موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    البطولة: الدفاع الجديدي يلحق الهزيمة بشباب المحمدية في مباراة شهدت أعمال شغب بين الشوطين    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    نظام العالم الآخر بين الصدمة والتكرار الخاطئ.. المغرب اليوم يقف أكثر قوة ووحدة من أي وقت مضى    الدرهم "شبه مستقر" مقابل الأورو    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    غوتيريش: اتفاق كوب29 يوفر "أساسا" يجب ترسيخه    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بِلسانٍ عربيٍّ، لعلّكم تَعْقِلُون!
نشر في هسبريس يوم 21 - 05 - 2012

«إنّا أنزلناه قُرآنا عربيًّا، لعلّكم تَعقِلُون!» (يوسف: 2)
«إنّا جعلناه قُرآنا عربيًّا، لعلّكم تَعقِلُون!» (الزُّخرف: 3)
«[...]، وكذلك أنزلناه حُكْمًا عَربيًّا. ولَئِنْ ٱتَّبَعْتَ أهواءَهم بَعدما جاءكَ من العِلْم، ما لَك من وَلِيٍّ ولا وَاقٍ!» (الرعد: 37)
ما أكثر الذين يَتقوّلُون على "ٱللِّسان ٱلعربيّ" جهلًا به أو تَجاهُلا له أو رغبةً عنه (بالطمع في ما يُتيحه غيره). وإلى كل هؤلاء يَتوَجّه الكلام فيما يَلِي بيانًا وتحدِّيًا. فمن وَجد منهم فيه دليلا بخلاف ما يراه، فعليه أنْ يَجتهد في الإتيان بدليلٍ بَيِّن يُساوِيه أو يَفضُله فيَنقُضه ؛ ومَنْ لم يجد شيئا من ذلك، فما عليه إلا أن يَتّهمَ فهمَه القاصر أو يُراجع مُعتقدَه الرّاسخ قبل أنْ يَنطلق في إرسال الكلام على عواهنه كما ٱعتاد أن يفعل من ٱتّبع هواه. وأمّا الذين سبق لهم العِلْم (إنْ كُلًّا أو جُزءًا) بما سيُلقَى إليهم، فلَنْ يجدوا إلا تأكيدًا يَزيدُهم ٱطمئنانًا إلى سالِف معرفتهم ويُثبِّتُ إيمانَهم بهذا ٱللِّسان بصفته لسانًا مُبينًا وبانيًا بين يَدَيْ كُلِّ ذِي عقلٍ.
وبِما أنّ ما يُقال عن هذا ٱللِّسان يَأتيه أصحابُه في الغالِب باسم "ٱلعَقْل" و"ٱلعَقلانيّة"، فَلْيَكُنْ نَظرُنا في هذَيْن اللفظيْنِ اللّذين يَجدانِ أصلَهما في جِذْر /ع.ق.ل/: فما تفريعاتُ هذا الجذر ٱلِاشتقاقيّة سواء أكانتْ مُمكنةً أمْ مُستعملَةً أمْ مُهمَلةً؟ وما مدلولُ (أو مدلولاتُ) كل صيغةٍ منها؟ وهل ثمّة معنى في لسانٍ آخر لا نَظير له في ما تُؤدِّيه هذه الصِّيَغ من مَعانٍ؟
1. عَقَل يَعْقِلُ (وأيضا "يَعْقُلُ"): "عَقَلَ" فعلٌ لازم («عَقَلَ الغلامُ والمعتوهُ: بَلغَ سنَّ التّمييز فصار مُدرِكًا.» ؛ «عَقَل الرَّجُلُ: كان أو صار عاقلا حَسنَ التّمييز.» ؛ «عَقَل بطنُ المُستطلِق: ٱستمسك» ؛ «عَقَلَ الوَعِْلُ: لجأ إلى الجبل فتحصَّن به وٱمتنع عن الصيّاد.» [يُقال «عَقَلَ إليه: لجأ إليه»] ؛ «عَقَلَ الظِّلُّ: ٱنقبض وٱنْزوى فقام قائمُ الظّهيرة عند مُنتصَف النّهار.» ؛ «عَقَلَ البَعيرُ: أكلَ العاقُولَ [نبتٌ له شوكٌ تأكُله الإبل].»)، وهو أيضا فعل مُتعدٍّ («عقلتُ البعيرَ: ثَنَيْتُ وظيفَه إلى ذِراعه فجَمَعْتُهما وشَدَدْتُهُما بحبلٍ.» ؛ «عقلَ الدّواءُ بطنَ المريض: أمسكه بعد أن كان مُستطلِقًا.» ؛ «عقلَ القتيلَ [أو عقل دمَه]: وَدَاهُ، دَفعَ دِيَتَه.» [يُقال «عقل عنه جنايتَه» و«عقل له دمه»] ؛ «عَقَلَ الرَّجُلَ: حبسه وصرعه (إذا لَوَى رِجْلَه على رجله فأوقعه على الأرض)» ؛ «عَقَلَ الشيءَ: أدركه وفَهِمَه.» ؛ «عَقَلَ ٱلرَّجُلُ فُلانًا: غَلَبَه في العقل.» ؛
