خلفت وفاة أستاذ فاعل نقابي في مستشفى للا مريم بمدينة العرائش جدلا واسعا في المدينة، بسبب ارتباطها بفيروس كورونا المستجد، حيث أخبرت إدارة المستشفى عائلة المتوفي بأن الوفاة ناجمة عن إصابته بالفيروس، بعد إخضاعه لاختبار سريع (Test rapide)، وتم دفنه على هذا الأساس، لتُفرج إدارة المستشفى بعد دفنه بأربعة أيام عن نتيجة تحليلة ثانية معاكسة لنتيجة الاختبار الأول. حسب إفادة السعيد بوشيبة، فاعل نقابي بمدينة العرائش، فإن عادل الزيتي، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم، نُقل إلى المستشفى الإقليمي للا مريم بالعرائش بعد أن استدعت الضرورة ذلك إثر إصابته بنزلة برد، ووُضع في غرفة العزل الخاصة بالمصابين ب"كوفيد-19"، حيث توفي بعد أربعة أيام من دخوله المستشفى. وساد الاعتقاد لدى أسرة الفقيد وأصدقائه بأنه توفي جراء إصابته بفيروس كورونا، بناء على نتيجة الاختبار السريع الذي خضع له، حيث قررت إدارة المستشفى أن يُدفن وفق بروتوكول "كوفيد-19" الذي وضعته السلطات لدفن الموتى المصابين بهذا المرض، قبل أن تحدث مفاجأة كبيرة أمس الثلاثاء، حيث ظهر أن نتيجة اختبار "PCR" الذي أجري للفقيد كانت سلبية. وتطرح عائلة المتوفي علامات استفهام حول سبب وفاته، بعدما تبيّن لها وجود تخبّط لدى إدارة مستشفى للا مريم في تحديد السبب؛ إذ أجري له اختبار أول عبر تقنية "PCR"، لم تظهر نتيجته، ليُعاد إخضاعه لاختبار آخر بالتقنية نفسها، وقبل ظهور نتيجته أجري له اختبار ثانٍ سريع (Test rapide) كانت نتيجته إيجابية، وبناء على هذه النتيجة تم دفنه على أساس أنه مصاب، لتأتي نتيجة الاختبار الثاني، بعد دفنه، بأنه لم يكن حاملا للفيروس. وتعيش عائلة وأصدقاء الفقيد وسط صدمة وحيرة كبيرين، فبينما أكدت نتيجة الاختبار الثالث أنه لم يكن مصابا بالفيروس، يشكك أهله في هذه النتيجة، ويعتقدون أنه مات بسبب الإصابة به، وأن وفاته "ناجمة عن إهماله داخل مصلحة عزل المصابين بكوفيد-19، لأنهم لم يدخلوه إلى مصلحة الإنعاش"، حسب سعيد بوشيبة. وفي تصريح لهسبريس، قالت أرملة عادل الزيتي إنه أصيب بنزلة برد عادية، تناول عقبها أدوية في البيت، قبل أن يزور طبيبا خاصا في مدينة العرائش نصحه بإجراء فحص بالأشعة، وتم نقله إلى مدينة طنجة حيث أجري له الفحص في مختبر خاص يوم 16 شتنبر، أثبتت نتيجته أنه يحمل علامات الإصابات ب"كوفيد-19". ويوم الخميس 17 شتنبر، تم نقله إلى المستشفى الإقليمي للا مريم بالعرائش، حيث أدخل غرفة العزل الخاصة بالمصابين بفيروس كورونا، وفي الساعة الواحدة من ليلة الخميس-الجمعة اتصل بزوجته عبر الهاتف ليخبرها بأنه شعر بتحسّن، حسب رواية أرملته لهسبريس، قبل أن تسوء حالته. وأضافت المتحدثة أن وضعيته تدهورت بعد ذلك، حيث بقي لوحده في مصلحة العزل في غياب أي من أعوان الحراسة، وعندما اتصل بالحارس على الساعة الثانية عشر ليلا من ليلة الجمعة-السبت، أخبره بأنه أنهى عمله على الساعة العاشرة ليلا وغادر، وأنه أخبر الحارس العام بالأمر، وبأنه بحاجة إلى من يقدم إليه الأدوية على الساعة الخامسة صباحا، لكن لم يتلقّ أي