تشييع جثمان وزير الخارجية السابق محمد بنعيسى بأصيلة    بالفيديو: جزائري يفضح مقر الذباب الإلكتروني الذي يحركه تبون    رغم انخفاض أسعار الماشية.. الجزارون بالحسيمة يحافظون على أسعار اللحوم مرتفعة    قبل أن يتعطل تمامًا.. 7 إشارات تخبرك أن هاتفك يقترب من نهايته    مصر تدين قرار إسرائيل تعليق المساعدات وتعتبره انتهاكا لاتفاق غزة    وكالة بيت مال القدس تطلق كرسي الدراسات المغربية في جامعة القدس    بسبب رفضها التعاون في مجال الهجرة.. السلطات الفرنسية تمنع دخول بعض المسؤولين الجزائريين    برشلونة يسحق سوسييداد وينفرد بالصدارة    سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا بجماعة شقران نواحي الحسيمة    نشرة انذارية : تساقطات ثلجية مرتقبة على المرتفعات التي تتجاوز 1800 متر    إبنة الحسيمة أمينة لبحر تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة "مشرف جدًا"    الملك محمد السادس يتوصل ببرقية تهنئة من الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بمناسبة حلول شهر رمضان    المغرب.. تأسيس شركة عسكرية رائدة جديدة لتصنيع وتطوير المعدات الدفاعية    الهمهمات اللغوية.. أكثر من مجرد أصوات عشوائية    وكالة بيت مال القدس تطلق كرسي الدراسات المغربية في جامعة المدينة    المغرب يشهد "ماراثون السينما"    أسعار مرتفعة للأسماك بالسوق المركزي لشفشاون في أول أيام رمضان    الخبير الاقتصادي محمد الشرقي: المغرب يعتمد على نفسه في تمويل المونديال -فيديو-    في أول أيام رمضان.. سوق الجملة الهراويين يستقبل أطنانا من الأسماك    التنسيق النقابي الصحي يدق ناقوس الخطر ويحذر من شل القطاع    بوريطة: العلاقات المغربية الألبانية متينة وتاريخية لكنها بحاجة إلى تنشيط آلياتها    مسلسل "رحمة".. رحلة في أعماق الدراما المغربية على MBC5 في رمضان    مأساة في أول أيام رمضان.. العثور على جثة شاب مشنوق بغابة طنجة البالية    سوق الجملة للهراويين يستقبل 720 طناً من الأسماك في أول أيام رمضان    "رمضانيات طنجة الكبرى" تقترح برنامجا غنيا ومتنوعا في دورتها الرابعة    هبوط ناجح لمركبة فضائية أمريكية تابعة لشركة خاصة على سطح القمر    القضاء المغربي يدين "راقيا شرعيا" تسبب في وفاة سيدة    حلفاء أوكرانيا يلتقون في لندن لبحث الضمانات الأمنية بأوروبا في ظل المخاوف من تقارب أمريكي-روسي    "خليه عندك".. حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة المنتجات ذات الأسعار المرتفعة    أبرز الترشيحات لجوائز الأوسكار بنسختها السابعة والتسعين    غلال الفلاحة المغربية تبهر باريس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    90 ثانية لكسر اللاعبين المسلمين صيامهم بالدوري الأسترالي    استطلاع: الألمان يمتنعون عن شراء السيارات الكهربائية    حجب الثقة يقيل وزير مالية إيران    إحباط محاولة تهريب 26 كيلوغراما من "الشيرا" بميناء الناظور    رافينيا على رادار الهلال.. الشرط الجزائي قد يسهل الصفقة    عطاء إبراهيم دياز يواصل الإقناع    فليك يراهن على هذه الخطة للحفاظ على صدارة برشلونة    المغرب يراهن على تحقيق 52% من الطاقة المتجددة بحلول 2030 والتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 42%    اتفاق نهائي بين المغرب الفاسي والألماني توميسلاف لقيادة الفريق خلال الفترة المقبلة    "فيفا" يمنح القنوات التليفزيونية حق استغلال الكاميرات