فيما يتعلق بخصوصية المسألة النسائية ومراكز القرار سواء في المغرب بل وحتى على الصعيد العربي، نرى أن الموضوعية تفرض الخوض فيما هو أبعد.... أبعد حتى عن التوجه الديني الذي كثيرا ما يكون أول متهم بكونه مسببا أساسيا في تأخر وضعية المرأة وإقصائها عن مراكز القرار. إن المرأة العربية وخصوصا في محيطها الجغرافي ظلت تتبنى دورا معينا ونموذجا محددا للفعل له سمات خاصة عبر مختلف مراحل التاريخ العربي، وكأنما فعلت ذلك باختيارها الخاص إما بدافع غريزتها أو بوعي ثاقب منها. لقد اختارت المرأة العربية وكذلك المرأة المغربية باعتبارها جزءا لا يتجزأ عنها، فيما يتعلق بالشأن العام، دورا المساندة والدعم وتركت للرجل دور المواجهة في الصفوف الأمامية يتأكد ذلك من خلال إطلالة على أحداث التاريخ العربي، عبر مراحله المتعاقبة. إن اختيار المرأة العربية لهذا الدور لم يكن عن ضعف أو قصور منها أو انصياع لدور تقليدي أُجْبِرت عليه كما يعتقد البعض، بل عن اختيار واع، دليل ذلك أن هذه المرأة كانت تنتقل فورا إلى الخطوط الأمامية وتحل محل الرجل وتمارس مهامه عندما تستدعي الأحداث فعل ذلك، وواقعنا بل تاريخنا العربي يمتلء بنماذج من النساء العربيات اللائي قمن بمهام القيادة في مراحل تاريخية حرجة، وعلى ضوء ذلك يمكن أن ننصف المرأة العربية إذا ما آن الأوان لعقد المقارنات بين السياق التاريخي العربي والسياقات الحضارية الأخرى. لكن يبدو أن هناك ما يستدعي المصارحة، صحيح أن المرأة العربية قد اختارت عن وعي دور المساندة والدعم الشيء الذي يبرر وجود نفور شبه غريزي لديها من السقوط في فخ فضاء يحتاج إلى ممارسات تطبع أحيانا بالأنانية وحب الذات الشيء الذي لا ينسجم مع وعيها المؤمن بدورها النساج لوشائج الاستقرار الداخلي والدفء الأسري والدور المفصلي المتفرد في مد شبكات الأمان والحنان بدءا من المجال الأسري النووي والممتد ووصولا إلى المجال الاجتماعي الإنساني. إن أهمية دور المساندة والدعم الذي تبنته المرأة العربية يستغلق على أفهام أغلب الرجال بل حتى على أفهام أغلب النساء غير العربيات اللائي تدفعهن ظروفهن الحضارية المعاصرة شيئا فشيئا إلى الانسحاب الهروبي نحو سلوك يتعارض وطبيعتهن الأنثوية، ومن هنا يجوز لنا طرح تساؤل كبير: إذا كانت أحوالنا العربية قد صارت إلى ماهي عليه في تاريخنا المعاصر الشيء الذي أدى إلى فرز حراك شعبي يصعب الآن تقدير نتائجه لذلك ألا نرى أن الكثير من رجالاتنا العرب هم بالفعل مسئولون إلى حد كبير على ما وصلنا إليه؟ لذلك آن الأوان لتفعيل دور النساء وتشجيعهن على التقدم لتسلم الأمور في الصفوف الأمامية علهن يخففن من شطط بعض الرجال في عصرنا الراهن.