2. عَقْلٌ (مُثنّاه "عَقْلانِ"، جمعُه "عُقُولٌ"): ٱسمُ ٱلفِعْل [الذي يُسمّى عادةً "ٱلمصدر"] من "عَقَلَ" ؛ جَمْعٌ/رَبْطٌ، إمساكٌ/ضَبْطٌ، مَنْعٌ/حَبْسٌ ؛ دِيَةٌ (كانت إبِلًا تُشدُّ بحَبْلٍ بفِناء وليِّ المقتول فيُدرِكُ، بالتّالي، أنّه قد مُنِع من قتل الجانِي) ؛ حِصْنٌ/مَلجأٌ ؛ رَفْعٌ ؛ إدراكٌ/فَهْمٌ ؛ حُكْمٌ/تَمييزٌ ؛ عِلْمٌ ؛ قَلْبٌ ؛ إسقاطٌ ؛ ضربٌ من المَشْط ؛ شيٌ أحمر يُجلَّل به الهَوْدَجُ ؛ و"ٱلعَقْل"، كمَلَكةٍ للفكر والفهم والحُكْم والمعرفة، يُقابل « reason/raison » ؛
3. عَقْلِيٌّ(يَّةٌ): صفةُ ما يُنسَب إلى "ٱلعَقْل" ويَتّصل به ؛ صفةُ ما يَصدُر عن "ٱلعَقْل" أو ما يُوافِقُه (صفة "عَقْليٌّ/عَقْليّةٌ" تُقابِل « rational/rationnel ») ؛ "ٱلْعَقْليّة": مجموع الصفات الذِّهنيّة والنّفسيّة والسُّلوكيّة التي تُميِّز جماعةً مُعيّنةً ويَشترك فيها أعضاؤها ("ٱلعَقْليّة" تُقابل « mentality/mentalité ») ؛
4. عَقْلانيٌّ(يَّةٌ): صفةُ ما يُبالَغ في نِسبته إلى "ٱلعَقْل" ؛ صفةُ مَنْ يُبالِغ في تقدير "ٱلعَقْل" ؛ صفة ما يُنسَب إلى "ٱلعَقْلانيّة" (صفة "عَقْلانيّ/عَقْلانيّةٌ" تُقابِل « rationalist, rationalistic/rationaliste ») ؛ "ٱلعَقْلانيّة" ٱسْمُ ٱلنُّزُوع الفكريّ أو المذهب الفلسفيّ الذي يُبالِغ في تقدير "ٱلعَقْل" باعتباره مصدرًا ومعيارًا أساسيًّا أو وحيدًا للمعرفة ("ٱلعَقْلانيّة" تُقابل « rationalism/rationalisme ») ؛
5. عُقَيْلٌ: تَصغيرُ "عَقْل" ؛ عَقْلٌ صغيرٌ ؛ ٱسْمُ عَلَمٍ ؛
6. عُقَيْليٌّ(يَّةٌ): صفةُ ما يُنْسَب إلى "عُقَيْل" ؛
7. عَقِلَ يَعْقَلُ: فعلٌ لازِمٌ بمعنى «ٱصْطَكَّ عُرقوباهُ/رُكبتاهُ أو ٱلْتَوَتْ رِجلُه»، وأيضا بمعنى «صار عاقِلا» ؛ فهو "أَعْقَلُ" ومُؤنّثُه "عَقْلاء" ؛
8. عَقَلٌ: ٱسْمُ الفعل من "عَقِلَ" ؛ ٱصطكاكُ الرُّكْبتين أو العُرقُوبَيْن ؛ ٱلْتِوَاءٌ في الرِّجْل ؛
9. عَقَلِيٌّ/عَقَلِيّةٌ: صفةُ ما يُنْسَب إلى "عَقَلٌ" ؛
10. عَاقِلٌ/عاقِلةٌ: صفةُ كلِّ ما/مَنْ "يَعْقِلُ" («تصرُّفٌ عاقِلٌ»، «رَجُلٌ عاقِلٌ»، «أُمَّةٌ عاقِلةٌ») ؛ كل ذي عَقْلٍ وفَهْمٍ وإدراك ؛ مُدرِكٌ، مُميِّزٌ ؛ إنسانٌ جامعٌ لأمره وحُكْمه ؛ من يَحبس نفسَه ويَرُدّها عن هواها أو عمّا يَقبُح (صفةُ "عاقِل/عاقِلةٌ" تُقابل « reasonable/raisonnable » ) ؛ مُؤدِّي الدِّيَة ؛ مُمتنِعٌ، حَصينٌ، مُتحصِّنٌ (يُقال «وَعِْلٌ عاقِلٌ») ؛ «عاقِلةُ ٱلمرءِ: عَصَبتُه، أقرباؤه من قِبَل الأب الذين يُؤدُّون عنه دِيَتَهُ» ؛
11. عَاقِليٌّ/عاقِليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "ٱلعاقِل" ؛ "ٱلعاقِليّة": ٱلفاعِليّة ٱلعَقْليّة لدى الإنسان أو الشّخص العاقِل ("ٱلعاقليّة" تُقابل « reasonableness ») ؛
12. مَعْقُولٌ/مَعقُولةٌ (ج: معقولات): صفةُ ما "يُعقَلُ" أو "يُدرَكُ بالعَقْل" ؛ مُدرَكٌ عقلا أو بالعقل (صفة "مَعقولٌ" تُقابل « rational, reasoned/rationnel, raisonné ») ؛ ٱسمٌ بمعنى "ٱلعَقْل" ؛