الخاصة بالحكام في مونديال الأندية    صدور عدد جديد من مجلة "القوات المسلحة الملكية"    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي الكزاز يقود مباراة بوروندي وكوت ديفوار    المغرب والعرش العلوي .. بيعة راسخة ودعاء موصول    "دكاترة العدل" يكرمون الوزير وهبي    الوقاية المدنية تنفذ أزيد من 61 ألف تدخل بجهة بني ملال-خنيفرة خلال سنة 2024    كلية الحقوق بطنجة تحتضن يوماً دراسياً حول المنهجية القانونية وأخلاقيات البحث العلمي    أكرد بخصوص كيفية الحفاظ على لياقته: "رمضان شهر مقدس بالنسبة لنا ومع خبراء التغذية فإنه يسير بشكل جيد للغاية"    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    شبكة صحية تدعو إلى تكثيف الحملات التطعيمية ضد "بوحمرون"    بعد مليلية.. مخاوف من تسلل "بوحمرون" إلى سبتة    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحسبون أنفسهم أيقاظا وهم رُقُودٌ
نشر في هسبريس يوم 22 - 03 - 2012

إن تاريخ البلاد –كما هو تاريخ بعض الجمهوريات العربية- يؤكد، ويشهد بشكل واضح لا لبس فيه، أن طبيعة وصفة المعارضة للنظام عندنا، والأنظمة، هناك، كانت يَسارية منذ عقود، منذ الستينات إلى حدود نهاية الثمانينات، مع تفاوت في النوع والدرجة، ومنسوب الوعي و الشراسة، بين بلادنا، والدول العربية الأخرى التي شهدت صراعا محتدما بين القوى الرجعية وكيلة الأمبريالية والرأسمالية (كما كانت تسمى آنذاك)، والممثلة في النظام الحاكم، وبين القوى الشعبية الوطنية والديمقراطية، التي كانت مرجعيتها اشتراكية بالأساس.
هذه المعارضات بدأت سرية ومسلحة (بلانكية)، ثم مدنية ديمقراطية علنية، اختارت الانخراط في الديمقراطية والمشروعية، ما يعني أنها اختارت المعارك الانتخابية وسيلة لمنازلة النظام، من منطلق قرارات مؤتمراتها، والتئام شتات جل معارضيها، ومن منطلق التنازلات المحسوبة للحاكمين، في إطار من الوجاهة والمواجهة التاريخيتين، والسياق الاجتماعي المشتعل في فترات متواشجة ومتوالية من تاريخ البلاد. ومن دون أن ندخل في تفاصيل الوقائع والأحداث التي حايثت هذا الحراك النضالي، وساهمت في اشتعاله، وتلك المواقف الراديكالية أو الإصلاحية بإزاء النظام، فإن المتتبع لحلقات الصراع / الصراعات المومأ إليها، لابد أن يقر بحقيقة الاختيار الاشتراكي الذي تبنته المعارضة مشخصة في الاتحاد الاشتراكي، وبعض فصائل اليسار الجذري الذي استمر ينازل الحكم من منافيه القسرية، وأحيانا من داخل الوطن، واضعا نصب عينيه، إنجاز واستكمال مهام التحرر الوطني.
وإذا كنا نلاحظ اليوم، والأسى يعتصرنا، تراجع اليسار البرلماني، واليسار الجذري المقاطع، وتشرذم مناضليه، وافتقاد البوصلة الهادية، والشكاة من ضمور المرجعيات المساندة، وتقلص القاعدة الشعبية التي مورس عليها، عن قصد وسبق إصرار وقرار، الأمية والتجهيل، والتفقير، والتهميش، فلأن ردات فعل الأنظمة العربية، ومن بينها النظام المغربي، أطلقت يد المد الوهابي في هذه البلدان، وأكرمت وفادته في محاولته منه، لحرف رياح اليسار، بعد تخوينه، ووأد التطلعات الجماهيرية للحرية والعيش الكريم، والعدالة، واقتسام الثروة الوطنية، ولتجفيف منابع الفكر العقلاني والحر : (اغتيال الفلسفة في الثانويات، وإسقاطها من البرامج والمناهج المقررة)، بدعوى الهرطقة، و التآمر على الدين وسيادة الوطن؛ وماتلا ذلك، من تصفيات واغتيال لشخصيات وطنية وديمقراطية وازنة: سياسية، وفكرية هنا، وهناك.
