شدد مغاربة هولندا في الذكرى الخمسين لوفاة زعيم الريف عبد الكريم الخطابي مطالبتهم كلاً من فرنساواسبانيا المستعمرتين السابقتين للمغرب بكشف المخفي من ارشيف منطقة الريف وزعيمها عبد الكريم الخطابي، والاعتذار علانية ورسمياً عن استعمال الغازات السامة لقمع ثورة الريف وبالتالي التعويض عن الأضرار المتأتية عن هذه الإبادة التي لا تزال آثارها ومخلفاتها السلبية تتمظهر بين الأجيال الجديدة من أهل الريف. وقد جاءت هذه المطالب بمناسبة الاحتفالية التي نظمتها مؤسسة "ثويزا" الأحد الخامس من مايو بالعاصمة الهولندية امستردام وتجاوبا مع فعاليات عام "2013 سنة الخطابي" والتي تسعى الى تخليد خمسينية الزعيم الراحل عبد الكريم الخطابي المتوفى سنة 1963 في منفاه بالقاهرة. وحضرت على شرف هذه التظاهرة المؤرخة الاسبانية "روزا ماريا دي مادارياغا" و الباحث المغربي علي الادريسي، صاحب كتاب "عبد الكريم الخطابي، التاريخ المحاصر. تخليد وبين حسين بولشيوخ احد المنظمين لهذه التظاهرة انها تهدف بالدرجة الاولى الى تخليد الزعيم الراحل الخطابي، ودعم المجهودات المبذولة لكشف الارشيف المخفي من تاريخ منطقة الريف، اضافة الى ربط الاجيال الجديدة من ابناء منطقة الريف بتاريخهم وهويتهم. وفي كلمتها أمام الجمهور أكدت المؤرخة الإسبانية روزا ماريا دي مادارياغا على البعد الدولي في ممارسة وتجربة زعيم الريف عبد الكريم الخطابي، وبينت ان بعض الوثائق التاريخية من بينها الرسالة التي بعث بها الخطابي إلى عصبة الأمم آنذاك يطالب فيها بالاعتراف بجمهورية فيدرالية قبائل الريف تؤكد انتماءه للمنظومة الدولية. وقالت انه يلح في هذه الرسالة على رغبة جمهوريته في حسن التعامل مع البلدان المجاورة من ضمنها إسبانيا التي كان يحاربها. عالمية وبينت المؤرخة ان رسالة عبد الكريم الى عصبة الامم تؤكد التزام جمهوريته بكل الالتزامات والمواثيق الدولية الحديثة وفتح مجال التعاون الثقافي والتجاري على وجه التحديد. كما أبرزت المؤرخة التي تخصصت في تاريخ الريف المغربي في وثائق الارشيف الاسباني أن عبد الكريم رحب بالشركات الدولية التي كانت ترغب في الاستثمار في المعادن والثروات الباطنية لمنطقة الريف. ولم تخف المؤرخة اكتشافها للطابع الحداثي العالمي لما يطرحه الخطابي حيث كان يركز بحسب قولها على طبيعة نظام سياسي وإداري شبيه إلى حد كبير بنظام مصطفى كمال أتاتورك في تركيا. كما أوضحت المؤرخة أن الوثائق التاريخية التي بين يديها تبين البعد القانوني لهذا الرجل وعزت ذلك الى طبيعة التكوين القانوني لهذا الزعيم. غازات سامة وحول ما طرحه الحضور من وجود كتب ومخطوطات وما استنتجته بعض الابحاث من استعمال اسبانيا للغازات السامة في الريف الاوسط والغربي حيث تتمركز الثورة وحيث يتوقع ان يكون الخطابي متواجدا وقتها، قالت المؤرخة الاسبانية أن العديد من المؤشرات ترجح الاستعمال للغازات السامة ، غير انها تجنبت الجزم وتركت الامر مفتوحا لمزيد من البحث والتنقيب من قبل الخبراء والدارسين. خذلان وتحدث الباحث المغربي علي الادريسي، صاحب كتاب "عبد الكريم الخطابي.. التاريخ المحاصر" عن مواقف النسيج السياسي المغربي للإرث السياسي والنمط التحرري لمنهج عبد الكريم الخطابي واصفا اياه بالخذلان والممانعة والمقاطعة عبر التاريخ والتي ما تزال بحسب قوله متواصلة الي اليوم. وعزا از الإدريسي إحدى أسباب المقاطعة إلى الطابع الثوري لفكر عبد الكريم في مقابل أسلوب المهادنة لأقطاب الحركة الوطنية بالمغرب الى اليوم. واعتبر الإدريسي أن عبد الكريم الخطابي قاد حربه ضد الإسبان والفرنسيين دون باقي قيادات المغرب قائلا: "لقد كلفه ذلك المنهج التحرري الحصار والمنفى". وألمح الادريسي الى أن الأمر بلغ بسلطان المغرب آنذاك "السلطان يوسف" أن هنأ فرنسا في 14 يوليو بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي كلاً من فرنساوإسبانياً عن انتصارهما على زعيم الريف". محاصرة وعن الاسباب التي تقف وراء تهميش وإخفاء ارشيف الخطابي الى الان اوضح الدكتور مصطفى اعراب المهتم بتاريخ الريف المغربي أن مرد التهميش والتعتيم والإخفاء تعود الى وجود لوبي فرنسي بالمغرب والمعروف بأصدقاء فرنسا يخاف من انكشاف خذلانه وتحالفه مع الاستعمار الفرنسي ضد مصالح الوطن. وبين ان هذا اللوبي ما يزال يتحكم إلى حدود اليوم في دواليب الدولة واقتصادها وخياراتها، وبين ان نفض الغبار على الأرشيف السياسي لعبد الكريم وفتحه للباحثين والمختصين سيكون تعرية لهم، ولذلك يصرون على عدم ايلائه اي اهتمام، إن لم يسعوا الى ابادته. وبين اعراب ان اسبانياوفرنسا يمكنهما ان تكفرا عن ذنبها تجاه اهل الريف بتعويضهم عن الابادة والتهميش بتعويضهم بمستشفيات عصرية تنقذ الاجيال الحالية والقادمة من اثر سمومهم، والمساهمة في تعمير المنطقة التي بقيت مهمشة. نصر الدين الدجبي - اذاعة هولندا العالمية /