لايوجد في سجن طنجة كما أشارت إلى ذلك تعليقات القراء و"هسبريس" تحاور طليقته التي تعيش في ليبيا لم يكُ فؤاد أيت القايد معارضا سياسيا ولا مناضلا يساريا ولا متزعما لعشيرة متطرفة، لم يكن فؤاد أيت القايد زعيما يهدد أمن الدولة، لم يكن إرهابيا يخطط لنسف مكان ما. لم يكُ فؤاد سوى نغما ليليا يؤنس الساهرين في وحدتهم، ويشارك السامرين طول ليلتهم وقلة شمعهم. لم يكن سوى ذلك الصوت الدافئ الذي تسمله غشاء أدنك في ليلك البهيم وتأثمنه على أسرارك بلا وجل.. لم يكن سوى سمير ليلنا في زمن جميل تمنايناه أن يعود. فأين اختفى؟ وأي أرض ابتلعته ؟ أي قبو غيبه؟ أو أي طائرة حملته بعيدا، وأي باخرة قطعت به نحو مكان بعيد؟ فؤاد أيت القايد : قصة مذيع ناجح خرج ولم يعد إزداد فؤاد أيت القايد سنة 1957 جنوب المغرب. من عائلة عريقة مارست السلطة ومثلت المخزن زهاء 350 سنة بوادي درعة انطلاقا من قصبة تمنوكالت الشهيرة، التي ما تزال شاهدة على تاريخ قديم. والده محمد الشافعي أول مسؤول عن حزب الإستقلال بالمنطقة، سخر مساكنه كمدارس للساكنة، وساهم في بناء مدارس في درعة منذ فجر الإستقلال. كان في شبابه مولوعا بأغاني سيدة الطرب أم كلثوم وما يزال يحتفظ بالعديد من الأشرطة التي يحفظ أغانيها. وُلد فؤاد سنة 1957 بقرية تامنوكالت التابعة حاليا لإقليم زاكورة. سنوات بعد ذلك سوف ينتقل الأب ( محمد الشافعي ) رفقة أبنائه فؤاد ، فيصل وعبد الحكيم وثلات أخوات إلى الدارالبيضاء لإمتهان التجارة. تابع فؤاد دراسته بجد و مثابرة إلى أن حصل على شهادة الباكالوريا سنة 1979 بثانوية ابن ثومرت بالدارالبيضاء. ثم التحق بالمعهد العالي للصحافة الذي تخرج منه سنة 1983 . التحق للعمل بالإذاعة الوطنية سنة 1984 منشطا ومذيعا لبرنامج ناجح يدعى سمير الليل. سافر للعمل في بريطانيا ليعود مجددا للإذاعة الوطنية كما اشتغل بالتلفزة المغربية أيضا، حصل على جائزة أحسن منشط وأحسن منتج لبرامج إذاعية سنة 1993. عندما تغيب الحقيقة تتناسل الإشاعات والأكاذيب مباشرة بعد صدور المقال المنشور في هسبريس عن مقدم سمير الليل فؤاد أيت القايد، توصلتُ كما توصلت عائلته بوجوده في مؤسسة سجنية بطنجة. تعليقات القراء العديدة انصبت كذلك في هذا الإتجاه. انتقل أفراد من عائلته نحو طنجة يوم 25 يونيو الجاري وسألوا مدير السجن بطنجة عن نزيل مفترض يدعى فؤاد أيت القايد. حسب ما صرحت به عائلته ل''هسبريس '' فإن مدير هذه المؤسسة السجنية نفى نفيا قاطعا أن تكون المؤسسة قد استقبلت في يوم ما سجينا بهذا الإسم. ليست هذه الإشاعة الوحيدة التي تداولها الناس في مجالسهم فهناك الكثير منها، وأشهر هذه الإشاعات تقول عن فؤاد أيت القايد كونه فُصل عن عمله واعتقل سنة 1997 مباشرة بعدما استجاب لرغبة مستمعة، اتصلت به على أثير برنامجه الشهير وطلبت منه أن يذيع أغنية نجاة اعتابو " خليت ليك الله يا الظالم" ، بعدما أخبرت المستمعين بأنها زوجة معتقل سياسي. فؤاد المعروف بطيبوبته ورقته وتجاوبه الكبير مع المستمعين استجاب لرغبتها وسمح لنجاة اعتابو أن تخاطب الذين اعتقلوا زوج المستمعة المتصلة وتقول لهم