ينطلق اليوم، الجمعة، المؤتمر السادس عشر لحزب الاستقلال، بالقاعة المغطاة لمجمع الأمير مولاي عبد الله، بالرباط، وسط أجواء التنافس الحاد بين اسمين بارزين داخل حزب "الميزان"، هما حميد شباط، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، وعبد الواحد الفاسي، نجل علال الفاسي الزعيم التاريخي للاستقلاليين الذي أكد ل"هسبريس" أنه يهيئ نفسه للترشح والتنافس على منصب الأمانة العامة للحزب. وسيكون المؤتمر السادس عشر محطة فاصلة لتحديد مسار الحزب مستقبلا في ظل تواجد مرشحين يمثلان تيارين مختلفين داخل الحزب، إذ أن حميد شباط الذي يمثل "التيار العروبي" المدعوم من طرف أسماء بارزة بالحزب مثل عبد القادر الكيحل رئيس الشبيبة الاستقلالية، وعادل بنحمزة الاسم البارز بالحزب، وكذا حمدي ولد الرشيد الرجل القوي بالصحراء، بالإضافة إلى خديجة زومي التي تجر خلفها القطاع النسائي داخل الحزب، ورئيس الفريق البرلماني الاستقلالي نور الدين مضيان، زد على ذلك دعم وزير الصناعة التقليدية عبد الصمد قيوح، ورئيس الاقتصاديين الاستقلاليين عادل الدويري، وكلها أسماء من المرجح أن تقلب أي معادلة محتملة لانتخاب الأمين العام القادم للحزب. هذا في الوقت الذي لا يخفي عبد الواحد الفاسي ثقته في نفسه للوصول إلى أعلى قمة هرم الحزب من خلال الأسماء التي تساند تشرحه، والتي يقودها سعد العلمي وأحمد توفيق احجيرة وعبد الكبير زاهود، ونزار بركة، وإلى حد ما وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو، كما يعتمد نجل علال الفاسي على الدعم المطلق الذي يبديه له الأمين العام الحالي عباس الفاسي، الذي دخل في صراع خفي منذ أشهر مع حميد شباط، بدأت العديد من تفاصيله تطفو على السطح. ولم تخف العديد من الأسماء داخل حزب الاستقلال تخوفها من فشل المؤتمر السادس عشر وما يمكن أن يصل إليه الحزب في حالة الشكوك التي قد ترافق إعلان الأمين العام الجديد، خصوصا وأن الصراع بين حميد شباط وعبد الواحد الفاسي حول الأمانة العامة قسّم الحزب بشكل "فضيع" إلى تيار "عروبي" وآخر "فاسي" مما جعل بعض الأصوات تطالب بتقديم محمد الوفا وزير التربية الوطنية والسفير السابق بالبرازيل لترشيحه، بما أنه يمثل تيار الوسط، الذي بإمكانه أن يحتضن كل الاختلافات بكاريزمة يحتاجه الحزب في هذه الفترة الدقيقة التي يمر منها، في ظل غياب زعماء تاريخيين لهم الشرعية في قيادة الحزب إلى بر الأمان. وبدأت أولى خرجات حميد شباط، في سباقه نحو الرئاسة، بتوجيه "سهام" نقذه اللاذع إلى عبد الواحد الفاسي والتيار الذي يسانده بأن دعا إلى الكف عن سيطرة العائلة الفاسية لحزب الاستقلال مشيرا في نقذه الموجّه إلى من يساند عبد الواحد الفاسي إلى أن "دولا كانت تحكمها عائلات سقطت"، ومذكرا بأن "حزب الوفد في مصر انهار لأنه بني على الأوهام وعلى العائلة". عمدة مدينة فاس، والكاتب العام للإتحاد العام للشغالين بالمغرب، انتقد، أيضا، حشو اسم علال الفاسي في السباق نحو رئاسة الحزب، معتبرا أن "هذا الرجل (علال الفاسي) هو ملك للأمة، وأن عائلته هي موروث للحزب". قبل أن يبدي ثقته في الفوز، بعد أن اعتبر انه لم يخض أي معركة في حياته وخسرها. في الجهة المقابلة، استبعد عبد الواحد الفاسي أن يدخل في لعبة التصريحات ضد شباط، معتبرا أن لا مشكل لديه مع الأخير وانه هو (أي شباط) من له مشكلة معه شخصيا لأسباب يجهلها، وذلك في حوار أدلى به ل"هسبريس" قبل يومين من المؤتمر. نجل علال الفاسي، ذكر أيضا أنه قدم ترشيحه، لأنه يمثل شريحة كبيرة من مناضلي الحزب الذين طلبوا منه أن يتقدم لسباق الأمانة العامة منذ سنة 2007 لأن الظرفية الحالية تتطلب نموذجا من الأشخاص ربما، حسب رأي المناضلين، قد يكونوا مثلي. يقول عبد الواحد الفاسي في ذات الحوار مع "هسبريس". وبين ترشيح حميد شباط لنفسه في سباق الأمانة العامة، وطموح عبد الواحد الفاسي لقيادة أعرق حزب بالمغرب، بدأ النبش في القوانين المنظمة للحزب التي يمكن أن تطيح بكلا الاسمين من سباق الرئاسة، بعد أن سرى الحديث عن عدم قانونية ترشيح حميد شباط لعدم توفره على عضوية ولايتين باللجنة التنفيذية، وهو ما جعل شباط نفسه يُقّلب في تفاصيل مماثلة قد تفيده في "الحرب" الخفية التي بدأت بين المترشحين للإطاحة "قانونيا" ببعضهما البعض. من جهة أخرى، تحوم في الكواليس العديد من السيناريوهات المحتملة للمؤتمر السادس عشر، حيث بدأت بعض الأسماء تتحدث من الآن على أن حميد شباط يرمي من خلال ترشحه للأمانة العامة لتحسين موقعه في الحزب والضغط لإيجاد دعم كامل من جميع الأطراف داخل "الاستقلال" في مواجهة المشاكل التي بدأ يعانيها مع المحاكمات المتوالية لأبنائه، وهي المعطيات التي رجحت أسماء عديدة داخل الحزب بأن تكون كفيلة بجعل حميد شباط ينسحب من السباق نحو الأمانة العامة في اللحظات الأخيرة من المؤتمر لدعم عبد الواحد الفاسي أو محمد الوفا في حالة ترشحه. غير أن هذا السيناريو الرائج بقوة بين الاستقلاليين حسمه شباط نفسه في ندوته الصحفية يوم الأربعاء الماضي، حينما أكد "أن لا شيء سيمنعه من سباق الرئاسة إلاّ الموت". وبين مختلف السيناريوهات المحتملة للمؤتمر السادس عشر يبقى الأكيد هو أن حزب الاستقلال سيجدد دماءه، بعد سنوات من الترهل السياسي، و"الكسل" في إنتاج الأفكار التي كانت تجعل من حزب علال الفاسي الأعرق بين كل المكونات السياسية بالمغرب.