رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية يعتبر أن عدم إرجاع الأموال المنهوبة للتعاضدية قد يشرد مليون و200 ألف مستفيد اعتبر عبد المولى عبد المومني رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، في حوار مع "هسبريس" أن ما يهم التعاضدية في محاكمة الفراع ليس هو الرفع من العقوبة الحبسية ضده، بل استرجاع أموال التعاضدية التي تم تبديدها خلال سنوات التسيير السابق، لأن التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بأمس الحاجة لهذه الأموال ضمانا لاستمرارها في أداء خدماتها، وإلاّ فإن الخصاص المالي قد يحرم أكثر من مليون و200 ألف مستفيد من خدمات هذا القطاع الحيوي. قضت غرفة الجنايات المكلفة بالجرائم المالية بمحكمة الاستئناف، الأسبوع الماضي، بالرفع من العقوبة الحبسية للرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، امحمد الفراع، ما هو تعليقكم على هذا الحكم؟ أود في البداية أن أعبر عن احترامي للقضاء ولقضاة المملكة. صراحة ما كان يهمنا في هذه المحاكمة ليس هو الرفع من العقوبة الحبسية ضد الرئيس السابق، أو حتى جميع المتابعين بقدر ما كنا نهتم باسترجاع أموال التعاضدية العامة التي تم تبديدها خلال سنوات التسيير السابق، والتي أثبتها الدراسات والافتحاصات المالية المستقلة وحتى الرسمية. لهذا، أكد لنا محامو التعاضدية العامة على ضرورة نقض الحكم بسبب هزالة التعويض الذي قضت به المحكمة، فبعد أن كان المبلغ هو مليار سنتيم خلال المرحلة الابتدائية تقلص المبلغ إلى 100 مليون سنتيم، علما أن التعاضدية العامة تنصبّت طرفا مدنيا من أجل استرجاع أموال المنخرطين، بناء على طلب من وزارة المالية، لهذا، طالبنا بمبلغ 117 مليار سنتيم، والتي تم تبديدها بناء على تقارير المفتشية العامة لوزارة المالية والافتحاصات الخارحية المستقلة. إن رغبتنا في استرجاع أموال التعاضدية العامة ترجع بالأساس إلى أن المنخرط ولا شيء غير المنخرط هو همنا الأول، لأن المجلس الإداري الحالي وضعه في صلب اهتمامه وأولوياته. لذلك قررنا اللجوء إلى مسطرة النقض استنفادا لجميع الطرق القانونية المتاحة بغية استرجاع أموال المنخرطين. وقد قام محاميو التعاضدية العامة فعلا بنقض الحكم يوم الجمعة الماضي الذي تلا النطق بالحكم في هذه القضية، لأن التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بأمس الحاجة لهذه الأموال ضمانا استمرارها في أداء خدماتها، وإلا فإننا سنحرم أكثر من مليون و200 ألف من خدمات هذا القطاع الحيوي في الوقت الذي باشرت الحكومة بقيادة ملك البلاد ورش نظام المساعدة الطبية( لارميد). كيف تلقيتم خبر إسقاط المحكمة عن الفراع تهمتين من أصل ثلاث، وقررت مؤاخذته بتهمة واحدة فقط وهي تبديد أموال عمومية؟ كما قلت أنا أحترم مؤسسة القضاء وسلطته، والقضاء يتحمل مسؤولية أحكامه. والتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية تنصبت كطرف مدني بهدف إرجاع أموال المنخرطين، التي كما قلت أثبت التقارير الرسمية والمستقلة تبديدها مما تسبب بعجز هيكلي للمؤسسة. وكرئيس للتعاضدية العامة جئت عن طريق صناديق الاقتراع، مثلي مثل باقي أعضاء المجلس الإداري، فإننا جميعا نتحمل مسؤولية الدفاع وحماية أموال المنخرط، التي تم التصرف فيها بدون حق وخارج الضوابط القانونية، والتي أثبتها التقارير الرسمية والمستقلة، وبالتالي فإن إدانة الفراع بتهمة أو ثلاث بالنسبة للتعاضدية العامة ليست هي مربط الفرس وإنما إرجاع أموال المنخرطين، أما عدد التهم فهو من حق النيابة العامة. وأعتقد أن مبلغ 117 مليارا سنتيم كان كافيا لفتح مجموعة من الأوراش التي سيستفيد منها المنخرط بدون شك، وكافي أيضا للخروج من الاحتقان المالي الذي تعيشه التعاضدية العامة. وفي حال عدم استرجاع هذه الأموال هل ستستطيع التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية تحقيق التوازن المالي، أم أنها ستقفل أبوابها في وجه منخرطيها؟ نتمنى فعلا استرجاع هذه الأموال، فالتعاضدية العامة دفعت مؤخرا للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي المعروف ب"كنوبس" مبلغ مليار و200 مليون قد تم التصرف فيها بدون وجه حق في فترة التسيير السابق فقضت المحكمة بإرجاع هذا المبلغ إلى الصندوق. زد على هذا العجز الهيكلي، الذي أقرته الدراسات الذي توجد عليه التعاضدية العامة بسبب سوء التسيير السابق، فالمؤسسة عندما تسلمناها كانت على حافة الإفلاس، وما يثبت ذلك هو تطبيق حكومة الفاسي للفصل 26 من ظهير 1963. لكن بدون إرجاع هذه المبالغ فإن التعاضدية العامة ستعرف صعوبات مالية كبيرة مما قد يتسبب في تشريد أكثر من 500 مستخدم وأكثر من مليون و200 ألف مستفيد، اللهم إذا قامت الدولة بضخ هذه الأموال في حساب التعاضدية العامة، لأن هذه الأخيرة لا تستطيع الاقتراض من الأبناك بقوة القانون. لقد كثر الحديث واللغط بشأن قراركم مراجعة الانخراطات، ما حقيقة هذا القرار؟ صراحة كثر القيل والقال بشأن هذا القرار الذي ليس سوى قرار الجمعية العمومية، التي تعتبر أعلى هيئة تقريرية في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية. ورفعا لأي لبس فإن قرار المراجعة ليس قرارا انفراديا لعبد المولى. ولقد جاء تبني هذه القرار بعد الدراسات الحديثة والافتحاصات المالية ونتائج الدراسة الإكتوارية، والتي تعنى بالجانب المستقبلي. هذه الأخيرة كشفت أن التعويضات المقدمة للمنخرطين هزيلة ولم يطرأ عليها أي تغيير منذ أكثر من 30 سنة، لذلك صوتت الجمعية العمومية بجرأة على قرار مراجعة الانخراطات، التي ستمكن التعاضدية العامة من تحسين وتجويد خدماتها. وبالتالي فإن هذا القرار لم يكن نتيجة مزاج شخصي أو مزايدة، بل بناء على نتائج وتوصيات الدراسة الاكتوارية. كما أن هذا القرار، الذي صادق عليه أعضاء الجمعية العامة، الذين هم أيضا منخرطون، جاء وعيا منهم بالدور الذي ينبغي أن تلعبه التعاضدية العامة كفاعل فيما يعرف بالاقتصاد الاجتماعي التضامني باعتبار التعاضد رافدا من روافد هذا الاقتصاد. وردود الفعل التي أشرتم إليها ما هي إلا أصوات" نشاز" لم تستوعب جيدا حساسية الظرفية وأهمية هذا القرار الاستراتيجي، لكن بعض لوبيات الفساد ظلت تحاول الضغط والشوشرة من أجل تأخير تطبيق مؤسسات الدولة المنخرطة في التعاضدية العامة لهذا القرار بسبب حسابات سياسوية ضيقة، لا نعلم لحساب أي جهة تشتغل. ونحن ندعو بهذه المناسبة جميع هذه المؤسسات إلى تطبيق القانون وتطبيق قرارات الجمع العام لما فيه صالح للمنخرط خدمة للتنمية البشرية المستدامة وإنجاح لمشروع التغطية الصحية ببلادنا. أعطى الملك، شهر مارس المنصرم مراسم انطلاق عملية تعميم نظام المساعدة الطبية (لارميد)٬ ماذا يعني لكم ذلك؟ بصفتنا رئيسا للاتحاد الإفريقي للتعاضد ونائبا لرئيس الاتحاد الدولي للتعاضد، اعتبر هؤلاء المساهمون الخطوة جريئة وكبيرة. ونحن نفتخر بهذه الانطلاقة ونباركها لأنها ستمكن 8 ملايين ونصف من المغاربة في وضعية هشة من الاستفادة. ولابد من التأكيد على أن هذا النظام يترجم بحق معنى التكافل والتضامن الوارد في الدستور، كونه يهدف إلى تحسين الولوج إلى العلاج من قبل الشرائح الاجتماعية الهشة وذات الدخل المحدود، ويعد أحد أهم الأنظمة في مجال التغطية الصحية الأساسية إلى جانب التأمين الإجباري الأساسي عن المرض. كما أن تطبيقها سيخفف الحمل عن القطاع التعاضدي. شاركتم نهاية شهر فبراير في اجتماعات للاتحاد الدولي للتعاضد بالعاصمة الإيفوارية فيما تم التداول؟ وما هي النتائج النهائية لهذه الاجتماعات؟ نعتبر النتائج المحصلة عليها جد إيجابية، فقد قدمنا التجربة المغربية في التغطية الصحية على مستوى التعاضدية العامة والتي لقيت استحسان المسؤولين الأفارقة المشاركين في هذا اللقاء، ودعينا إلى تعميمها على المستوى الإفريقي لأنها تجربة يحتذى بها. وهذا مكسب حقيقي للمغرب. وحتى الاتحاد الدولي للتعاضد فإنه يتمسك بالمغرب لتصدير العمل التعاضدي ونظام التغطية الصحية إلى دول إفريقيا، لأنه يعتبره البوابة الأساسية نحو باقي هذه الدول. وتكللت هذه الاجتماعات بالتوقيع على مخطط استراتيجي وبرنامج عمل بالنسبة للاتحاد الإفريقي للتعاضد. وللإشارة فإن البرنامج الاستراتيجي للتعاضدية العامة برسم سنة 2012-2013، تضمن السهر على تطوير التواصل المؤسساتي من أجل التموقع في المحيط الوطني والدولي للمؤسسة تعزيزا لدورها داخل الاتحاد المغربي للتعاضد والاتحاد الإفريقي والاتحاد الدولي للتعاضد. وماذا بخصوص سير العمل بالتعاضدية العامة؟ يمكن القول بأن التعاضدية تعيش اليوم مرحلة جديدة، بفضل تضافر جهود جميع أعضاء المجلس والمكتب الإداريين وكذا النقابات الممثلة داخلهما وسهرهم على إنجاح مشروع التغطية الصحية بالمغرب، وجعل التعاضدية العامة قاطرة لتطوير التعاضد بالبلاد، إلى جانب الإصلاحات الجوهرية التي أقرتها الأجهزة الحالية، حيث أصبحت تعمل بطريقة ديمقراطية وشفافة والقرارات تأتي من الجمع العام ومن المجلس الإداري ويسهر المكتب الإداري على تنفيذها. لكنها تواجه للأسف استمرار لوبي الفساد الذي يحاول التشويش على عملنا وعرقلة كل الخطوات الإصلاحية التي نقوم بها، لا لشيء سوى للنتائج الايجابية التي نحققها والتي تستفزه. فقد انفتحنا على المحيط الخارجي وأصبحنا نحترم الآجال القانونية ونطبق الحكامة الجيدة والفصل بين السلط. وكمثال على ذلك الحملة الشرسة التي يقودها هذا اللوبي ضد مراجعة الانخراطات. بالرغم من أنه لأول مرة في تاريخ التعاضدية العامة سيتم الرفع من منحة التقاعد من 6500 درهم إلى 20.000 درهم، مع خلق منحة جديدة تصل إلى 500 درهم كمنحة سنوية للأطفال المعاقين ذهنيا وغير المتمدرسين وغير المزاولين لأي عمل يدر دخلا.