*فضائح الصفقة رقم (250.702/ DCA) "" *الإيطاليون كانوا أذكياء والمغاربة ضيعوا ملايين الدراهم في صفقة شراء قطارات من طابقين تطالب هذه الأيام، أكثر من جهة من داخل المكتب الوطني للسكك الحديدية ومن خارجه، بحلول لجنة لتقصي الحقائق، للبحث في الصفقة رقم (250.702/ DCA) المتعلقة بشراء قطارات من طابقين (Rames automotrices)، مع مطالبة هذه الجهات كذلك بإجراء افتحاص مالي، بغية البحث في المسارات الملتوية التي اتخذها حجم الاستثمارات الضخمة الموظفة في المكتب الوطني للسكك الحديدية وفي المؤسسات التابعة له ك "سوبراتور" وشركة "كاري"(...). وكان المكتب الوطني للسكك الحديدية، عبر مزاد دولي تحت رقم (4-2002/MT) وتطبيقا للفقرة الثانية من الفصل 19 والفقرة الثالثة من الفصل 20، للظهير رقم 2-98-482 الصادر في 11 رمضان 1419 (30 دجنبر 1998)، قد وقع عقدا لتزويده بقطارات من طابقين، تصنع من طرف الشركة التي فازت بالصفقة رقم (250.702/ DCA) وهي الشركة الإيطالية (أنزالدو بريدا( (ANSALDOBREDA/S.P.A) المتواجد مقرها الرئيسي بمدينة نابولي الإيطالية. الشركة الإيطالية التي فازت بالصفقة التزمت وحسب بنود العقد، بتسليم المكتب الوطني للسكك الحديدية، 24 قطارا من طابقين في مدة حددت في 26 شهرا، تبتدئ من 31 أكتوبر 2003 وتنتهي في 31 دجنبر 2005. ومن الأخطاء الفادحة التي وقع فيها مسؤولو وزارة النقل والتجهيز والمكتب الوطني للسكك الحديدية ووزارة المالية، أن العقد تضمن ثغرة تتعلق بعدم التطرق للمدة المتفق عليها بين الجانبين، عند انتهاء تاريخ 13 دجنبر 2005، فهل ستسلم الشركة الإيطالية أول قطار من طابقين أم جميع القطارات المتفق عليها، مع العلم أن برنامج التسليم وكما جاء في الصفقة، هو 31 دجنبر 2005، لكن بندا في الصفقة، أكد أنه خلال كل أسبوع تأخير، يتم فرض ذعيرة/ غرامة مالية حددت في 5 في الألف عن كل قطار من طابقين. وكما هو محدد في الصفقة، فسعر القطار الواحد من مستويين، يقدر ثمنه ب 7507.975 أورو (أي حوالي 82.58.772.500 درهم)، وإذا ما استعملنا منطق الحسابات، فإن هذا الرقم إذا ما ضرب في 5 في الألف سنصل إلى مبلغ مالي يقدر بملايير الدراهم، بمعنى أنه مع كل أسبوع تأخير، ما دام المكتب الوطني للسكك الحديدية لم يتسلم، إلا 6 من أصل 24 قطارا من طابقين، سنصل إلى مبلغ مالي يقدر ب 37540 أورو (431.710.00 درهم(عن كل أسبوع تأخير. ولتذكير القابعين في مكاتبهم المكيفة وفي دار غفلون، فخلافا للصفقة رقم (250.702/ DCA)، ورغم انصرام المدة المتفق عليها، فإن الشركة الإيطالية (ANSALDOBREDA) ولأسباب مازالت مجهولة لحدود اليوم، لم تسلم ولو قطارا واحدا خلال التاريخ المتفق عليه بين الجانبين، مما اضطرهما إلى الاتفاق على تاريخ آخر، حدد في 30 أبريل 2006. المتتبعون لهذا الملف الساخن، أكدوا "للمشعل" أنهم لم يجدوا أي مبرر معقول لكي تتأخر الشركة الإيطالية عن الالتزام بتعهداتها، في الصفقة المذكورة والتي وقعت أواخر سنة 2002 بالرباط من طرف وزير النقل والملاحة التجارية ومحمد ربيع لخليع المدير المركزي للأنشطة آنذاك (المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية