هناك أكثر من كرة ترميها الجزائر في الملعب المغربي انطلاقا من تصريحات رسمية أو عبر مقالات إعلامية، والملاحظ أن الحكومية المغربية والإعلام المغربي يتعامل مع تلك الخرجات الجزائرية بنوع من عدم الاكتراث رغم أن بعض التصريحات أو المقالات -انطلاقا من الجزائر- في جوهرها غير بريئة وعلى خلفيتها تُحمّل المغرب ما تعتقد أنه يجري وراء حدوده وحده، وتستصدر بذلك عذرا للإستمرار في إغلاق الحدود منذ أحداث " أطلس إسني" الإرهابية والتي قام بها مواطنون من أصول جزائرية سنة 1994. آخر ما رشح من الجانب الجزائري هذه الأيام " تسويقه بطريقة فنية " تجهيزه لحرس حدوده بنظام مراقبة إلكتروني حديث في إطار محاربته للجريمة المنظمة والتهريب . فما معنى هذا ؟ ففي الظاهر يفهم المتلقي أن الجزائر تقوم بمجهودات لمراقبة حدودها ، وهو أمر لا يجادل فيه عاقل . لكن خلفية التسويق تخفي اتهاما مبطنا للمغرب " كمصدر" للجريمة المنظمة وكذلك كمنبع للتهريب ، وكأن الجزائر لا توجد بها أعشاش الجريمة المنظمة ومواطنوها منزهون عن التهريب . وكأن كذلك الجزائر تغتنم -كل كبيرة وصغيرة ، وكل إنجاز ولو تجهيز حرس حدودها بسيارات رباعية الدفع - لتلطخ سمعة المغرب والمغاربة ولتتهمهم بالتهريب وبالجريمة لتكون " حجتها" أمام المطالبين بفتح الحدود بين الدولة الجزائرية والدولة المغربية. إن الجزائر سلطة وإعلاما تفكير واحد وعقيدة واحدة في التعامل مع الشأن المغربي ،والهدف هو التشويش على المغرب ، وتشويه صورته في أعين الجزائريين وغير الجزائريين . فهي تحاول عبر وسائل إعلامها واختراقات للإعلام الدولي إظهار المغرب وكأنه مملكة التهريب وعش الجريمة المنظمة ، ومصدر قلق الجزائريين . في حين تحاول الجزائر إظهار نفسها على أنها – بريئة براءة الذئب من دم يوسف- وهي فقط في حالة دفاع عن شعبها بطرق متحضرة . لكن الوقائع اليومية ومحاضر حرس الحدود الجزائريين أو المغاربة تقول غير ذلك . إذ هناك حقائق لدى درك الحدود عن وجود جزائريين ومغاربة يحترفون التهريب ، لكن الإعلام المغربي يتشبث بتبرئة الجزائري "المهرِّب" بينما يلصق التهمة فقط بالمغربي لغاية في نفس يعقوب يريد قضاءها. وما الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام الجزائرية أو المغربية إلا خير دليل على وجود شبكات تهريب جزائرية منظمة تهرب للمغرب الزيت الملوث، والوقود المليئ بالرصاص ، والأدوية المنتهية الصلاحية ، والأقراص المهلوسة وأقراص الفياغرا المهيجة ،وخردة العديد من الأدوات التي تستعمل في الطب أو المطبخ. إنها حرب خفية على الشعب المغربي وخاصة الجهة الشرقية منه ، هدفها تدمير الإنسان المغربي الذي هو في الأول والآخر إنسان مسلم وجار للجزائريين. قد تتحدث الجزائر عن تهريب " الكيف " من المغرب ،ولكنها لا تتحدث عن مستقبلي ذلك " التهريب " بالجزائر ،أي مافيات ترويج المخدرات بالجزائر نفسها . ولا تتحدث عن مهربي المخدرات الصلبة " الكوكايين " من الجزائريين عبر حدودها الطويلة و إلى المغرب . وقد لا تتحدث عن جزائريين يقصدون سبة ومليلية للتزود بمواد تهريب إسبانية الصنع . وقد لا تتحدث عن جيوش الهجرة السرية " الأفارقة" الذين يتخطون حدودها نحو المغرب ويخلقون له متاعب سياسية واجتماعية واقتصادية . لكن على الجزائريين أن يفهموا اليوم أو غدا أن تضافر الجهود بين الدولتين هو الحل لإنقاذ الشعبين الجزائري والمغربي من الفساد . فالملايير (200 مليار دولار) ثروة ضخمة تملكها الجزائر ويمكن توظيفها بالجزائر لخلق مشاريع تخرج الجزائري والمغربي من " الفراغ" الذي يحتم عليهما استعمال المخدرات أو الاستفادة من زيت مهرب وملوث بثمن بخس . إن محاربة الفقر بالاستثمارات هي الضمانة لاستمرار النظامان وليس الأنظمة الإلكترونية ولا حراس الحدود. فالغرب يستفيد من ملايين الدولارات الموضوعة ببنوكه لخلق مشاريع للأوربيين أو مشاريع في شمال افريقيا كبوابة للحصول على المزيد من الامتيازات والخيرات ، وفي وقت يتقاسم الشعب الجزائري والشعب المغربي " الفياغرا" والكيف " كسموم يقضون بها عن أنفسهم . ألم يحن الوقت بعد للتفكير بجدية في مستقبل شعوب شمال افريقيا وإشغالهم في الصناعة والفلاحة والتجارة عوض إشغالهم فقط " بالفياغرا والحشيش" ؟ لو وجد الشعب الجزائري والمغربي ضالته في الشغل ما لجأ -هذا ولا ذاك - للفياغرا ولا للكيف، ولا اضطرا لبيع الوقود ليقتاتا عند الحدود.