عن دار النشر "فري موسكتيرز" الهولندية يصدر في شهر أغسطس القادم كتاب 'عبد الكريم الخطابي: مسار محارب من أجل الحرية‘، وهو ترجمة لكتاب علي الإدريسي: عبد الكريم الخطابي التاريخ المحاصر. مئات الكتب صدرت في جميع اللغات عن حرب الريف التحريرية وقائدها 'الأسطورة‘ عبد الكريم الخطابي، ما عدا في اللغة الهولندية. "جاء الكتاب بجديد ولذلك قررت ترجمته"، يوضح مترجم الكتاب الدكتور مصطفى أعراب. تاريخ محاصر سال كثيرا من المداد في وسائل الإعلام كتاب علي الإدريسي عن الشخصية الكاريزمية عبد الكريم الخطابي حين صدوره عن دار نشر 'تيفراز‘ في المغرب عام 2008، بالنظر لما يحمله من معطيات 'جديدة‘ حول شخصية عبد الكريم الخطابي الذي قاد حرب مقاومة ضد الاسبان والفرنسيين في العشرينات من القرن الماضي، وأقام لبنة لنظام سياسي تحت اسم: جمهورية الريف. وقد أسهم الكتاب في إعادة النقاش حول فكرة أساسية: لماذا الإصرار على محاصرة عبد الكريم الخطابي؟ وبالنظر لأهمية مضمون النقاشات التي أثارها الكتاب منذ صدوره حتى الآن والترحيب الذي حظي به ليس فقط لدى الباحثين والمهتمين بتاريخ المغرب المعاصر، ولكن حتى لدى القطاع العريض من المغاربة في الداخل والخارج، ارتأى مصطفى أعراب خوض غمار نقله إلى اللغة الهولندية حيث تقيم جالية مهمة من أصل مغربي. "إلى حدود اليوم ليست هناك أية وثيقة؛ كتاب أو أي شيء من هذا القبيل باللغة الهولندية حول عبد الكريم الخطابي. يوجد ما يقرب من 1700 كتاب، بحسب ما رصده المؤرخون، عن عبد الكريم الخطابي بلغات كالإنجليزية والإسبانية والفرنسية والعربية، لكن ليس هناك أي كتاب باللغة الهولندية عن هذه الشخصية ولذلك قررت ترجمة هذا الكتاب، ونظرا كذلك لمضمون كتاب علي الإدريسي لأنه أتى بجديد". بحث عن الهوية يعتقد المترجم أن كتابا عن شخصية مثل عبد الكريم الخطابي التي شكلت وعي الجيل الأول من المهاجرين المغاربة إلى هولندا، سيسهل بالتأكيد عملية البحث عن الهوية لدى الجيل الثاني والثالث من أبناء المهاجرين، لأن "معرفة التاريخ تعوض نقصان الهوية"، بحسب مثل هولندي معروف و "كلما تعرف الهولندي المغربي الأصل على تاريخه، كلما تعززت هويته أكثر"، يوضح السيد أعراب في تصريح لإذاعة هولندا العالمية. تنتمي الغالبية العظمى من أبناء الهجرة المغربية في هولندا لمنطقة الريف بشمال المغرب، ويُلاحظ في العقدين الأخيرين اهتمام متزايد للشباب الذين لا يعرفون بلدهم الأصلي إلا من خلال الزيارات الخاطفة في العطل الصيفية أو من خلال قصص الأمهات والآباء، بتاريخ "الأجداد". يتجلى هذا الاهتمام في الأنشطة الثقافية المتواترة من تنظيم جمعيات مغربية في مختلف المدن الهولندية أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الكثيرة. مسار فضل المترجم تسمية الكتاب: 'مسار محارب‘ بدل 'التاريخ المحاصر‘ كما كان في الأصل. ويعلل أعراب اختياره بقوله: "لاحظت أن الكتاب عبارة عن رصد مختصر لتجربة عبد الكريم الخطابي من البداية وحتى النهاية؛ من الإرهاصات الأولى للمقاومة حتى وفاة الخطابي في القاهرة (1963). وما بين البداية والنهاية هناك تجربة عظيمة جدا، هي مسار حياة رجل دافع بالغالي والنفيس من أجل حرية البلاد وحرية الوطن وحرية الشعب". هذه هي التجربة الأولى لمصطفى أعراب في نقل كتاب من العربية إلى اللغة الهولندية، ويتمنى أن يواصل مساره في الترجمة التاريخية، ولكنه لا يستبعد أن يركز في المستقبل على الحقل الإسلامي، "لأنني ألاحظ أن الشباب المغربي في هولندا مثلا يستقي معلوماته عن الإسلام إما عن طريق دعاة يأتون من الشرق أو من الانترنت". مؤرخ أفكار جاء مصطفى أعراب للترجمة وحقل التاريخ من الفلسفة، فهو دارس للفلسفة الأوربية المعاصرة وتخصص في الفلاسفة الفرنسية التي مثلها ميشيل فوك وجاك ديريدا وغيرهما. فما الذي دفعه ليخوض مع الخائضين في حقل التاريخ؟ "أستحضر وبكل تواضع ما قاله ميشيل فوكو حينما رفض أن يعتبر نفسه فيلسوفا بل 'مؤرخ أفكار‘. فعلا، فقد تحول العديد من الفلاسفة إلى قراءة التاريخ ليسوا كمؤرخين ولكن فلاسفة يحللون الوقائع التاريخية. الفيلسوف لا يؤرخ ولكنه يحلل وقائع وهذا ما أفعله". *يُنشر بالاتفاق مع إذاعة هولندا العالمية