13. مَعقُولِيٌّ/مَعقُوليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "مَعقُول" ؛ "ٱلمَعقُوليّة": مجموع الصفات التي تُميِّز وتُحدِّد "ٱلمَعقُول" ؛ طابعُ ما يَخضع لقوانين "ٱلعَقْل" أو ما يُمكن أن يُدرَك ويُفسَّر بالعقل ("ٱلمَعقُوليّة" تُقابل « rationality/rationalité ») ؛
14. عَقِيلٌ/عَقِيلةٌ (ج. عَقائلُ): "عَقِيلٌ" صفةُ مُبالَغةٍ بمعنى «شديدُ ٱلعَقْل» أو رفيعٌ أو حَصينٌ ؛ ٱسمُ عَلَمٍ ؛ "عَقِيلةٌ": ٱمرأةٌ كريمةٌ ومَصُونٌ ؛ زوجةٌ كَريمةٌ ؛ دُرّةٌ في صَدَفتها ؛ «عَقيلةُ القوم: سيِّدُهم» ؛ «عقيلةُ كل شيء: أكرَمُه» (عَقائِلُ الكلام، عَقائِلُ البحر) ؛
15. مَعْقِلٌ(ج. مَعاقِل): حِصْنٌ، مَلْجأٌ ؛
16. مَعْقِليٌّ/مَعْقِليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "مَعْقِلٌ" ؛
17. مَعْقُلَةٌ: دِيَةٌ (يُقال «دَمُه مَعقُلةٌ على قومه: غُرْمٌ عليهم يُؤدُّونه من أموالهم») ؛ قاعٌ من الأرض يُمسِكُ الماءَ كثيرًا ؛
18. مَعْقُلِيٌّ/مَعْقُلِيّةٌ: صفةُ ما يُنْسَبُ إلى "مَعْقُلَة" (يقول ذُو الرُّمّة: «حُزَاوِيَّةٍ أَوْ عَوْهَجٍ مَعْقُلِيَّةٍ | تَرُودُ بِأعْطافِ الرِّمالِ الحَرائِر.») ؛
19. عَقُولٌ: صفةُ مُبالَغةٍ من "ٱلعَقْل" ؛ صفةُ ما/مَنْ يَعْقِلُ بشدّةٍ ؛ عاقِلٌ بقوّةٍ وشدّةٍ (دواءٌ عَقُولٌ، أبْلَهٌ عَقُولٌ) ؛ ما يَقبِضُ الأنسجة أو يُوقف الإفراز أو يَمنع النّزف (في الطب) [المعجم الوسيط] ؛
20. أَعْقَلُ/عَقْلاءُ: صفةُ من يَصْطكُّ عُرقُوباه أو تَلْتوِي رِجلُه أو يكون به "عَقَلٌ" ؛
21. عِقَالٌ (ج. عُقُلٌ): حَبْلٌ تُشدّ به قَوائِمُ الدّابّة ؛ رِباطٌ ؛ حَبْلٌ كانت تُعقَل به الفَريضة التي تُؤخَذُ في الزّكاة ؛ زَكاةُ عامٍ من الإبل والغَنم ؛ جَدِيلةٌ من الصوف أو الحرير المُقصَّب تُشَدُّ على ٱلكُوفيّة فوق ٱلرّأس ؛ ٱسمُ عَلَمٍ ؛
22. عِقالِيٌّ/عِقاليّةٌ: صفةُ ما يُنْسَب إلى "عِقَالٌ" ؛
23. عُقّالٌ/عُقَالٌ: داءٌ في رِجْل الدّابّة يجعلها إذا مَشت ظَلَعتْ ساعةً، ثُمّ ٱنبسطتْ (يُقال «عُقّالُ الكَلإ: ثلاث بَقَلات يَبْقَيْنَ بعد ٱنصرامه» ؛ «ذُو عُقّالٍ: ٱسمُ فرس» ؛ «داءٌ ذُو عُقّالٍ: لا يُبرَأ منه.») ؛
24. عُقّالِيٌّ/عُقّاليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "عُقّالٌ" ؛
25. عُقْلَةٌ: ما يُعقَلُ [يُحبَس] به من قَيْدٍ أو عِقالٍ كالرِّجْلين في المُصارَعة أو ٱلثِّقاف في السحر ؛ قَضيبٌ من الخشب أو المعدن مَشدودُ الطّرفين في حَبْلين مُثبَتَيْن من أعلى في سقفٍ أو خَشبةٍ مُعترضة (في الرِّياضة البَدنيّة) ؛ أُنبوبةٌ بين كَعبين من قَصبِ السُّكر ؛ غُصنٌ أو جُزءٌ من غُصنٍ يَنفصل عن النّبات ويُغرَس، كغُصنِ العِنَب والتّين ونحوهما (في البَستنة) [المعجم الوسيط] ؛
26. عاقُولٌ (ج. عَواقِيلُ): مَعْطَفٌ، مُنعطَفٌ ؛ (يُقال «أرضٌ عاقُولٌ: لا يُهتدى إليها» ؛ «عاقُولُ البحر: مُعظَمه ومَوجُه» ؛ «عاقُول النّهر والوادي والرّمل: ما ٱعْوَجّ منه» ؛ «عَواقيلُ الأُمور: ما ٱلْتبَس منها») ؛
27. عاقُوليٌّ/عاقوليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "عاقُولٌ" ؛
28. عُقَّيْلَى: حِصْرِمٌ [ثَمَرٌ غير ناضِج، حَشَفُ كُلِّ شيءٍ] ؛
29. عُقَّيْلِيٌّ/عُقَّيْليّةٌ: صفةُ ما يُنْسَبُ إلى "عُقَّيْلَى" ؛