الحالي) مع تأشير من طرف المراقب المالي للمكتب الوطني للسكك الحديدية. كما أنه على المستوى العالمي لا يتم التأخر عن الوفاء بالالتزامات إلا في حالة وجود ظروف قاهرة، كالزلازل والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية، وهو الشرط غير المتوفر في حالة الشركة الإيطالية والمكتب الوطني للسكك الحديدية، باستثناء بند تحدث عن "أن وزارة النقل والمكتب الوطني للسكك الحديدية، وبالنظر لأهمية هذه الصفقة على المستوى الاستراتيجي ولتجنب كل سوء فهم مع المزود الإيطالي، تقرر إزالة الذعائر المالية، وتأجيل تطبيقها إلى تاريخ تسلم آخر قطار، طبقا لما جاء في بنود الصفقة". فمن المسؤول عن كل هذه الفضائح والخروقات، هل وزارة التجهيز والنقل أم المكتب الوطني للسكك الحديدية، أم وزارة الاقتصاد والمالية التي تتكلف عادة بتتبع ومراقبة الصفقات عبر مراقب مالي؟ كما أن صفقة تزويد المكتب الوطني للسكك الحديدية بقطارات من طابقين (rames automotrices)، ممولة عبر قروض، تطرح أكثر من علامة استفهام، مثلا كيف سيدفع المغرب هذه القروض وهو الملتزم بدوره بتأدية ما بذمته من أموال، ومن سيؤدي فوائد التأخير، هل الشعب المغربي كالعادة أم أنها ستؤدى، من ميزانية استغلال المكتب الوطني للسكك الحديدية؟ نعود للصفقة المشؤومة، فمن خلال تجميع أيام التسليم الأول (31/12/2005) والتسليم الثاني (30/04/2006) الذي تم الاتفاق عليهما من طرف المكتب الوطني للسكك الحديدية وشركة (أنصالدوبريدا) الإيطالية، إن هناك تأخيرا بمعدل سبعة أشهر، وهو ما يعطينا مبلغا ماليا قدر ب (13.383.010 درهم( كما أن القطار (9) من أصل 24 قطارا من طابقين والذي سلم خلال شهر أكتوبر الماضي (2007)، والذي كان من المفروض حسب الصفقة أن يسلم في 15 يونيه 2006، ما يعطينا تأخيرا ب 67 أسبوعا، أي ذعيرة مالية ضد الشركة الإيطالية المحظوظة ب 28.924.570 درهم (2.515.180 أورو( وإذا ما طبقنا معدلا افتراضيا لجميع أيام التأخير، سنصل في نهاية المطاف إلى مبلغ إجمالي يقدر بحوالي 50.341.140 أورو (أي ما يعادل حوالي 55.375.254 درهم( ومبلغ 50.341.140 أورو يبدو عاديا، إذا ما قارناه بالرقم الحقيقي الذي سيرتفع مع كل أسبوع تأخير، وقد يصل إلى ما نسبته 28 في المائة من القيمة الإجمالية للقطارات الأربعة والعشرين، وهي النسبة التي لا يمكن للأسف أن تطبق على الشركة الإيطالية، التي كان مسؤولوها أذكى من مسؤولينا، حيث أنه في البند 18 النقطة 2 من الصفقة (250.702/DCA)، تحددت قيمة الذعيرة في 10 في المائة، بل إن الإيطاليين ركزوا في الصفقة، على أن قيمة الذعيرة لا يجب أن تتعدى 10 في المائة من المبلغ الإجمالي للصفقة. هذه الأرقام والمعطيات تدفعنا لطرح التساؤل التالي، لماذا لم يلغ المكتب الوطني للسكك الحديدية الصفقة، ما دام بند بالصفحة 17/26 يتحدث عن أسباب ومسببات إلغاء الصفقة. كما أن حجم الذعائر التي هي في ذمة الشركة الإيطالية (ANSALDOBREDA) أي (28 في المائة) يمكن أن نشتري بها 7 قطارات أخرى من طابقين!! حجم الصفقة الإجمالي، وكما تم الاتفاق عليه بين الأطراف