بملء الفم: "خليت ليك الله يا الظالم"، ومن يومها بَاتَ وما أصْبَحَ. هذه الرواية وجدت من يصدقها خاصة وأن هذه الحقبة كان وزير الداخلية إدريس البصري مسؤول عن الإعلام ولا يسمح ببث أي شيء خارج عن توجه الدولة مهما صَغُر سواء في الإذاعة أو التلفزيون.. لكن ذلك كله ليس صحيحا. في الصورة فؤاد أيت القايد رفقة الصحافي فاروق الدمرداش في هيئة الإذاعة البريطانية يوم 19 شتنبر 1988 قصة فؤاد كما ترويها عائلته بالمغرب تزوج فؤاد مرتين. أنجبت له زوجته الأولى بنتا سماها نديجدة وأنجبت له زوجته الثانية محمد ولمياء. كان زواجه الثاني سنة 1991 بداية الخلاف بينه وبين عائلته، لكنهم احترموا رغبته وقراراته الشخصية. لكن هذا الزواج أبعده عن عائلته وبدأت تتلاشى الروابط بينهم. إلى أن قرر السفر سنة 1998 وكان ذلك آخر عهدنا به. ظل بعض الإتصال بيننا قرابة سنة ؛ علمنا بعد ذلك بأنه طلق زوجته الثانية أيضا، لكننا لا نعرف بعدها مصيره ومكان تواجده وانقطعت بيننا سبل الإتصال. في اتصالنا المستمر بعائلة أيت القايد الموزعة بين الرباط وأكذز، كانت سنة 1998 آخر محطة تواصل بينه وبين عائلته، لينقطع الخيط الرفيع الذي يربطه بعائلته التي تقيم في المغرب. ربطنا الإتصال بأولاده الذين يعيشون في ليبيا وطليقته الثانية حسناء المتزوجة من مواطن ليبي وحملنا إليها نفس الأسئلة الشائكة التي ظلت بلا جواب. أين فؤاد أيت القايد؟ طليقة فؤاد من ليبيا: أعداء النجاح دفعوه ليترك وطنه حاولت "هسبريس " الوصول إلى من يمد متتبعي هذا المذيع الناجح بمعلومات تساعد في فك طلاسم اختفائه دون أن يترك رسالة لأحد. ربطنا الاتصال بطليقته حسناء وأم أبنائه لمياء ومحمد التي تقيم حاليا بليبيا والمتزوجة من مواطن ليبي. تحكي لهيسبريس قصة هذا المذيع الذي كان في يوما ما يأسر قلوب المستمعين في برنامجه الشهير سمير الليل: '' تزوجت بفؤاد سنة 1991. كان حينها مذيعا بالإذاعة الوطنية بالرباط، كان قبلها قد اشتغل في هيئة الإذاعة البريطانية فترة وعاد للرباط. كان يعد ويقدم وينتج كذلك برامج للإذاعة الوطنية. حقق برامجه نجاحا كبيرا، وباتت له قاعدة كبيرة من المستمعين في مختلف شرائح المجتمع المغربي. سنة 1993 فاز بجائزة أحسن منتج ومنشط للبرامج، فتحركت الغيرة في نفوس أعداء النجاح. كانت المضايقات كثيرة ولا تطاق كما صرحت بذلك طليقته حسناء ل'هسبريس '. فتقدم بطلب الإنتقال للتلفزة، وعاد بعدها للإذاعة. "كان لديه فكرة إنجاز برنامج ترفيهي يحمل إسم بطاقات، عرض فكرة البرنامج على مديره، ليفاجأ بعدها بأن صحفية أخرى أنيط بها تقديم البرنامج". احتج فؤاد على ذلك وطالب بإضافة اسمه كمعد للبرنامج على الأقل ولا بأس أن تقدمه الصحفية الأخرى، فقوبل احتجاجه بالمضايقات آخرها إرساله إلى مصلحة الأرشيف إمعانا في إذلاله. بعدها قالوا له '"إذهب إلى منزلك إلى أن نسأل عنك " وأوقفوا راتبه. لما سأل في الإذاعة عن سبب توقف راتبه الشهري أجابوه "إنك مطرود"، دون أن يتوصل برسالة الطرد ومستحقاته عن العمل في الإذاعة. كان هذا سنة 1995 . تواصل المتحدثة لهسبريس. "طرقنا أبوابا كثيرة دون