تواصلت، لليوم الثاني، أشغال الملتقى السنوي السابع من "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، حيث ركزت جلساته على موضوعات رئيسية تهم "فقه الطوارئ" و"العولمة والدولة الوطنية" و"جوائح وليست جائحة"، تحدث فيها عدد من المفكرين والباحثين المتخصصين. وعُقدت الجلسة الأولى تحت عنوان "فقه الطوارئ"، برئاسة الدكتور عمر الحبتور الدرعي، عضو "مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي"، حيث قال في كلمة له إن دولة الإمارات تؤكد في نهجها وإستراتيجيتها على القيام بالمبادرات الخيرة، ومد يد العون للمحتاجين في كل مكان. وفي كلمة له، قال الشيخ عبد الله ولد اعل سالم، عُضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، إن كورونا لم تؤثر على أنماط العيش والكسب فقط، وإنما طالت كل جوانب ومناحي الحياة، حيث فرضت أموراً ووقائع غير معهودة؛ وهو ما يستدعي استنباط الأحكام الفقهية المناسبة. وأكد المتحدث، ضمن الملتقى السنوي الذي يعقد السنة الجارية افتراضياً، أن الجائحة أظهرت العجز البشري، وهو ضعف أصيل في الإنسان، حيث قال إن "الضعف الإنساني يقتضي التعاون للنجاة وإيلاء العناية الكاملة بمكونات كوكب الأرض". أما الجلسة الثانية، التي عُقدت تحت عنوان "العولمة والدولة الوطنية"؛ فقد عرفت مشاركة عدد من المفكرين والاقتصاديين، من بينهم الدكتور ياسر قنصوه الذي قال إن صورة الدولة، بوصفها الوحدة الاجتماعية الأكبر والأشمل التي تمارس الضبط، تدفعنا إلى وجوب الوعي بعناصر عديدة. وأشار قنصوه إلى أن هذه العناصر تتمحور حول ثلاثة أمور أساسية، وهي مجموعة المشكلات الخاصة بالاجتماع والشرعية، ومعنى هذا كيف يمكن الحصول على الإجماع بالنسبة لنظام سياسي في ظل التنوع والاختلاف للجماعات الصغيرة التي يتكون منها المجتمع. أما الأمر الثاني، فيشمل كل ما يتعلق بالمشاركة السياسية والتمثيل النيابي في ضوء متغيرات عرقية، دينية، طبقية؛ في حين يهتم الأمر الثالث بدراسة تلك العلاقة القائمة بين التنمية الاقتصادية والتغير السياسي. وذكر أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بجامعة طنطا بمصر أن "من مهام الدولة الوطنية ووظائفها، وحقوق المواطنين وواجباته، تتشكل أسس "السيادة الآمنة" التي تعنى السلامة من التهديدات الخارجية، كما الوقاية من الاضطرابات الداخلية المفاجئة في أنماط الحياة اليومية". وأضاف قانصو أنه يمكن تعريف "الأمن الإنساني" بأنه "عالم إنساني يمكن للبشر العيش فيه في أمن وكرامة، خالياً من الفقر واليأس، ولا يزال حلماً بالنسبة للكثيرين وعلى الجميع أن يتمتعوا به، في مثل هذا العالم بوسع كل فرد أن يضمن تحرراً من الخوف والحاجة، مع وجود فرص متساوية لتطوير كامل للإمكانات البشرية". ويؤكد هذا التعريف، حسب المتحدث، الكرامة الإنسانية التي تعد جزءاً أساسياً من مكون السيادة بمعنييها، المحلي والعالمي، كما يرهن استمرارية التحرر والاستقلال المرادفان للسيادة؛ بمسألة التنمية البشرية المستدامة. كما تحدث في الجلسة الثانية تركي بن عبدالله الدخيل، سفير المملكة العربية السعودية في الإمارات، والذي ركز في مداخلته على خطر الجماعات التي تستخدم الدين لأغراض سياسية، حيث قال: "عندما نتحدث هذا اليوم عن الإسلامويين والدولة الوطنية فإني أحدثكم عن فترة صعبة في زمن يدافع كل واحد منا فيه ليثبت أن أصحاب الإسلام السياسي الذين اختطفوا الدين وحرضوا على العنف وعلى التقتيل لا يمثلون ثقافتنا ولا يعكسون قيمنا الأصيلة ولا تطورنا الحضاري". أما الجلسة الثالثة والأخيرة التي عقدت تحت عنوان "جوائح وليست جائحة واحدة"؛ برئاسة وليام فندلي الأمين الفخري السابق لمنظمة "أديان من أجل السلام"، الأمريكية، فتحدث فيها كل من الدكتورة عزة كرم، الأمين العام لمنظمة "أديان من أجل السلام" الأمريكية، واجويل براونولد، المدير العام لمركز إس دانيال أبراهام للسلام في الشرق الأوسط الأمريكي، عن موضوع "وقف الحروب والحاجة للسلام". يذكر أن هذا الملتقى السنوي يُنظمه منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بالإمارات، ويُناقش السنة الجارية موضوع "قيم ما بعد كورونا: التضامن وروح ركاب السفينة"، وتستمر أشغاله إلى غاية التاسع من دجنبر الجاري بمشاركة عدد من المفكرين وعلماء الاقتصاد والفاعلين السياسيين من دول عديدة. وتُنقل ندوات وأشغال الملتقى السنوي عبر الأنترنيت، وهو يَسعى إلى تعميق النظر في الدروس والعبر المستخلصة من أزمة وباء "كوفيد-19"، وفي الوجهات والتصورات والمبادرات الكفيلة بإرساء أسس للتفكير والعيش أكثر إنسانية، تكون لائقة بكرامة البشر.