هدّد الجيش الإثيوبي، الأحد، بشن هجوم شامل "بلا رحمة" على مدينة ميكيلي عاصمة منطقة تيغراي المتمردة، ومقر الحكومة المحلية التي يسعى إلى إطاحتها، طالبا من المدنيين الفرار. وقال المتحدث العسكري ديجين تسيغاي لمحطات الإذاعة العامة، الأحد، إنّ "المعركة الحاسمة التالية هي محاصرة ميكيلي بالدبابات"، مهددا بفرض حصار على المدينة. وأضاف المتحدث محذّرا سكان ميكيلي، البالغ عددهم نصف مليون نسمة، قائلا: "أنقذوا أنفسكم. التعليمات الصادرة لكم أن تنأوا بأنفسكم عن هذه الطغمة، بعد ذلك لن تكون هناك رحمة". وأطلق رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام العام الماضي، حملة عسكرية على منطقة تيغراي الشمالية في الرابع من نونبر بهدف معلن هو الإطاحة بالحزب الحاكم فيها، جبهة تحرير شعب تيغراي، الذي اتهمه بتحدي حكومته والسعي إلى إسقاطها. تعتيم الاتصالات أدى انقطاع الاتصالات عن المنطقة إلى صعوبة التحقق من روايات طرفي النزاع، لكن التقارير أشارت إلى مقتل مئات الأشخاص ونزوح عشرات الآلاف إلى السودان المجاور. وأعلنت الوكالة الحكومية سيطرة الجيش على عدة مدن في تيغراي، بينها أكسوم وأديغرات الواقعة على مسافة نحو 117 كيلومترا شمال ميكيلي. وقالت الوكالة الحكومية للتحقق من حالة الطوارئ في إثيوبيا إنّ "قوات الدفاع سيطرت على مدينة إيداغا حمص الواقعة على الطريق من أديغرات إلى ميكيلي"، وأشارت إلى أنّ "قوات الدفاع تتجه حاليا نحو هدف الحملة الأخير مدينة ميكيلي". وذكرت جبهة تحرير شعب تيغراي السبت أن مدنيين قتلوا خلال "قصف كثيف" لبلدة أديغرات من قبل قوات الدفاع الإثيوبية؛ لكن الحكومة الفدرالية في أديس أبابا تصر على أنها لا تستهدف المدنيين. حلفاء أعداء قاد مقاتلو جبهة تحرير شعب تيغراي في ماي 1991 الإطاحة بالديكتاتور العسكري منغستو هيلا مريام، وسيطروا على مقاليد السياسة في هذا البلد لثلاثة عقود وحتى وصول أبيي للسلطة في أبريل 2018. واصل الحزب حكم تيغراي، وهي واحدة من عشر ولايات إقليمية تخضع للنظام الإثيوبي الفدرالي العرقي، حيث يتم تحديد المناطق حسب العرق واللغة. واشتكت الجبهة من تهميشها وتحميلها مسؤولية المشاكل التي تواجهها البلاد، ودفعها خلافها مع الحكومة المركزية إلى تنظيم انتخاباتها الخاصة هذا العام في تحدٍ لقرار أديس أبابا تأجيل الاقتراع جرّاء وباء "كوفيد-19". ورفض أبيي جميع الدعوات الدولية لإحلال السلام، بما في ذلك من الاتحاد الإفريقي، الذي يعتزم إرسال ثلاثة رؤساء سابقين كمبعوثين خاصين في الأيام المقبلة، فيما حذرت الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة من كارثة إنسانية تلوح في الأفق. واعتبرت حكومة أبيي جبهة تحرير شعب تيغراي "إدارة إجرامية"، ويبدو أنها عازمة على كسب المعركة العسكرية بدلاً من التفاوض. وامتد العمل العسكري بالفعل أبعد من حدود تيغراي، إذ أطلقت جبهة تحرير شعب تيغراي صواريخ على أسمرة، عاصمة إريتريا المجاورة، التي تتهمها بدعم الحكومة الإثيوبية، ومدينة بحر دار إلى الجنوب الغربي. وشهدت الحملة الحكومية قتالا عنيفا على الأرض وقصف المقاتلات الحربية لبلدات في تيغراي؛ فيما وثّقت منظمة العفو الدولية مذبحة مروعة شهدت "طعن أو قتل عشرات، ومن المرجح مئات من الناس حتى الموت في بلدة ماي كاديرا جنوب غرب منطقة تيغراي الإثيوبية". من جهتها، دعت الأممالمتحدة إلى فتح ممرات إنسانية للسماح بوصول وكالات الإغاثة، وقالت إنها تستعد لنزوح نحو 200 ألف شخص جراء المواجهات في الأشهر المقبلة.