قال الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس هيئة علماء المسلمين، إن "جائحة كورونا أكدت أن الإنسانية أسرة واحدة، وأن العالم كما يُقال قرية صغيرة وعالم مشترك". وأشار العيسى، في كلمة ألقاها ضمن الملتقى السابع لمنتدى تعزيز السلم، الذي يُعقد هذه السنة الجارية افتراضياً، إلى أن "عالم اليوم أصبح أكثر إمكاناً في تقاربه وتفاهمه من ذي قبل بفضل وسائل العولمة والمعرفة الحضارية، التي يفترض أن تزيل الحواجز النفسية المصطنعة". ويرى المتحدث أن وسائل العولمة "تضع الجميع أمام منصات مفتوحة على بعض، لا تنقص تقاربها وحوارها المصارحة والمكاشفة؛ من خلال طرح كل الموضوعات العالقة وبكل شفافية"، مؤكداً في هذا الصدد أن "الحوار الحضاري لا بُدَّ أن يصل بالجميع؛ للعمل معا في دائرة المشتركات والتفاهم والاحترام المتبادل". وفي نظر العيسى، فإن الإنسانية بتنوعها ليس لها خيار سوى حوار وتحالفات الحضارات في مواجهة نظريات الصدام الحضاري الذي دعا إليها من أخطأوا التقديرات فغلبوا النظرة التشاؤمية، وفق تعبيره. كما لفت المتحدث إلى أن "جائحة كورونا أعطت رسائل مهمة لكل تائه عن المعنى الحقيقي للإيمان بالله؛ من بينها أن قُدرته فوق كل قدرة، وأن الكون مهما عظمت تدابير ساكنيه فإنها لن تَفوت القدرة الإلهية بما تحمله من رحمة وحكمة وهو ما يجب أن يعزز من القرب من الخالق وقرب البشر من بعضهم البعض". كما أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن الإدراك بأن "الإنسانية أسرة واحدة، وهي سنة الله في هذا الكون، يجعلنا أمام تحدي تعزيز الوعي الإيماني والفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي حول العالم". وأوضح العيسى أن "هذا الوعي يشمل ترسيخ مبدأ الفهم الصحيح واستلهام العبر والمواعظ من التاريخ القريب والبعيد، واليقين التام بأن العالم يجب أن يعيش بمحبة وتفاهم الاختلاف في الدين والعرق والأفكار والثقافات". ودعا المتحدث إلى "ضرورة تحويل التنوع الإيجابي للإنسانية إلى مصدر إثراء وعطاء لا مصدر كراهية وشقاء، وفقاً لما دعت إليه بُنود وثيقة مكةالمكرمة التي صدرت سنة 2019 عن أكثر من 1200 مفتٍ وعالم و4500 مُفكر إسلامي يُمثلون 27 مذهباً وطائفة إسلامية من 137 دولة". وشدد رئيس مجلس هيئة علماء المسلمين، ضمن كلمته التي ألقاها بمتابعة مشاركين من مختلف دول العالم، على أن "وثيقة مكةالمكرمة تُعتبر من أهم وثائق العصر الحديث الداعية إلى حوار وتحالف الحضارات وصداقة الأمم والشعوب". جدير بالذكر أن الملتقى السنوي يُنظمه منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بالإمارات، ويناقش السنة الجارية موضوع "قيم ما بعد كورونا: التضامن وروح ركاب السفينة"، وتستمر أشغاله إلى غاية التاسع من دجنبر الجاري بمشاركة عدد من كبار العلماء والمفكرين والأطباء وعلماء الاقتصاد والفاعلين السياسيين من دول عديدة. وتُنقل ندوات وأشغال المنتدى عبر الأنترنيت، وهو يَسعى إلى تعميق النظر في الدروس والعبر المستخلصة من أزمة وباء "كوفيد 19"، وفي الوجهات والتصورات والمبادرات الكفيلة بإرساء أسس للتفكير والعيش أكثر إنسانية.