجهه، والجالسين بجواره أوحتى المارين بجنبه ومن يحمل وإياه صدفة نفس اللقب..وسيعم الغضب والسخط والتهميش كل المنطقة التي يقطنها ،والتي ينحدرمنها ،فيشرد شبانها فقرا وعطالة ،وتغتصب فتياتها ،وتدنس أعراض نسائها ،أما رجالها فيتم خصيهم كما تخصى البغال في الأسواق ،حتى لاتسول لهم أعضاؤهم اللعينة،الإتيان بمثله.. عبد الله تاغي-إيطاليا