إنه سفير المجلس الوطني الانتقالي إلى المغرب. وبما أن التعيينات الدبلوماسية في العرف السياسي بين الدول، هي من أبرز المؤشرات والإشارات على نوعية وأهمية العلاقات الثنائية، فلنا أن نستنتج مدى اهتمام وتقدير صاحب القرار السياسي في ليبيا اليوم، للعلاقات مع بلد بثقل المغرب ودوره السياسي والأمني والإستراتيجي الحساس إقليميا وأفريقياً ودولياً. فسفيرنا يتمتع بمؤهلات ومقدرات لا يجود بها إلا سلك دبلوماسي "جماهيري" عريق، كسلك النظام المقبور، حيث ترعرع وتتلمذ أغلب السفراء الحاليين للمجلس الانتقالي وحكومته المجيدة، وأبرزهم سفيرنا بالرباط، الذي شغل كل المهام المكلف بها من طرف نظام القدافي، وبكل تفاني وهمة، سواء في الدبلوماسية أو في قطاع الحديد والصلب، أوغيرها ؟ وهو صاحب خبرة منقطعة النظير في الشؤون المغربية، فبحسب ما ذكره في أكثر من مناسبة، فقد سبق له وأن زار المغرب لمرة واحدة، وكمسافر "ترانزيت"، في تسعينيات القرن الماضي ! إذاً المؤهلات والتاريخ المهني .. حدث ولا حرج. فماذا عن الممارسات، بعد التعيين ؟ لا أدري من أين أبدأ .. وإلى أين سننتهي ؟! "البداية" لنبدأ مع وصول "سيادته"، إلى الديار المغربية، حيث أُستقبل من طرف أبناء الجالية المتفائلين المتحمسين، استقبال "المهدي" المنتظر، و"الفاتح" المظفر، إلا أنهم اكتشفوا متأخراً أن "المهدي" كان موجود بينهم قبل قدوم السفير، و"الفاتح" بعد الثورة، لا يختلف كثيراً عن "الفاتح" قبلها. حط السفير "الموقر" على أرض المغرب، و"نط" مباشرة إلى البنك المعتمد، ليتحقق من الأرقام المتوفرة، نفر من الجميع منذ الوهلة الأولى، فلم يجتمع بأي من أفراد البعثة الدبلوماسية، ولم يتشاور مع أي كان منهم ؟، لم يقم ولو بزيارة معايدة واحدة، لأي من الجرحى الثوار ولا المصابين !، لم يستدع أو قابل أو تعرف على أحد من أفراد الجالية الليبية بالمغرب ..؟! بل انتقى نديماً ورفيقاً واحد أوحد، أصبح منذ "الليلة الأولى"، هو ظله وصوته ويده اليمنى، بل واليسرى وأعضاء أخرى كذلك. مؤهلات النديم تفوق مؤهلات السفير، فهو سجين هارب من حكم بالمؤبد، في ليبيا، لإدانته بجريمة قتل على خلفية جنائية أخلاقية، تم تهريبه للخارج بترتيب من طرف السفاح: عبدالله السنوسي، وجهازه القذر، بقصد زرعه بين صفوف المعارضة، فانتهى به المطاف، موظفاً في "المكتب الشعبي" بالرباط، براتب موظف محلي، بعد ترتيب وتدخل من "المرحوم الحي": محمد الزوي. نعم اليوم سفارتنا الليبية بالمغرب الشقيق، مغرب المواقف السياسية والدبلوماسية الدولية، المساندة ل 17 فبراير، مغرب الدعم والمساندة والعضد المغاربي والإقليمي، مغرب إيواء ومعالجة الجرحى الثوار، مغرب الملفات الشائكة والخطيرة العالقة، والتي لا تحتمل التأجيل، والمتعلقة بأموال استثماراتنا المليارية، ومئات المطلوبين والفارين من عدالة ثورة 17 فبراير، يمثلها موظف مغمور سابق، وسجين مغامر أسبق ؟! "ثوار الجالية" بالرغم من كل ما قام به أولئك شباب ليبيا بالمغرب، سواء مقيمين أو طلبة أو بعض الموظفين المنشقين، من واجبات وطنية، دعمت خيار شعبنا ووطننا منذ اليوم الأول للثورة، وتنوعت بين التوجه إلى القتال في صفوف الجبهات الداخلية، وبين التوجه إلى الجبهات الدبلوماسية والسياسية الدولية، لحشد المساندة والاعترافات الأممية بشرعية الثورة ومجلسها المؤقت، وآخرين إلى جبهات الإعلام والصوت الصحفي، ونجاح بعضهم في جمع الأموال والمساعدات الإنسانية، وإيصالها شخصياً إلى خطوط الجبهات الأمامية، ومخيمات اللاجئين في حدود