بات انتشار الجماعات المتطرّفة في "المناطق الحدودية الرّخوة" في غرب إفريقيا والسّاحل واقعاً "جديداً" يفرضُ نفسه على متتبّعي مسار الحركات الجهادية، لا سيّما مع إعلان التنظيم الإرهابي "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" (AQMI) عن تعيين زعيم جديد له عقب مقتل زعيمه السابق عبد المالك درودكال منذ 5 أشهر من طرف القوات الفرنسية. ووفقاً لما نقله موقع "سايت" الأميركي المتخصّص في مراقبة مواقع الجماعات المتطرّفة، فقد تمّ تعيين إرهابي آخر على رأس تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، هو الجزائريّ أبو عبيدة يوسف العنابي، الرئيس الحالي ل"مجلس الأعيان" الذي يعمل كلجنة توجيهيّة للجماعة المتطرفة. وكان الجيش الفرنسي قتل في عملية في مالي شهر يونيو الماضي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال. وشكل ذلك انتصارا كبيرا؛ إذ إن هذا الجزائري كان في قلب حركة التطرف في الساحل لأكثر من عشرين عاما، لكنه بقي بعيدا عن الميدان. وقال الشرقاوي الرّوداني، خبير في الشّأن الأمني والاستراتيجي، إن "تعيين أبوعبيدة يوسف العنابي، الذي يعد من أخطر عناصر تنظيم القاعدة وأحد المدرجين في قوائم الولاياتالمتحدةالأمريكية، له عدة دلالات على مستوى التدبير العملياتي والتوجهات التكتيكية للتنظيمات التابعة للقاعدة في شمال إفريقيا، الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء". وأبو عبيدة يوسف العنابي، وفقاً للمحلّل ذاته، هو رئيس "مجلس الأعيان" التابع ل "AQMI"، المجلس الموجه والمخطط لمجموعة من العمليات الإرهابية في دولة مالي. ويعتبر العنابي الرقم الثاني في تنظيم القاعدة بمنطقة المغرب والساحل بعد عبد المالك دروكدال، وهو واحد من أكثر الإرهابيين دموية في منطقة المغرب العربي والساحل. ويتعلّق الأمر، بحسب الروداني، بأحد مؤسسي التنظيم الإرهابي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" بالجزائر عام 2004 مع الإرهابي عبد المالك درودكال. بعد ذلك، التحق بتنظيم "نصرة الإسلام والمسلمين" لاياذ اغ غالي، مضيفاً أنّ "العنابي له علاقات عدة بالشبكات الإرهابية والجماعات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي وجنوب الصحراء". وشدّد الروداني على أنّ "يوسف العنابي يعتبر من المقربين إلى با اغ موسى، ويعد من المؤثرين على أمادو كوفا زعيم تنظيم ماسينا"، مرجحا أن تندله عمليات إرهابية في شمال مالي، خاصة محور كيدال-اسونغو، بعد إعلان العنابي زعيما جديدا للتنظيم. وتتنافس "القاعدة" مع تنظيم "داعش" لربح هامش أكبر من الأرض، خاصة على مستوى غرب إفريقيا ومنطقة السّاحل، وهو ما سيجعلها تدخل في صراعات طاحنة لإعادة ترتيب خارطة جديدة في المنطقة. ويعدّ العنابي العضو السابق في الجماعة السلفيّة للدعوة والقتال الجزائريّة، أحد المدرجين الرّئيسيين على اللائحة الأميركية السوداء ل"الإرهابيّين الدوليّين" منذ شتنبر 2015، هو أيضا مسؤول الفرع الإعلامي بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ويَظهر بانتظام في مقاطع الفيديو التي ينشرها التنظيم.