30. أَعْقَلَ يُعْقِلُ: فعلٌ لازِمٌ («أعقلَ الرجلُ: وَجبَ عليه عِقالٌ [أيْ زكاةٌ]»)، ومُتعدٍّ («أَعْقَلَ الرَّجُلَ: وَجَدَهُ عاقلا»، مَثَلُه كمَثل "أَحْمَدَهُ" و"أَبْخَلَهُ") ؛
31. إِعْقالٌ: ٱسمُ الفعل من "أَعْقَلَه" ؛ وُجوبُ زكاةِ عامٍ ؛ وِجدانُ المرء عاقلا ؛
32. اِنْعَقلَ: مُطاوِعُ "عَقَلَه" («عَقَلْتُه فٱنْعَقلَ» على غرار «كَسَرتُه فٱنْكَسرَ» و«فَهِمتُه فٱنْفَهمَ.») ؛ صار قابلا لأنْ يُعقَل ؛
33. اِنْعِقالٌ: ٱسمُ ٱلفعل من "ٱنْعقلَ" ؛ ٱنفعالٌ من "ٱلعَقْل" ؛ ٱنعكاسُ "ٱلعقل" ؛
34. اِنْعقالِيٌّ/انْعِقاليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "ٱنْعِقالٌ" ؛
35. مُنْعقِلٌ/مُنعقِلةٌ: صفةُ ما "يَنْعقِلُ" («مفهومٌ مُنْعقِلٌ»، «فِكْرةٌ مُنْعقِلةٌ») ؛
36. اِعْتَقَلَ يَعْتقِلُ: فِعلٌ لازمٌ («ٱعْتَقَلَ بَطنُه: ٱستمسك» ؛ «ٱعْتَقَل لسانُه: حُبِس عن الكلام» [يُقال أيضا: ٱعتُقِلَ لسانُه]) ومُتعدٍّ (ٱعْتَقلَه: أمسكه، حَبسه، سَجنه، مَنعه، عَكَلَه فأوقعه أرضًا ؛ يُقال «ٱعْتَقلَ الرِّجْلَ: ثَناها فوَضعها على الوَرِك» ؛ «ٱعْتَقلَ مِنْ دَمِ فُلان: أَخَذ الدِّيَة»، «ٱعْتَقلَ فُلانًا عن حاجته: حَبسه» ؛ «ٱعْتقَل فُلانٌ رُمحَه: جَعله بين رِكابه وسَاقِه.») ؛
37. اِعتِقالٌ: ٱسمُ الفعل من "ٱعْتَقلَ" ؛
38. اِعتقالِيٌّ/اِعتِقاليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "ٱعتِقالٌ" ؛
39. مُعتقِلٌ/مُعتقِلةٌ: صفةُ ما/مَنْ يَعتقِلُ ؛
40. مُعتقَلٌ/مُعتقَلةٌ: محبوس ؛ مَوضِعٌ يُحبَسُ أو يُعتقَل فيه ٱلنّاس المُتَّهَمُون أو المُدانُون (مَحْبِس) ؛
41. عَقَّل يُعقِّلُ: فعل لازم («عَقَّل الكَرْمُ: أخرج ٱلعُقَّيْلَى») ومُتعَدٍّ (يُقال «عَقَّلَ فُلانا: جَعلَه عاقلا» ؛ «عَقّلَه عن حاجته: عَقَلَه» ؛ «بَالَغَ في عَقْلِ الشيءِ» ؛ «عَقَّلَهُ: عَقَله بقُوّةٍ وشدّة» ؛ «جعلَه عقليًّا أو معقولا» ؛ «أعطاه صفةَ ما هو عقليّ أو معقول» ؛ «جعله مُوافقًا للعقل» ؛ «أخضعه للعقل وقوانينه» ؛ «نَظَّمَه على نحو عقليٍّ» ["عَقَّلَه" يُقابِل « rationalize/rationaliser, raisonner »]) ؛
42. تَعْقِيلٌ: ٱسمُ ٱلفعل من "عَقَّلَ" ؛ جعلُ الشيء عقليًّا أو مَعقولا ؛ جعلُ الشيء مُوافِقا للعقل ؛ إخضاعُه للعقل وقوانينه ؛ تنظيمٌ عقليٌّ ؛ تعليلٌ ؛ تبريرٌ ؛ تَرشيدٌ ("تَعْقِيلٌ" يُقابل « rationalization/rationalisation ») [يجب التّنبيه، هنا، إلى أنّ بعض الكُتّاب ولَّدُوا من "عقلانيّة" فعل ["عَقْلَنَ"] وأيضا ٱسْمَه "عَقْلَنة" لتأديَةِ نفس ما يُفيده "عَقَّل" و"تَعْقيلٌ". ولأنّ هذا التّوليد مبنيٌّ على توهُّمِ أصليّةِ "ٱلنُّون" ويأتي بدلا من ٱلِاشتقاق المُمكن فيُبطِلُ إعمالَه، فهو لا يَصِحّ إلا لدى من جَهِل نسقَ ٱلِاشتقاق في العربيّة أو نَسِيَ أنّ تجويزَ التّوهُّم كأصل في توليد الألفاظ يَسمح بنَقْض ذلك ٱلنّسق!] ؛
43. تَعقيلِيٌّ/تَعقِيلِيّةٌ: صفةُ ما يُنْسَبُ إلى "تَعقيلٌ" ؛ صفةُ ما "يُعقِّلُ" ؛ ما يَجعلُ الشيء عقليًّا أو معقولا ؛
44. مُعقِّلٌ/مُعقِّلَةٌ: صفةُ ما/مَنْ "يُعقِّلُ" (صفة "مُعقِّلٌ" تقابل « rationalisant ») ؛
45. مُعَقَّلٌ/مُعقَّلَةٌ: صفةُ ما/مَنْ "يُعقَّلُ" (يُقال «إبلٌ مُعقَّلَةٌ: مَشدودة بالعِقال.») ؛ ما/مَنْ يكون موضوعا للتّعقيل (صفةُ "مُعقَّلٌ" تُقابل « rationalisé ») ؛