البلاد، وتكلف بعضهم باقتحام حصن "المكتب الشعبي"، وتحويله إلى "سفارة ليبيا" يرفرف عليها علم الاستقلال علياً شامخا، والحفاظ على ممتلكات ومحتويات السفارة قطعة قطعة، والسير بخدماتها للمواطنين بقدر المستطاع، واستضافة أبطالنا الجرحى الثوار، والتكفل بمصاريفهم، ورعاية مصالحهم، إلى ما بعد وصول السفير "الفاتح" المظفر، بأشهر. إذاً وبعد كل هذا الجهد الوطني النبيل لأبناء الجالية الليبية بالمغرب، ما هم، وبحسب تصريحات رسمية "لسعادة فوق العادة"، سوى حفنة من الغوغاء المجرمين والطامعين في وظائف، وأزلام للنظام السابق..!، ولا يستحقون من ثمار الثورة سوى سيارة أمن مغربي، مرابط بها فصيل من أفراد مكافحة الشغب، أمام باب السفارة ليل نهار، لا يترددون في استعمال العنف والقوة لمنع اقتراب أي ليبي من باب السفارة، مهما كانت صفته أو غرضه، إلا بأمر من "ظل" السفير ونديمه الحميم ! الأمر الذي يعد سلوك مهين لكرامة الليبيين في ديار الغربة، وازدراء مشين لقيم وحقوق المواطنة، وصورة معيبة في حقنا جميعاً، مشهد يحيلنا إلى ممارسات أمناء "المكاتب والمثابات" سابقاً، وممارساتهم الاستعلائية المتكبرة على عموم المواطنين من أبناء الشعب صانع الثورة. وربما واقعة احتفالية ذكرى ثورة 17 فبراير، بأفخم فنادق العاصمة الرباط، والتي أحتُقر فيها كل الليبيين المتواجدين في المغرب بدون استثناء، بعدم دعوتهم، واقتصار الحضور على ضيوف السفير "المختارين"، وجوقته المطبلة له، وعلى رأسهم الرفيق الخليل، وكم وقفت مشدوهاً مأخوذا أمام ذلك الموقف "المخزي"، الذي عاشه "سعادة" السفير، وهو يتلقى التوبيخ والذم والبهدلة، من طرف ثوار أحرار في سن أبنائه، مطأطئ الرأس، مرتعد الفرائض، وتساءلت لألف مرة ومرة : ما الذي يجعل رجل عاقل ومسئول، أن يتحمل كل تلك المهانة و"التهزيب"، في هذه الوظيفة الحساسة ؟ هل كل هذا حباً في الوطن ؟ ؟ ؟ فجاءتني الإجابات وتأكدت الردود من مواقف، وأحداث سابقة ولاحقة، مضمونها يقول أن : للرجولة مواصفات وشروط لا تنطبق بالضرورة على كل ذكر : *. فمن يعاني التكبر والتعجرف والتعالي الأجوف مع أبناء وطنه، لا يتوانى على التطاول والاستخفاف بأزمات حتى الحرائر الليبيات، في بلاد الغربة، كما حدث مع المشتكيات / سدينة مفتاح بلعيد خلف الله، و ابتسام الصادق محمد الفقي، و هاجر الصادق الفقي، و سندس الصادق الفقي، وغيرهن، جراء عقد النقص وداء النقيصة، الظاهر في كل تصرفات وسلوك وكلام سفير "المجلس". *. ومن ينفق من المال العام، لشراء ذمم الضعفاء لاستمالتهم، أو لضمان صمتهم عن حقوقهم، كما حدث مع المواطن / أحمد محمد الطاهر أبوزيد، الذي عرض عليه السفير، عبر وسيطه "الحميم"، مبلغ 15 ألف يورو، مقابل التراجع عن عزمه رفع قضية (إهمال مفضي إلى وفاة)، والتي يتهم فيها السفير شخصياً بالتقصير، لرفضه مد يد المساعدة للحالة الصحية الحرجة التي كانت تمر بها إبنته الراحلة: حياة أحمد محمد أبوزيد، الأمر الذي أدى إلى وفاتها. أو كما حدث مع صرف منح ومكافئات "خاصة" لبعض الجرحى، دون غيرهم، كرشوة لتأليب بعضهم على بعض، الأمر الذي أفضى إلى جريمة قتل بشعة، راح ضحيتها المسئول المالي لملف الجرحى الراحل: الحاج الكساب، ولا يزال ملف التلاعب المالي الخطير في نفقات الجرحى، وعلاقة السفارة بذلك، محط تحقيق وتدقيق من طرف لجنة هيئة رعاية الجرحى، والتي لم تنجو بدورها من تطاول السفير، ومحاولاته المستميتة والمتكررة في التدخل للسيطرة على إنفاقاتهم المالية بالذات ! *. ومن يكتب الرسائل الكيدية، وتسخير زمالته