جدوى، تخلى عنا الجميع، سنتين ونحن نعيش وضعا ماديا مزريا لا يطاق، انتهت المدخرات التي وفرناها وبدأنا في بيع آثاث المنزل، فلم يكن بد من الرحيل ومغادرة البلد الذي ولد فيه فؤاد وولدت فيه أيضا وأحببناه وأحببنا أهله، ولم يكن مسؤولوه يبادلوننا نفس الشعور". في فبراير 1998 غادرنا المغرب في اتجاه ليبيا كنت أنا وفؤاد و ابني محمد وابنتي لمياء وكان عمرهما حينها على التوالي 6 سنوات و 4 سنوات. تلقى فؤاد بالديار الليبية ترحيبا كبيرا لم يتلقه في بلده واشتغل بإذاعة صوت إفريقيا التي تبث برامجها من طرابلس. لقد كان المذيع الوحيد الأجنبي من بين طاقم من المذيعين الليبين. أنيطت به برامج ثورية وتقديم نشرات الأخبار. لماذا إذن لم يستمر في العمل في ليبيا مادامت أوضاعه جيدة كما تقولين؟ أسألها. "لم يبق فؤاد في ليبيا سوى أقل من سنتين. كان يرى في ليبيا محطة عبور نحو بريطانيا، الدولة التي أحب مُدنها وتأثر بثقافتها واشتغل فيها نهاية الثمانينات. كان يقترح علي كل مرة الرحيل نحو لندن وكنت أرفض خوفا على أبنائي، هو يصر على الرحيل كطائر لا يحب الأقفاص، وأنا أتشبث برأيي في البقاء في ليبيا. تزايدت هوة الخلاف بيننا وقررنا معا الإنفصال من بعضنا وحدث الطلاق بالتراضي". أين ذهب فؤاد أيت القايد بعد ذلك؟ يوم 24 أبريل من سنة 2000 هاجر فؤاد ليبيا في اتجاه مالطا. ومنذ ذلك الوقت لم أعرف عنه أي خبر. هل لديك معلومات ممكن أن تفيد في البحث عنه؟ تجيبني: المعلومات التي لدي لن تفيد في إيجاده، لكنها ممكن أن تبين حجم الظلم الذي لحقه عندما كان بالإذاعة الوطنية. لكن أمنيتي أن يظهر ويكشف الحقيقة بنفسه. فؤاد أيت القايد : أسئلة عالقة لم تجد مجيبا حرصا منا بإحاطة الموضوع من جوانب كثيرة فقد ارتأينا الإتصال بمصادر عديدة، ومنها قسم الموارد البشرية بالإذاعة للحصول على تواريخ دقيقة عن التحاق فؤاد بالإذاعة الوطنية إلا أن السيدة التي تجيبنا تقول بأن السيد رئيس القسم في اجتماع. لكن السيد امبارك أيت القايد قريب فؤاد المختفي في تصريح لهسبريس قال "أخبرني موظف في قسم الموارد البشرية بأن فؤاد أيت القايد كان يشتغل بالإذاعة ثم التحق بالتلفزة بعدها عاد للإذاعة في 3 يناير 1986. وقد انتظرت الإذاعة عودته، لكنه لم يظهر ولم يتم طرده لكنه لم يلتحق بعمله منذ مدة طويلة". أين اختفى فؤاد منذ سنة 2000، السنة التي تؤكد طليقته بأنه كان في ليبيا؟ وهل غادر فعلا ليبيا في اتجاه مالطا في 24 أبريل من تلك السنة أم أنه اختفى في ليبيا؟ ما مصيره بعد 12 سنة من الغياب ؟ غيابه هل هو اختياري أو قسري؟ أسئلة متناسلة كثيرة لم نجد لها جوابا بعدما ضاع كل ما يربطنا بوجهته لتضل الحقيقة مؤجلة إلى حين وصول نداء أمه المريضة التي تنتظره بشغف أم فقدت إبنها، وإخوته وأخواته الذين يتمسكون بكل أمل في رؤيته مرة أخرى، وإلى أن يصل هذا النداء الذي تصر ابنته لمياء ذات 18 ربيعا والتي تتابع دراستها بمدرسة للطيران بليبيا على أن أنشره هنا : ‘' أبي العزيز.. إني أحبك، أحبك كثيرا. وكنت طوال هذه الفترة أفكر فيك، وأدعو الله دوما أن أجدك يوما.'' [email protected]