46. تَعقَّلَ يَتَعَقَّلُ: فعلٌ مُطاوِعٌ ل"عَقَّلَه" (عَقَّلَه فَتَعقَّلَ)، لازمٌ («تَعقَّلَ ٱلرَّجُلُ: تَكلَّفَ ٱلعَقْلَ وتَطلَّبَه، حاوَل أنْ يكون عاقلا.») ومُتعدٍّ («تَعقَّلَ البَعيرَ: عَقَلَهُ.» ؛ «تَعقَّلَ الدّواءُ البَطنَ: أمسَكَهُ.» ؛ «تَعقَّلَهُ عن حاجتِه: حبَسه ومَنعَه عنها.» «تَعقَّلَ الرِّجْلَ: ثَناهَا فوَضعَها على الوَرِك.» ؛ «تَعقَّلََ الشيءَ: طَلَبَ عَقْلَه شيئًا فشيئا حتّى تَأتّى له.») ؛
47. تَعَقُّلٌ: ٱسمُ فعلِ "تَعَقَّلَ" ؛ تَكلُّفُ ٱلعَقْل ؛ تَطلُّب عَقْلِ الأشياء بتدرُّج ؛
48. تَعقُّلِيٌّ/تعقُّليّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "تَعَقُّل" ؛
49. مُتَعقِّلٌ/مُتعقِّلةٌ: صفةُ مَنْ "يَتَعقَّلُ" ؛
50. مُتعقَّلٌ/مُتعقَّلَةٌ: صفةُ ما "يُتَعقَّلُ" ؛ صفة ما يكون موضوعا للتّعقُّل ؛
51. عَاقَلَ يُعاقِلُ: فعلٌ مُتعدٍّ («عَاقَلَه: بَاراهُ في العقل، شارَكه فيه.») ؛
52. مُعاقَلةٌ: ٱسم فعلِ "عَاقَلَه" ؛ مُبارَاةٌ/مُغالَبةٌ/مُشارَكةٌ في ٱلعَقْل ؛
53. مُعاقَلِيٌّ/مُعاقَلِيّةٌ: صفةُ ما يُنْسَبُ إلى "مُعاقَلَة" ؛
54. مُعاقِلٌ/مُعاقِلَةٌ: صفةُ من "يُعاقِلُ" ؛ صفة من يُبارِي/يُغالِبُ/يُشارِكُ غيره في "ٱلعَقْل" ؛
55. مُعاقَلٌ/مُعاقَلَةٌ: صفةُ من "يُعاقَلُ" ؛ من يُبارَى/يُغالَب/يُشارَكُ في "ٱلعَقْل" ؛
56. تَعاقَلَ يَتَعاقَلُ: فعلٌ لازمٌ (أظهر ٱلعقلَ، تَظاهَر بالعقل) ومُتعدٍّ («تَعاقَلَ الرَّجُلانِ: عَقَلَ أحدُهما الآخر أو تَبارَيَا/تشارَكَا في العقل») ؛
57. تَعاقُلٌ: ٱسمُ فِعْلِ "تَعاقَلَ" ؛ تَظاهُرٌ بالعقل ؛ ٱدِّعاء العقل ؛ تَفاعُلٌ/تَغالُبٌ/تَشارُكٌ في ٱلعَقْل ؛
58. تَعاقُلِيٌّ/تعاقُلِيّةٌ: صفةُ ما يُنسَب إلى "تَعاقُلٌ" ؛
59. مُتعاقِلٌ/مُتعاقِلَةٌ: صفةُ مَنِ يَتظاهرُ بالعقل ؛ من يَدَّعي ٱلعقل ؛ من يَتفاعَلُ/يَتغالَبُ/يَتشارَكُ مع غيره في ٱلعَقْل ؛
60. مُتعاقَلٌ/مُتعاقَلةٌ: صفةُ مَنْ "يُتعاقَلُ" معه ؛ صفةُ ما يكون موضوعا للتّعاقُل ؛
61. [اِسْتَعْقَلَ يَستعقِلُ]: لم يُستعمَل قديمًا، لكنّه إمكانٌ واردٌ بإضافةِ سابقةِ "اِسْتَ" (بمعنى "طَلَبٌ" أو "صيرورةٌ" أو "ٱتِّخاذٌ") إلى الجذر "عقل" ؛ "ٱست-عقَل" لازمٌ («ٱستعقل الرَّجُلُ: صار عاقلا») ومُتعدٍّ («ٱستعْقَلَهُ: طلبَ عَقْلَه، صيَّره عقليّا أو معقولا، وَجَده عاقلا.») ؛
62. [اِستعقالٌ]: ٱسمُ فعلِ "ٱستَعْقَلَ"، وهو الذي أراد بعضُ المُترجِمين جعلَه بمعنى «طلبُ الدّليل العقليّ أو ٱلِاشتغال به.» (في مُقابل اللفظ الأجنبيّ « reasoning/raisonnement ») على الرّغم من أنّ هذا المعنى يُؤدِّيه بما يَكفي لفظا "تَعقُّل" و"ٱستدلال" ؛
63. [اِستعقالِيٌّ/اِستعقالِيّةٌ)]: ما يُنسَب إلى "ٱلِاستعقال" ؛
64. [مُستعقِلٌ/مُستعقِلةٌ]: صفةُ مَنْ "يَستعقِلُ"، صفةُ «مَنْ صار عاقلا» أو «مَنْ يَطلُب ٱلعقل» ؛
65. [مُستعقَلٌ/مُستعقَلةٌ]: صفةُ ما "يُستعْقَلُ"، ما يكون موضوعا للاستعقال ؛