المعنية هو 187.187.400.00 أورو، في الدفعة الأولى، حيث ستسلم الشركة الإيطالية 18 قاطرة من طابقين، مع إضافة 6 قطارات أخرى، شريطة أن يتم خصم مبلغ مالي يقدر ب 77300 أورو عن كل قاطرة من المبلغ الأساسي، للقاطرة الواحدة التي حدد ثمنها في 7.527.300 أورو، لتصبح بثمن 7.450.000 أورو، أي بتخفيض يصل، كما أكدنا عليه أعلاه إلى 77300 أورو للقاطرة الواحدة، لنصل إلى ما مجموعه 463800 أورو، إذا ما ضربنا المبلغ المحصل عليه في ستة، أي القطارات الستة المتفق على تصنيعها من طرف الشركة الإيطالية، بعد تسليم 18 قطارا الأولى. كوارث قطارات الطابقين، التي تسلمها المغرب لحدود اليوم لا تعد ولا تحصى، وحتى المرائب المخصصة لها غير موجودة لا في الدارالبيضاء ولا في الرباط، أما المكيفات الهوائية فهي في حالة عطب مستمر، الأبواب تفتح في بعض الأحيان ولا تقفل إلا بالحضور الشخصي للسائق، وعلى ذكر السائق، فقطارات عويطة، تشتغل بسائق واحد إذا اضطر المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى تجميع قطارين، أما في القطارات الجديدة من طابقين، لا يمكن استعمال قطارين لغياب نظام شبيه لذلك المستعمل في قطارات عويطة. كما أن جهاز الكمبيوتر الموضوع بغرفة القيادة، يجبر السائق على إيقاف القطار لمجرد عطب بسيط، كما أن القطارات الجديدة مجهزة أيضا بمادة بلاستيكية شديدة الاشتعال ولا تقاوم الحرائق، ناهيك عن أن نظام الفرامل مع كل فرملة مباغثة تضطر هي الأخرى السائق إلى إعادة محاولة القيام بتجربة جديدة للفرملة، أضف إلى ذلك أن قطع الغيار لا تسلم في وقتها، رغم أن الصفقة (250.702/ DCA) واضحة في هذا الجانب، كما أن هذه القطارات تسجل بها أعطاب كثيرة مقارنة مع قطارات عويطة. وبالرجوع إلى الوراء وبالتمعن في الصفحة 78 من التصميم الخماسي 1999/2003، فقد منحت الدولة اعتمادات تقدر ب 1200 مليون درهم من أجل اقتناء 60 عربة و8 قطارات ذاتية الدفع، أما ما تم الاتفاق عليه طبقا للصفقة المبرمجة مع الإيطاليين، فقد تم شراء 24 قطارا، من طابقين لم يتوصل المكتب الوطني للسكك الحديدية خلال عام 2006 سوى بقطار واحد منها. كما أن المكتب الوطني للسكك الحديدية، صرف 1100 مليون درهم لعصرنة القطارات، وهو المبلغ الذي يساوي خمس مرات الاعتمادات المخصصة حسب التصميم الخماسي في الصفحتين 77 و78، لترميم 14 قطارا من سنة 1999 إلى سنة 2003 والتي كانت بمبلغ 211 مليون درهم. وبخصوص التأخيرات المسجلة على مستوى مواعيد انطلاق ووصول قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى المحطات المبرمجة، سجل في شهر واحد، تأخير ب 68012 دقيقة لقطارات المكتب بكل أنواعها، (مسافرين/ تجارة/ نقل فوسفاط(، إضافة إلى 86 طلب إغاثة من القطارات و107 حالة جر، و68 حادثة آلية، و472 حادثة مختلفة، إضافة إلى 43 خروج متأخر للقطارات وإلغاء 41 قطار لأسباب شتى. سنفتح في الأعداد القادمة ملفات تتعلق بالمشاكل الاجتماعية وبالتقاعد وبالتعاضدية وبمنظومة الأجور، وما يرتبط بما سمي بالشركة الوطنية للسكك الحديدية التي أنشئت برأسمال الدولة. مصطفى ريحان سكرتير التحرير بأسبوعية المشعل