خطابٌ في تليِينِ الأزمة؟(1) أبانتْ عملية إعادة التوجيه، التي فُتحتْ في وجه تلميذات وتلاميذ السلك الثانوي التأهيلي، خلال شهر شتنبر 2020، عن رغبة واسعة لديهن ولديهم، في التغيير ومراجعة التوجيه.. وفي هذا السياق يُطرحُ السؤال؛ هل نجحتْ "كورونا" وإجراءات التعليم عن بعد، التي اضطررنا إليها العام الماضي، في تعرية الأوهام والاختيارات المتهافتة لدى عدد كبير من التلميذات والتلاميذ والآباء والأولياء، وفي إظهار ما للبنية التربوية والمحافظة على البنيات القائمة من ديكتاتورية وسلطة حاسمة على التوجيه وإعادة التوجيه التربوي..؟ وهل نجحتْ الإدارات التربوية الساهرة على هذا الملف، في تلبية أغلب طلبات المراجعة وإعادة التوجيه، في مختلف المؤسسات التعليمية ببلادنا..؟ على الفور، يمكن القول؛ أولاً؛ إن "كورونا" والإجراءات المرتبطة بها على الصعيد التربوي والتعليمي، قد عرَّتْ بالفعل أوهاماً كثيرة بخصوص مسألة التوجيه واختيار الشعب والتخصصات العلمية والمعرفية المحتملة في المستقبل.. وذلك بالنظر إلى العدد العائل من طلبات إعادة التوجيه، التي وُضعت بين يدي الإدارات التربوية في مختلف مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي... ثانياً؛ لم تتمكن كل الإدارات التربوية في مختلف مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي، من تلبية وقبول أغلب طلبات المراجعة وإعادة التوجيه، التي تقدم بها التلاميذ والتلميذات والآباء والأولياء. ثالثاً؛ لماذا تضاعفتْ طلبات مراجعة وإعادة التوجيه في هذا الموسم الدراسي بالضبط..؟ لماذا عجزتْ الإدارات التربوية على قبولِ وتلبيةِ مختلف الطلبات والمطالب، في هذا المضمار..؟ وما هي تأثيرات ونتائج هذا وذاك، على المردودية التعليمية الوطنية العامة وعلى نفسية ومستقبل ممن رُفضتْ التماساتهم، من التلميذات والتلاميذ والآباء والأولياء..؟ هذه المسائل الثلاث؛ غزارة في التماسات وطلبات إعادة التوجيه من لدن التلميذات والتلاميذ والآباء والأولياء.. المحدودية في قبول وتلبية هذه الالتماسات والطلبات من طرف الإدارات التربوية.. الانعكاسات السلبية المحتملة على صعيد النَّفسيات الفردية والجماعية، وعلى المردودية التحصيلية والمعرفية والعلمية العامة (...) تضعنا، من الآن فصاعداً، أمام استحقاق استصلاح التوجيه والاختيارات التخصصية المستقبلية لأجيالنا المقبلة، موصولاً بسؤال ماذا نريد بتعليمنا في سياق الاستحقاق الأكبر ذي الصلة بالنموذج التنموي المغربي المنشود..؟؟؟؟؟ لا يحتاج المتتبع لمسألة التوجيه في تعليمنا، إلى تأكيد مدى هشاشة سياسة وإدارة هذا الاستحقاق لدى مختلف المتدخلين فيه، بدءً من تحكُّمِ التمثُّلات المكتسبة السائدة والمغلوطة في كثير من الأحيان لدى المتمدرسين والأسر.. مروراً بوضعيات مختلف المصالح التربوية ذات الصلة في المديريات والأكاديميات، وكذا، بالسياسة التعليمية المنتهجة والسائرة المفعول.. وانتهاءً بما يصحُّ نعته بديكتاتورية البنية التربوية، أو "غُول البنية".؟ ولما كان موضوعنا، هنا والآن، يقتصرُ على لَفْتِ الانتباه إلى المسألة المطروحة على ضوء ما عرَّتْهُ وتُعرِّيهِ فينا "كورونا"، على صعيد مسألة التوجيه التربوي فقط.. فإن الدعوة مثلاً إلى فتح الجولة الثانية من إعادة التوجيه قد تصبح في نظر البعضِ، غيرِ ذاتِ معنىً في ظرفية كورونا وتحت سقف ثقافة وعقلية ديكتاتورية المحافظة على البنيات التربوية السائدة والسارية المفعول..؟؟؟ يشغلني استحقاق التوجيه وإعادة التوجيه في الظرفية الاستثنائية الحالية التي يمر بها تعليمنا.. ويشغلني أكثر حجم الغموض الذي يصاحب الشروع في تعليم وتحصيل المقررات الدراسية لهذا الموسم الدراسي 2020/2021، في غياب تحيِين وتحديد وضبط الأطر المرجعية لمختلف المقررات والشعب، على ضوء إجراءات تدبير الزمن الدراسي المعتمد، والمتمثل في ما يسمى بنمط التعليم الحضوري المُفوَّج بالتناوب...؟؟؟ في مقالة قادمة، نتحدث- بنوع من التلخيص والتفصيل- عن هذا الغموض وآثاره، وعن ضبابية الأطر المرجعية للتدريس في ظرفية استثنائية، جداً...؟