هكذا ترى أنّ جِذْرًا واحدًا في اللسان العربيّ يُعطيك عشرات الصِّيغ بمَعانٍ شتّى (عشرة أفعال، وستّة وعشرين ٱسمًا، وسبعا وثلاثين صفة)! فهل تبقى، بعد هذا كلّه، فُسحةٌ لذي مُسْكةٍ كيْ يَنتقص من شأن هذا ٱللِّسان أو يَتّهمه بأدنى تُهمة؟ ماذا لو ذَهب المرءُ يَستقصي مَقلُوباتِ نفس الجذر {/ع.ل.ق/، /ل.ق.ع/، /ل.ع.ق/، /ق.ل.ع/، /ق.ع.ل/} بصِيَغها ومَعانيها؟ وماذا لو ذَهب يُحصي كل إمكاناتِ النَّظْم الصوتيّ/الصرفيّ في الثُّنائيّ والثُّلاثيّ والرُّباعيّ والخُماسيّ والسُّداسيّ؟ ألا يَكفي أنْ يُشارَ إلى أنّ إمكانات النَّظْم بالتّقْلِيب في الثلاثيّ وحده تتجاوز ٱثنين وعشرين ألفا (22000)؟ فكمْ من صيغةٍ ومعنى سيُحصي المُحقِّق إذا كانت صِيَغُ الأفعال والأسماء والصفات وحدها تتجاوز الألف حتّى قَبْل مَلْئِها بأيِّ مادّةٍ صوتيّة/صرفيّة؟! هل يَتخيّل العاقل كمْ سيَبلُغ العدد النِّهائيّ؟ وأيُّ عُذْرٍ بَعدُ لمُستعملِي هذا ٱللِّسان؟
وبالمقابل، ماذا نجد في أبرز الألسن العالميّة؟ إنّ "ٱللِّسان ٱلفرنسيّ" لا تكاد تتجاوَزُ فيه ألفاظ هذه المادّة الثلاثين ({raison, raisonnable, raisonnablement, raisonnant(e), raisonné(e), raisonnement, raisonner, raisonneur, rationnel(le), rationnellement, rationalité, rationalisme, rationaliste, rationaliser, rationalisation, rationalisant(e), rationalisé(e), rationnement, rationner, ration, rational/rationaux, déraison, déraisonner, déraisonable, déraisonablement, irrationnel(le), irrationnellement, irrationalité, irrationaliste, irrationalisme}). وأمّا "ٱللِّسان الإنجليزيّ"، فتفريعات نفس المادّة أقل فيه من الفرنسيّ ({reason, reasonableness, reasoned, reasoning, reasonable, reasonably, unreasonable, unreasonably, ration, rational, rationale, rationalism, rationalist, rationalistic, rationality, rationalization, rationalize, rationally, rationing, irrational, irrationally, irrationality, irrationalist, irrationalism }). وأقل منهما "ٱللِّسان ٱللّاتينيّ" - الذي هو أصل تلك المادّة فيهما معا-، إذ لا تعدو ألفاظُه بهذا الخصوص عشرة ونيِّفا ({ratio, ratiocinatio, ratiocinativus, ratiotinativum, ratiotinator, ratiocinor, rationabilis, rationale, rationalis, rationaliter, rationarium, rationarius, ratus} )!
لكنّ هناك شُبهة كبرى تَبقى واردةً: إذْ قد يَزعُم بعض النُّقّاد أنّ معنى "ٱلعقل" في ٱللسان العربيّ ليس هو نفسه في تلك الألسن، بل إنّه دُونَها دلالةً ودقّةً إلى حد أنّ ثمّة معانيَ غير موجودة في ٱلِاستعمال العربيّ ولا تكاد تُؤدِّيها الألفاظ العربيّة رغم كَثرتها. ويُعدّ "محمد عابد الجابري" أشهر من أثار هذه الشُّبهة (تكوين العقل العربي، الفصل الأول، فقرة 4) التي تقوم على أنّ جذر /ع.ق.ل/ ليس فيه معنى "ٱلسّبب" (أو "ٱلنِّسبة/ٱلعَلاقة") كما في اللّفظ اليُونانيّ (logos) واللاتينيّ (ratio) اللّذين هما الأصل في معنى "عقل" (reason/raison)، بل إنّ الجذر العربيّ يَرتبط - في ظنّه- بمعنًى مُبتذل (حسيّ بالتحديد) ومقصور على المعنى النّفعيّ والأخلاقيّ (المرتبط بتجنّب الفعل القبيح)، ممّا يجعل "ٱلعقل ٱلعربيّ" حسب زعمه عقلا معياريًّا تَغلِبُ عليه "النّزعة الذاتيّة" وليس "الموضوعيّة" (التي هي أساس الاشتغال العلميّ).
