أجريت المناظرة الرئاسية الثانية والأخيرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، مساء الخميس، في مدينة ناشفيل بولاية تينيسي. دخل جو بايدن هذه المناظرة وهو يتمتع بتقدم مريح في عدد من استطلاعات الرأي، سواء على الصعيد الوطني أو على مستوى الولايات المتأرجحة التي تحدد مصير الانتخابات الأمريكية. الولايات المتأرجحة هي الولايات التي يتأرجح فيها التصويت بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري وتشهد منافسة محتدمة بينهما، خصوصا ولايات فلوريدا وميشيغن وأريزونا وبنسلفانيا وويسكونسن وكارولينا الشمالية. وتبعا لعدد من الاستطلاعات الصادرة خلال الأسبوع، فإن بايدن يتقدم جل هذه الولايات، ما يضع ترامب في موقف صعب قبل أقل من أسبوعين على موعد اليوم الكبير للاقتراع المباشر. اللافت هذه السنة هو تحول عدد من "الولايات الحمراء"، نسبة إلى الحزب الجمهوري، إلى ولايات متأرجحة، كما هو الحال بالنسبة لولاية تكساس، أبرز قلاع الجمهوريين في الجنوب، وولاية جورجيا. مناظرة بشروط استثنائية وأقيمت هذه المناظرة في ظروف غير مسبوقة؛ فلأول مرة خلال العقود الأخيرة، اكتفى المرشحان بمناظرتين فقط بدل ثلاث مناظرات كما جرت العادة في الانتخابات السابقة، وذلك بسبب إصابة الرئيس ترامب بفيروس كورونا ورفضه إقامة مناظرة افتراضية. وإلى جانب ذلك، أدخلت لجنة المناظرات الرئاسية، وهي لجنة مستقلة تتكون من ديمقراطيين وجمهوريين، عددا من التعديلات على هيكلة المناظرة الأخيرة، أبرزها قطع الصوت على مكروفون المرشح الذي لا يكون دوره في الكلام. وظل الرئيس الأمريكي يوجه انتقادات إلى هذه اللجنة بالتحيز لخصمه الديمقراطي وبأنها لم تكن منصفة في حقه، خصوصا بعد أن طالبت حملته بأن تركز المناظرة الأخيرة على السياسة الخارجية، لكن اللجنة رفضت هذا الطلب. ويعود مطلب حملته بالتركيز على السياسة الخارجية، بالنظر إلى ما حققه ترامب من إنجازات في هذا الملف، مثل عودة رهائن أمريكيين كانت تحتجزهم جماعة الحوثي باليمن، ودور الوساطة الذي لعبته واشنطن في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات وبين إسرائيل والبحرين. وعلى الرغم من رفض اللجنة لمطالب حملة ترمب، إلا أن مسيّرة المناظرة طرحت ملف السياسة الخارجية الذي لم يكن مبرمجا، وملف شبهة استفادة نجل المرشح الديمقراطي، هانتر بايدن، من منصب والده لتقلد منصب رفيع في شركة الغاز الأوكرانية "باريسما". بداية هادئة على عكس المناظرة السابقة، بدأت المناظرة الثانية بشكل هادئ إلى حد ما، وكان ملف جائحة كورونا أول مواضيعها، حيث دافع ترامب عن سياسته في إدارته أزمة الجائحة، مشددا على أن الملايين كانوا سيفقدون حياتهم في حال عدم اتخاذ عدد من الإجراءات، كما أكد أن العمل مستمر للتوصل إلى لقاح ضد الفيروس وأنه سيكون جاهزا خلال الأسابيع المقبلة، لكنه لم يقدم أي ضمانات بشأن توفر هذا اللقاح. في المقابل، اختار المرشح الديمقراطي الهجوم على إدارة ترامب، وحملها مسؤولية الوفيات والإصابات التي سجلتها الولاياتالمتحدة جراء "كوفيد-19"، مشيرا إلى أن تعامله مع الجائحة كان سيكون مختلفا لو كان في الرئاسة، كما حذر مما أسماه "شتاء أسود" في حال استمرار الوضع في البلاد على ما هو عليه. "سيدفعون الثمن" بعدها انتقل النقاش إلى موضوع الأمن القومي، ووجهت مسيرة المناظرة عددا من الأسئلة حول علاقات الصين وإيران وكوريا الشمالية، والتدخل الأجنبي في الانتخابات الرئاسية. وهاجم ترامب خصمه الديمقراطي، معتبرا أنه ضعيف تجاه الصين وروسيا، وأشار إلى أن هذه الأخيرة لا تريد استمراره في البيت الأبيض. ورد بايدن على ذلك بنفي أي علاقات مالية تربطه مع دول أجنبية، وشدد على أن الدول التي تحاول التدخل في الانتخابات الأمريكية "ستدفع الثمن"، وفق تعبيره. بعد ذلك، ناقش المرشحان عددا من المواضيع مثل التغيرات المناخية والرعاية الصحية، وغيرهما، لكن غلب الهدوء على هذه المناظرة في مجملها، ما سهل مهمة إدارتها، عكس ما جرى خلال المناظرة الأولى. بعد نهاية المناظرة، ذكرت شبكة "سي ان ان" أن ترامب تحدث لأكثر من 41 دقيقة، مقابل أكثر من 37 دقيقة للمرشح الديمقراطي جو بايدن. ويعود ذلك إلى تعقيب ترامب في كل مرة تحدث خلالها بايدن. وإذا كان الرئيس الأمريكي لم يتمكن من استغلال المناظرة الأولى من أجل رفع شعبيته، فإنه يتطلع من خلال المناظرة الأخيرة إلى إقناع المزيد من الناخبين، خصوصا من المستقلين والديمقراطيين، للتصويت لصالحه.