وإذا كان التيار الإسلامي – الأصولي، عرف في مُدَدٍ متفاوتة، متقاربة ومتباعدة، أَضْرُبًا من الاضطهاد والكبت سياسيا، من طرف الأنظمة الحاكمة، فإنه ظل ينشط وينغل دينيا، وخيريا، ووعظا وإرشادا، وتكفيرا، وتحليلا وتحريما من وراء حجاب، ثم في رابعة النهار، داخل الجوامع والمساجد والمشافي، والخيريات، والرياض، والكتاتيب، والدواوير، وفي المولديات، وحفلات العقيقة والختان، والأعراس.. إلخ. ثم سرعان ما عاد إلى الومض، فجمع أطرافه، وَلَيَّنَ مواقفه، وَتَعَهَّد باحترام القوانين، والضوابط، والتشريعات الوضعية، والعمل في الوضوح والمشروعية.
هكذا شرع في التصاعد والانتشار، وترتب على اختراقاته المخطط لها باحترافية عالية، ومجاهدة وصبر، هيمنة الخطاب والممارسة الدينين في الحقل الاجتماعي، وحضور الآخرة، والميتافيزيقا في ثنايا ذلك الخطاب الذي تسرب بإحكام، إلى الأسواق الأسبوعية، والتجمعات العائلية، والحواري والأزقة، ودور الصفيح المحشورة داخل الأحزمة السوداء، وعلى هامش المدن الكبرى، وفي دور القرآن. وما فوز الإسلاميين المتحزبين، الكاسح في مصر وتونس والمغرب إلا دليل على ذلك.
إن الأنظمة الرجعية (السعودية، وبعض دول الخليج)، أطلقت الوهابية، والوهابيين، كجائحة الجراد، فانتشروا وتغلغلوا فينا.. في كثير من مُغَفلينا، وضعفائنا، وفقرائنا. وَتَشَخْصَنَتْ هذه الأصولية العمياء في "لحىً" مخصوصة، وارتداء النقاب والملاءات، والعباءات السوداء القاتمة التي تترجم النذر، والندامة، وتطليق الفرح والحياة.
أطلقتها –قلنا- حتى يتسنى لها – لتلك الأنظمة العائلية والعشائرية الحاكمة- حيازة المال والأعمال، والرفل في بحبوحة العيش، في الثراء الفادح، والجهل الجامح؛ وساعدهم في ذلك، وعلى ذلك، تآويل مخدومة للقرآن الكريم، واستعمال أحاديث ضعيفة وموضوعة من لدن دعاة، جفاة، لاَ هَمَّ لَهُمْ، ولا "شَغْلاَنة" إلا التحريض على التكفير، والإفتاء بالجهاد، والقتل والتقتيل، بينما يُزَيِّنُون المعاش والملاذ والمعاد لأولياء نعمتهم، ولذوي الكروش البالونية المتدلية، والأدمغة المصمتة و المزلجة.
يرون في تجليات الجمال والسحر، دعوة سافرة إلى الفسق والفجور، وعظائم الأمور. فالوردة الحمراء بِمِدَقَّاتِهَا الفاتنة، المغسولة بالندى، والتي هي بهجة للناظرين، يعتبرونها فتنة، ونداء جنسيا خفيا، وتَجْمِيشًا لِلّيبِيدُو : (لقد سمعت أحدهم يقول ذلك في إحدى القنوات).
أما الطبيعة بمختلف أشجارها ونباتها، وزرعها وضرعها، ومائها، ومرعاها، ففساد أخضر مثير، وإلهاء وتسلية عن عبادة الخالق، لأنها دعوة ملحاحة، إلى الإقبال على الفرح والمرح، والاستمتاع بالحياة، وتطليق الذّكْرِ. فكل تهليل للحياة، والتعبير عن الانشراح: فتنة- في عرفهم- للبنين والبنات. والشعر –ما لم يكن في الخير- وفي مدح سيد الورى- لغو، وضرب من الجنون والتبدع، واستنكاح وشيطنة، ومكر وغواية، وهيام في كل واد. والموسيقى ريح إبليس الفاسدة، وَزَمْرُ الشيطان، وضحكته الفاجرة، وتحريك للأعضاء التناسلية الهامدة، ودندنة ف اضحة، وترقيص يهودي ماجن، وتلبيس ولخبطة للكلام الدعوي، وتشويش على المدائح النبوية، والترتيل القرآني.