وعلى الرّغم من أنّ هذه الشُّبهة لا يُمكن أن يقول بها إلا من كان يَتوَهَّم وُجود نوع من "ٱلمُماثَلة" أو "ٱلمُساواة" أو "ٱلمُشاكَلة" بين الألسن (وهو أمر غير مُسلَّم، لثُبوت تَبايُن الألسن صوتيّا وصرفيّا وتركيبيّا ودلاليّا وتداوُليّا إلى حدِّ التّغايُر والتّنافِي بينها، فليس كل ما نجده في لسان ما قد نعثر له على مقابل يُماثله من جميع الأوجُه في لسان آخر، خصوصا إذا كان اللسانان المَعْنيّان لا يشتركان في الانتماء إلى نفس المجموعة اللُّغويّة أو المجال الثقافيّ والحضاري)، فإنّ وُردها أو إيرادها يُوقع صاحبها في خطأين:
أ- أوّلُهما سهوٌ فاضحٌ (إنْ لم يَكُنْ تَحكُّمًا ماسِخًا)، لأن الأصل في "ٱلعَقْل" أنّه مِعياريٌّ حتّى حينما يكتفي بأن يكون مجرد أداة للوصف الموضوعيّ ("حُكم ٱلواقع" كإثبات أو نفي، كتصديق أو تكذيب)، بل إنّه "ٱلمعيار" بامتياز كما يَظُنّ دُعاة "ٱلعقلانيّة"! فلا مجال، إذًا، للمُفاضَلة في "ٱلعقل" بين توجُّه تقويميّ/معياريّ/ذاتيّ وتوجُّه تقريريّ/وصفيّ/موضوعيّ إلا إذا أمكن تعطيلُ "ٱلعقل" وجعلُ أحكامه مُجردةً وخالصةً بحيث لا تُلابِس "ٱلواقع" ولا تُوجِّه إلى "ٱلعمل" ؛ وثانيهما سُوء فهم أو تأويل للمادّة ٱللُّغويّة المُحيطة بجذر /ع.ق.ل/، إذْ يَقُود التبيُّن في هذه المادّة إلى إدراك أنّ "ٱلعقل" لا يكون مَنْعًا وحَبْسًا وزَجرًا إلا بما هو أساسا "جَمْعٌ" و"رَبْطٌ" و"إمساكٌ".
ذلك بأنّ من يُريد أنْ يَمنعَ دابّته لن يَستطيع ذلك إلا بعد أنْ "يَجمع" وظيفَها إلى ذراعها فيَشُدّهما بحبلٍ يُوصِلُ أو يَربطُ بينهما. فكيف يَغيب عن المفكر، وبَلْه المُتفلسف، أنّ مَعاني "ٱلإدراك" و"ٱلفهم" و"ٱلعلم" لم يُمكنْ للّفظ العربيّ "عقل" أنْ يَحملها إلا لأنّ في أصله معنى "ٱلجَمْع/ٱلرَّبْط" ذاك؟ أليس في التّركيز على معنى "ٱلمَنْع/ٱلحبس/ٱلزّجر" وتهويله إغفالا لحقيقة أنّ "ٱلعقل" فعلٌ قاصدٌ وليس فعلا لاهيًا؟ بل ألا يَستطيع مَنْ تأتّى له أنْ "يَجمع" بيديه بين قوائم الدّابة ليَشُدّها بحبلٍ أنْ "يَربط" في ذهنه أو نفسه بين شيئين أو أكثر ل"يَحكُم" عليهما فيَستخرج "نِسْبَةً" أو "علاقة" سببيّةً أو منطقيّةً بينهما؟ وإلا، كيف جاز أنّ تُسمّى "ٱلدِّيَة" عقلا إنْ لم يكن "ٱلعربيّ/ٱلأعرابيّ" قد أدرك أنّ ربطَ الإبل في فِناء أهل المقتول أداءٌ لحقّه وسببٌ لمنع ٱنتشار القتل ثأرًا وٱنتقامًا؟ وأكثر من هذا كلِّه، أليس "ٱلحبْلُ" هو "ٱلسَّبَب" الذي يَتوسّلُ به "ٱلعقل" لتحقيق مَقاصده فتراه يَنتقلُ من "ٱلجمع" و"ٱلرَّبْط" إلى "ٱلإمساك" و"ٱلضبط"، ثُمّ إلى "ٱلمَنْع" و"ٱلزَّجْر"؟! فكيف لم يَرَ صاحبُنا في "ٱلحبل" إلا معنى "ٱلقيد" وغاب عنه أنّ «شريط الحبل» عند الأحمق لا يكون سوى أداةٍ للَّهْوِ وٱللّعب، في حين أنّه لدى العاقل سببٌ للفعل تصوُّرًا وإنجازًا؟ ولهذا، لا غرابة أنْ نجد أنّ معنى "ٱلسّبب" نفسه قد كان في العربيّة هو "ٱلحبل" بصفته أقرب الأشياء وأدلّها على «الواسطة المُوصِلَة إلى الفعل والتّأثير»! إنّ هذه الشُّبهة لا تُظهر لَبْسًا تَعثَّر أصحابُها في إزالته، بل تَفضح قلّة زادهم من فقه ٱللُّغة في العربيّة كما في غيرها (للمسألة جوانب أخرى ليس هذا مقامُها وسيأتي بيانها، بإذن ٱللّه، في مُناسبة أخرى).
