تحل اليوم الثلاثاء٬ الذكرى الرابعة والستين لنكبة فلسطين٬ التي احتلت فيها إسرائيل أرض فلسطين التاريخية عام 1948٬ وقامت بتهجير سكانها قسرا واستولت على أراضيهم وممتلكاتهم وارتكبت في حقهم أبشع المجازر٬ التي راح ضحيتها عشرات الآلاف منهم . ويمثل إحياء ذكرى النكبة٬ بالنسبة للفلسطينيين٬ مناسبة لدعوة المجتمع الدولي بصفة عامة ومنظمة الأممالمتحدة على وجه الخصوص٬ لتحمل مسؤولياتهما التاريخية لتنفيذ القرار الأممي 194 وإعادة الحقوق الشرعية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني٬ وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. ومع أن مصطلح نكبة عادة ما يطلق على الكوارث الناجمة عن العوامل الطبيعية٬ فإن نكبة فلسطين "كانت عملية تطهير عرقي وتدمير وطرد لشعب أعزل وإحلال شعب آخر مكانه٬ جاءت نتاجا لمخططات عسكرية بفعل الإنسان وتواطؤ الدول". وقد عكست أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير٬ إلى غاية السيطرة على ما تبقى من أراضي فلسطين عام 1967 المأساة الكبرى للشعب الفلسطيني٬ حيث تم تشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة٬ فضلا عن إخلاء الآلاف منهم من ديارهم ٬رغم بقائهم داخل الأراضي التي أخضعت لسيطرة إسرائيل٬ وذلك من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948٬ في 1300 قرية ومدينة فلسطينية. وهكذا سيطر الإسرائيليون خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة٬ كما ارتكبت العصابات الصهيونية أزيد من 70 مذبحة ومجزرة في حق الفلسطينيين٬ أدت إلى استشهاد أزيد من 15 ألف فلسطيني. وبعد مرور 64 عالما على اغتصاب أرض فلسطين التاريخية٬ ما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمعن في حملتها الشرسة على الحجر والبشر في هذه الأرض٬ من خلال مخططات التوسع الاستيطاني وعمليات التهويد والممارسات القمعية والمضايقات اليومية بشتى أنواعها في حق أبناء الشعب الفلسطيني٬ الصامد على أرضه والمتشبث بحق العودة إليها٬ بعدما ما تكبده من محن التهجير و اللجوء والتشرد. وقد أظهرت دراسات دولية٬ أن السياسات الإسرائيلية الممنهجة أدت إلى تهجير ما نسبته 31 في المئة من الفلسطينيين٬ منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000٬ سواء كان تهجيرا دائما أو مؤقتا٬ فيما شهدت عمليات التوسع الاستيطاني٬ الذي تحول إلى عقدة مركزية في طريق التوصل إلى حل الدولتين٬ خلال الأشهر القليلة تصعيدا خطيرا في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة٬ وعلى الخصوص في الجزء الشرقي من مدينة القدسالمحتلة. وفي هذا السياق تشير أحدث البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء الفلسطينية٬ إلى أن إسرائيل أصبحت تستولي على نسبة 85 في المئة من أرض فلسطين التاريخية٬ وأن عدد المواقع الاستيطانية بالضفة الغربية بلغ 474 موقعا في نهاية سنة2011٬ في الوقت الذي التهم فيه جدار الضم والعزل العنصري 13 في المئة من مساحة الضفة. وضمن استراتيجيتها لتهجير الفلسطينيين٬ وتكريس سياسة الأمر الواقع على الأرض٬ أقدمت سلطات الاحتلال على هدم مئات المنازل في الأراضي الفلسطينية٬ وتوجيه إنذارات بهدم أخرى أو الاستيلاء عليها وطرد سكانها٬ وإقرار بناء آلاف الوحدات السكنية وشرعنة البؤر الاستيطانية بمختلف مناطق الضفة الغربية٬ ناهيك عن تصعيد عمليات تهويد القدسالمحتلة٬ والسيطرة على الأراضي الفلاحية وحرق الأشجار ومصادرة موارد المياه وتبني سياسة الاعتقالات كسلوك يومي ممنهج والتضييق على الفلسطينيين في مصادر أرزاقهم. ولمواجهة هذه المخططات٬ يخوض الفلسطينيون معارك على أكثر من جبهة٬ لفضح الممارسات والمخططات الإسرائيلية٬ الرامية إلى التنكر لحقوقهم الشرعية٬ التي كفلتها المواثيق والقرارات الدولية٬ حيث لا يزالون يتمسكون بحق العودة٬ الذي يعتبرونه حقا مقدسا لا تنازل عليه٬ وكذا بتفعيل قرارات الشرعية الدولية التي كفلت الحق بعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها٬ كما يضعون وقف المد الاستيطاني٬ المخالف لكل القوانين الدولية٬ في مقدمة شروط استئناف مفاوضات السلام مع الإسرائيليين. وإحياء للذكرى الرابعة والستين للنكبة٬ من المقرر أن تنظم الفلسطينيون٬ اليوم٬ العديد من الفعاليات المركزية٬ سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة٬ وكذا في الشتات٬ تؤكد في مجملها على الرفض الفلسطيني المطلق لإسقاط حق العودة. يذكر أن الذكرى الثالثة والستين لنكبة فلسطين٬ كانت قد شهدت أحداثا غير مسبوقة٬ داخل الأراضي الفلسطينية والشتات٬ خاصة في دول الطوق الإسرائيلي (مصر ولبنان وسورية والأردن)٬ أدت إلى سقوط أزيد من 13 شهيدا وإصابة المئات بجروح.