أما المرأة، فهي الشيطان المسخر عينه، بؤرة الشرور، ومصدر شقاء الإنسانية، والمسؤولة –أولا وأخيرا- عن الاقتتال الدائر بين شعوب الأرض، وعن تخلف الأوطان، وعن افتتان الرجل بها آناء الليل، وأطراف النهار، ما يستوجب إلباسها من الأثواب المخشوشن، ومن الألوان: الأسود الغامق، أو البني الكابي، وما يستوجب إرغامها على ارتداء الحجاب لأنه وَاقٍ وَحَامٍ لها من شر الخلق، ما دام أن الشعر الفاحم، أو الذهبي المسدل والمتموج كالشلال، أو المقصوص بيد الأناقة والجمال، ذريعة إلى الانقضاض عليها، حيث تردى أرضا وتتعاورها أقدام"الرجال " رفسا واهتياجا كما لوكنا أمام مشهد بدائي حيواني مقزز، وكما لو أنهم سايكولوجيا يجلدون أنفسهم بسادية غريبة على عمرمر في الكبت والحرمان الجنسيين ، إذ الشعر والشفوف إغراء ومدعاة إلى التهييج والإرغاء والإزبا د ، وهما مسؤولان عن فقد العقل، وفقد التوازن، ومن ثم ارتكاب الحماقات، والطيش والهيش. والكيش!.
والسؤال : لماذا يتغافل هذا النوع من "الفقهاء القياميين" عن تقديم النصح إلى أولي الأمر، وأصحاب الحال والمآل؟ لماذا يشيعون فينا الخوف والكهنوت حتى انطلى على كثير من مواطنينا، ومواطناتنا، وَرَعُهِم الزائف،وخُدَاعُهم المُتَبَّلُ بالدعاء والنشيج، والمُوَقَّع بالشخير والبكاء.
كيف يستقيم العيش مع هؤلاء .. الذين يضطهدون العقل والمنطق، ثم يدعون أنهم ضحايا الاضطهاد، والاستئصال (كذا) الذي يتهددهم من العلمانيين. إننا نعي الحق في الاختلاف، فهل يعونه هم؟
كيف يغيب عنهم، ما حدث ويحدث من تبدل في نظام الأشياء، ومنظومة القيم، وسلم العلائق، والعلم والعمل. عَمَّنْ يدعو إلى الصلاة والتهجد الدائمين بعد منتصف الليل، بعد أن ينام الناس ! والصوم مدى الدهر – فضلا – طبعا – عن صيام شهر رمضان، كأنك ارتكبت جريمة ضد الإنسانية ! كيف تعادي هذه الطينة من خلق الله ، أسباب الحضارة، وهم فيها يرفلون، ويتنعمون، ومنها يعيشون ويعتاشون، ويكنزون.
فمن اخترع القنوات والفضائيات التي يظهرون فيها كل وقت وحين، بوجوه منكرة قبورية لا يعيا أصحابها من ترْديد – بصوت أجش محتقن بالندامة، ومختنق بالبكاء المزعوم- لغة الوعد والوعيد، والويل والثبور، وسؤال منكر ونكير؟
والهاتف النقال ؟ والأنترنت، ووسائل العلم والتكنولوجيا المبهرة؟ أم أنها هدايا الخالق العظيم، قادها منقادة إلينا – نحن المسلمين المغلوبين على أمرنا؟ إذ كتب على الأغيار: الأوروبي والأمريكي: والأسيوي، أن يعملوا، ويجتهدوا، ويتحصلوا العلوم، ليخترعوا، ويكتشفوا من أجلنا نحن، ثم نقطف الثمار الحلال، لأن الله مكننا منهم، نعتاش من عيشهم، ولنا فيهم حياة، كَأَنْ ليس فينا حديث نبوي شريف يقول: (لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا).
