غير متوقفة في زمن كورونا كذلك، تستمر "الحرب الباردة" في الاتقاد بين قبائل من جهة سوس ماسة ورعاة رحل، يتنقلون في جميع المناطق بحثا عن الطعام والشراب للماشية، وهو ما يرفض القاطنون المحليون أن يكون على حساب فلاحتهم. وفي جماعة المعدر، بين أكادير وتيزنيت، خاض السكان مسيرة احتجاجية كبيرة جابت أرجاء المنطقة، قبل أن تجالسهم السلطات، وتقدم وعودا بانسحاب كافة الرعاة من المنطقة في ظرف 48 ساعة، وهو ما استجاب له المتظاهرون من خلال التهدئة. وتظهر مقاطع فيديو أضرارا كبيرة لحقت مزارع السكان جراء مرور قطيع الماشية منها (الأكل أو الرفس)، خصوصا أشجار الزيتون والتين الجاف، وغيرها من المنتجات التي يعتمدون عليها لتدبير معيشهم اليومي في فترات قادمة. وعلى امتداد سنوات يطالب سكان مناطق عديدة في جنوب وغرب البلاد السلطات المحلية بضرورة تقنين تحركات الرعاة الرحل، وحماية الممتلكات الخاصة من التلف، محذرين من فتح مواجهات ميدانية جديدة معهم، بعيدا عن السلطات. عبد الله بوشطارت، متتبع لدينامية ملف الرعي، أورد أن تجدد المواجهات في المعيدر كان متوقعا جدا بعد تهاطل الأمطار الأولى، ولعدة أسباب متداخلة أخرى، معتبرا ذلك مؤشرا على فشل البرنامج الوطني للمراعي وفي تطبيق قانون الرعي. "وهذا ما جرى التنبيه إليه أثناء مناقشته في البرلمان، لكونه يحمل بعض القرارات الخطيرة التي تهدد السلم الاجتماعي ولا تحترم حقوق الساكنة المحلية، كما أنه قانون فوقي لم يستوعب القوانين الأمازيغية التي تنظم الرعي والترحال"، يضيف المصرح لهسبريس. وطالب بوشطارت بالتعامل مع قضية الترحال الرعوي بمنطق احترام القانون في جميع مناطق المغرب، حيث منع مؤخرا انتقال الرحل إلى جهات الصحراء، وفي المقابل سمح لهم بالانتقال والرعي في أزغار تزنيت وأشتوكن والأطلس الصغير وباني ومراعي طاطا. وأورد المتحدث ذاته: "على ما يظهر فالدولة فشلت في تنظيم الترحال الرعوي، بكل بساطة لأن الذين وضعوا القوانين ليسوا رعاة ولم يمارسوا الرعي الذي هو ثقافة ومؤسسة اجتماعية واقتصادية غاية في التعقيد والتركيب".