مع لوبي وزارة الخارجية "الجماهيرية"، للتأمر على مواطنين شرفاء، وثوار الفعل لا الإدعاء، فقط لكونهم أجدر منه وأكثر كفاءة وشعبية بين أوساط الجالية، وذنبهم أنهم واجهوه بحقيقة ضعفه وعدم أهليته لمهمة كهذه، كما حدث مع قرار إيقاف الأستاذ: عبد النبي عبودة، القنصل العام، أو الأستاذ: عزالدين اللواج، الكاتب والصحفي المعروف، أو إزكاء قرار إغلاق القنصلية الليبية بطنجة، أو الإساءة بالتقول والإشاعات على القنصل المكلف بالدار البيضاء، الأستاذ: مختار القبي، بل ووصل التشفي والغليل إلى بسطاء العمالة المغربية بالسفارة، فطال الطرد التعسفي أكثر من 12 عاملاً بين حارس وسائق وعمال خدمات، وبدون أي سبب قانوني، بالرغم من المواقف الإنسانية النبيلة لهؤلاء، طيلة مراحل الأزمات التي مرت بها السفارة خلال فترة الثورة، وهو ملف غير هين، تورط فيه السفير و"النديم"، مباشرة وبرسائل رسمية، وستكون قاعات القضاء، وعناوين الصحافة قريباً، ساحات ساخنة ومثيرة له. *. من لا يكترث بخطورة وجود أسلحة ومتفجرات وتجهيزات خطيرة، تهدد حياة وسلامة ليس السفارة والعاملين بها، والمترددين عليها، فحسب، بل وكل محيط المنطقة "الحساسة"، في أهم أحياء العاصمة السياسية للبلد المضيف، ويصرح في أكثر من مناسبة، وكذلك "رفيقه الخليل" : أن شاء الله تنحرق ؟. ولولا ألطاف الله، وتدخلنا كجالية، فتجاوزنا طفوليات "سعادته" الرعناء، وتعاوننا المباشر مع السلطات المغربية، لكان للأمر مآل أخر لن تحمد عقباه، وما تلك إلا واقعة من جملة أمور عدة، أثارت ولا زالت تثير تبرم الأوساط المغربية واستيائها. والمضحك المستفز في هذا المشهد، هو عنتريات السفير في تصريحات صحفية لاحقة، ناسباً لنفسه بطولات إنقاذ الموقف، وبأنه من قام بتسليم الأسلحة والمتفجرات..! *. وفي الختام ، لا رجولة، ولا أخلاق، ولا شرف، في من يتورط في التستر على فضائح أخلاقية، داخل أروقة السفارة، ليصل الأمر إلى حد تهديد أحد العاملين البسطاء بأحد المرافق التابعة للسفارة، بالطرد إن هو أصر على الكشف عن تحرش جنسي شاذ، تعرض إليه من طرف أقرب المقربين للسفير؟ وهذه هي القشة التي قصمت ظهر بعيري الصابر على هذا المنكر منذ أشهر، ومحاولاتي المتكررة لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وبمجهودي المتواضع، لصالح سمعة الوطن، ولضمان علاقة طيبة مع دول المنطقة، وقد سافرت خصيصاً إلى عقر دار الخارجية "الجماهيرية"، بقصد التأني في معالجة هذا الداء المتفاقم، وتشرفت بلقاء الوكيل: محمد عبدالعزيز، بمعية مدير الشؤون المالية والإدارية، السيد: على أمشيع، وأظن بأنني قد أوضحت لهم تفاصيل أعم وأدق وأخطر من كل ما ورد، ومن جهة أخرى قام بعض الأخوة من الجالية الليبية بمقابلة السيد: مصطفى عبدالجليل، شخصياً، في ذات الشأن، وجميع مسئولينا الأشاوس، استهجنوا واستنكروا، ووعدوا بالحزم في الحسم، ولكنها كانت وظلت وعود وعهود من فراغ، وإلى الفراغ ؟ وكأنما لا حياة لمن تنادي؟ فما السر يا ترى ؟ ومن يقف وراء هذا التردي، والتستر على نماذج، تسئ بل وتعصف بسمعة ثورة بطلة، راحت أرواح طاهرة، وأزهقت دماء زكية على جنباتها ..؟ فهل مصير تمثيل ثورتنا وأمرها، قد أحيل بالفعل إلى حفنة من المجرمين والمرتشين والقتلة والشواذ ؟ وسفراء فوق العا .. زة ؟ قال لي أحدهم: إذا أردت أن تعرف ماذا في الرباط،، يجب عليك أن تعرف ماذا في طرابلس فماذا يحدث في طرابلس ،، وأين كل هذا من طرابلس ؟ أو أين طرابلس من كل هذا ؟ ومن يحمي أمثال هؤلاء، انطلاقا من طرابلس ! هل من مجيب ؟