ألم يخلقوا لخدمة الإسلام والمسلمين – يضيفون قائلين، ولطاعة المؤمنين، في انتظار ميقات يوم معلوم، ميقات مجيء الدولة الإسلامية العظمى التي ستكون –حتما- في مستقبل الأيام، أو السنين أو القرون، والتي سَتَرِينُ وتهمين على الدنيا حيث لا دين إلا الإسلام، ولا شعب إلا المسلمين، ولا لباس إلا اللباس الأفغاني، ولا لحى إلا لحى السنتمترات المعلومة، ولا طبيعة إلا والتشهد قائم فيها، والتكبير والتسبيح مجلجل في جنباتها، وعرَصاتها، ومغانيها. ولا امرأة –آه من المرأة؟- إلا والقيد في رجليها، والبرقع يغطيها، والتَّشادُور يأويها، والحجاب يغشاها ويحميها. ولا مجال لتعليمها لأن التعليم سبب إفاقتها ويقظتها ونشوزها، لأنها قامت تطالب بالحقوق، والمساواة الظالمة!- ولا مكان لصوتها لأنه عورة. ألا يهيج فيكم ما هَيَّجَتْ فِعْلَةُ إبليس في أبينا آدم، وقد رمق سوءة أمنا حواء، فكانت –هي طبعا لا هو- سبب نكسة ومحنة الرجل منذ الأزل، إذ أُمِرَا بمغادرة الجنة، والنزول إلى الأرض الجحيمية الدَّنِسَة، إنها تَذْكِرَةٌ لمن شاء أن يَذَّكَرَ.
وبعد، لماذا لا يريحنا هؤلاء الكهفيون، الخارجون من ظلمات القرون الأولى؟ لماذا لا ينتبهون، ويعترفون بفضل العقل والعلم باني الحضارة الإنسانية، ويؤمنون بالمحبة الكونية، والاختلاف الفكري والعقائدي، واحترام الرأي الآخر، وإنقاذ الإسلام السمح، الإسلام النصي، لا التاريخي، إسلام العقل والتدبر، إسلام طائفة من العلماء والفلاسفة والمفكرين عبر التاريخ، الذين نفاخر بهم، ونستمد كثيرا من الوضاءة من فكرهم، واجتهادهم، وثقافتهم، ومثَاقفتهم، إنقاذه من تلك الترهات والأراجيف، والمضحكات / المُبْكيات التي أتينا على بعض منها- من دون تحامل أو افتراء – بإلقاء السيوف الصدئة التي يمتشقون، وإطراح الأفكار المعيبة الميتة التي ينشرون، فَيُضْحِكُون علينا جهات الأرض الست !، علما أن ما نطلبه منهم، لن يكلفهم إلا مجهودا بسيطا، مجهودا واحدا، والصدع بكلمة حق واحدة وجريئة: لا يستقيم العهد اليوم، وغدا، وبعد غد إلا بنبذ الضحالة، والجهالة الملفوفتين في ثوب العلم، والتعالم. ثم نصح ذوي التيجان والصولجان، وتوجيه الناس، بالحسنى، إلى العبادات المحض، وتعريفهم بعض الأحكام الدينية التي تنتصر للعلم، لا التي تعاديه وَتَمُجُّهُ، وتستصغره. والقول –في إجمال- للناس، ما قاله المسيح عليه السلام : (ما لله، لله، وما لقيصر.. لقيصر).
إشارات :
أهمس في أذن هؤلاء :
أ)-أقلعوا عن تلك الدَّعَاوَى والفَتَاوَى الطائشة لأنها تزرع الفتنة، وَتُجَيِّشُ أتباعا –لا علم لهم- يملأون الفضاء العام- وقد بدأوا- يقيمون – بطرقهم الهوجاء المنفلتة- ما يسمونه شرع الله، ظانين أن ما يسمعون منكم – هي أوامر الله، وأنكم وسطاؤه فعلا، ومستفيدين من وجود حكومة يسيرها حزب إسلامي.
ب)-وماذا يفعل المجلس العلمي الأعلى؟ ينبغي الحسم في أمر ما نسمع، وما يجري، وما يتناقله الإعلام الوطني. وإلا، فإن الانفلات سيتقوى، ويدوس بحافره الأخضر واليابس، و"لْبَرْوَاكْ" أيضا، على رأي المثل الشعبي المغربي.
ج)-إفادة وفتح مبين: طالب رئيس حزب الانفتاح والوفاء التونسي، وهو، بالمناسبة، حزب إسلامي، بأن ينص الدستور التونسي الجديد على : (حق كل تونسي في اتخاذ جارية إلى جانب زوجته، والتمتع بما ملكت إيمانه). فتأمل مطلب هذا الحزب الألمعي العظيم، حزب الانفتاح على الشَّبقية والجنس، والوفاء التاريخي للفحولة القضيبية).
ف.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.