ولذلك، فإنّ القول بأنّ هناك معانيَ لا يَستطيع لفظُ "عقل" العربيّ تأديتَها، رغم كثرة مُشتقّاته، لا وجه له ما دام مُستعمِلُ هذا ٱللِّسان مُجيدًا له ومُجتهدًا بما يَكفي لبُلوغ مَقاصده التّبليغيّة والتدليليّة ؛ وإنّما يكون له وجهٌ لدى من بقي سجينًا لهذا ٱللّسان ٱلأجنبيّ أو ذاك في صُوَره الصوتيّة/الصرفيّة وظلالها المُعجميّة والدّلاليّة. ومن هنا، فإن السبب في القول بأنّ لفظا مثل ["عَقْلنة"] يَفضُل لفظ "تَعقيل" إنّما هو كون أصحابه لا يكادون يَتصوَّرون إمكان (ووُجوب) أداء المعنى المقصود في حُدود النّسق الصوتيّ/الصرفيّ للعربيّة الذي لا يَقبل توليد الألفاظ بالتّوهُّم حتّى لا يُخْرَم النّسق بِرُمّته فيأتي من يقول ["عَقْلانويّة"] كما ٱنتهى إليه بالفعل من لم يُدرِك أنّ معنى ٱدِّعاء "ٱلعقلانيّة" تُؤدِّيه صيغةُ "ٱلتّعقُّل" (تكلُّف ٱلعقل) أو "ٱلتّعاقُل" (ٱلتّظاهُر بالعقل) من دون أيِّ حاجةٍ لوضع لفظٍ مُحدَث ليس له أصل مَقِيس في كلام العرب!
ومن ثَمّ، يَنبغي أنْ يُتبيَّن أنّ كونَ "ٱللِّسان ٱلعربيّ" يَتفرَّدُ بصيغ مَخصوصة لأداء معانٍ مُحدَّدة (مثلا: مَعاني "ٱلكَثْرة" و"ٱلتّشديد" و"ٱلتَّعْدِيَة" في "تَعقِيل"، ومَعْنيَا "ٱلتّدرُّج" و"ٱلتّكلُّف" في "تَعقُّل"، ومعاني "ٱلمُطاوَعة" و"ٱلِانعكاسيّة" و"ٱلِانفعال" في "ٱنْعِقال"، ومعاني "ٱلمُشارَكة" و"ٱلمُبادَلة" و"ٱلمُغالَبة" في "مُعاقَلة"، ومعاني "ٱلتّفاعُل/ٱلتّشارُك" و"ٱلتّظاهُر/ٱلِادِّعاء" في "تَعاقُل"، ومعاني "ٱلطّلَب" و"ٱلصيرورة" و"ٱلِاتِّخاذ" في "ٱستعقال"، ومعنى "ٱلفاعليّة" في "عاقليّة"، ومعنى "ٱلمَفعوليّة" في "مَعقُوليّة"!) يُعطيه الحقّ لتأكيد حُدود الألسن الأُخرى التي تَفتقد مثلَها، ممّا يَجعل حُدود "ٱللِّسان ٱلعربيّ" عاديّةً ومَقبولةً في إطار نسبيّةِ الألسُن الطبيعيّة جميعا. فلا لسان إلا وله حُدودٌ معلومةٌ تَتجلّى في كونه لا يَتوصَّلُ إلى معانٍ مُتميِّزة إلا في المدى الذي يَعِي حُدودَه فيجعلُها إمكاناته الخاصة في العمل كلانَهائيّةٍ من ٱلفُرُوق ٱلنَّسَقيّة التي تزدادُ وتتأكّد بالمُقارَنة مع يَملِكه أيُّ لسانٍ آخر.
هو ذا "ٱلعَقْلُ" الذي يُطلَبُ بالفعل بِناءً وبيانًا إلى أبعدِ حدٍّ يُمكِّنُ منه إعمالُ ٱللِّسان فكرًا تَعقيليًّا وخطابًا مُعاقَليًّا. وهذا هو ٱلفقه في ٱللِّسان ٱلمُبين كواقع عمليٍّ حَيٍّ منذ أربعة عشر قرنًا. وإنّه لَلِسانٌ لا مُكْنَةَ لأحدٍ أن يُحيطَ بجوامع كَلِمِه إلا أنْ يَكُون نَبيًّا كما قال الإمام "الشافعيّ" رحمه ٱللّه. وهَيْهات لمن كان حالُه عِيًّا وفَهاهةً أنْ يَستقيم له قولٌ في لسان ذاك شأنُه. ولكنّ أكثر النّاس لا يَعلمون!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.