عناية. بحسب رواية أرملة الفقيد، فإنه بقي لوحده داخل مصلحة عزل المصابين ب"كوفيد-19" دون أي رعاية طبية؛ إذ لم يجد من يزوّده بالأوكسجين لمساعدته على التنفس، رغم أنه كان يعاني من ضيق على مستوى الرئتين، قبل أن تُصدم أسرته بخبر وفاته. وفيما تنتظر أسرة الفقيد أن يُفتح تحقيق في وفاته، ومحاسبة المسؤولين عن إهماله، كما تقول أرملته، ما زالت علامات استفهام كثيرة تلفّ تعاطي الجهات الصحية المعنية في مدينة العرائش مع المصابين بفيروس كورونا؛ إذ لمْ يُجرَ اختبار الكشف عن الفيروس لأفراد عائلة الفقيد الذين خالطوه. المثير في الموضوع هو أن أرملته، بحسب إفادتها لهسبريس، دخلتْ معه إلى مصلحة عزل المصابين ب"كوفيد-19"، وهي التي أعدّت له سريره داخل غرفة العزل، رغم أن هذه الغرف لا يدخلها إلا المرضى والأطقم الصحية المكلفة بتوفير الرعاية الصحية لهم، من أطباء وممرضين. وأوردت المتحدثة أنها هي الوحيدة التي أجري لها اختبار الكشف عن فيروس كورونا من بين مخالطي الفقيد، في حين لم يُجر الاختبار لأبنائها ولا لأخيه وزوجته وابنهما الذين اختلطوا به بعد إجرائه للفحص بالأشعة في مدينة طنجة، والذي أكد أنه يحمل أعراض فيروس كورونا. وتابعت المتحدثة: "أنا من منطلق أخلاقي ومن باب تحمّل المسؤولية كندير الدور ديال الدولة، دايرة الحجر الصحي لراسي، ولادي ما كنصيفتهومش للمدرسة، ووالديا عايشين فالعرايش وما نقدرش نمشي عندهم، وأرفض استقبال أي فرد من العائلة، حيتْ ما بغيتش العرايش تولي بؤرة ديال كورونا". وتطالب عائلة الراحل عادل الزيتي "بمحاسبة كل المسؤولين الذين قصّروا في حقه. خاصهم يتحاسبو، لأنّ الحگرة اللي هضر بها النهار فاش عيطلي قبل ما يموت عمّري ما حسيت بها. ما قادّينش بعباد الله يخلّيو عائلاتهم يتقاتلو معاهم"، تقول أرملة الفقيد، مضيفة: "كنحس بالذنب حيت كلشي كيلومني، وانا درت غير اللي عليا وتبّعت الإجراءات ديال الدولة، وخاص الدولة تنصفني". في المقابل، نفى مصدر مسؤول من مستشفى الأميرة للا مريم بمدينة العرائش أن يكون الفقيد قد طاله أي تقصير، مؤكدا أنه "تم إدخاله إلى المستعجلات وتم التعامل معه كجميع الحالات المشكوك في إصابتها بكوفيد-19". المصدر نفسه قال في تصريح لهسبريس إن "الفقيد لم يتم إدخاله إلى المصلحة الخاصة بالمصابين بفيروس كورونا، لأنه لم يتم التأكد أنه مصاب، وتم وضعه فقط في العزل، وتلقى العلاج بشكل عادي". وجوابا على سؤال حول الارتباك الذي وسم إخضاع الفقيد لاختبار الكشف عن الإصابة بفيروس كورونا، قال المتحدث: "السبب هو أن نتيجة الفحص الأول لاختبار PCR لم تكن لا إيجابية ولا سلبية، وللأسف اضطررنا إلى إجراء اختبار ثان على جثمان الفقيد بعد وفاته"، مضيفا أن "نتائج هذا الاختبار لا تكون دائما دقيقة". وبخصوص عدم إخضاع مخالطي الفقيد لاختبار التأكد من عدم انتقال العدوى إليهم، قال المصدر ذاته: "لم تُجر لهم الاختبارات لأن نتيجة الاختبار الذي أجري للفقيد كانت سلبية، ولكن من باب جعل ذويهم مرتاحين نفسيا سنقوم استثناء بإجراء الاختبار لهم"، مضيفا: "هناك بحث في موضوع هذه القضية، وإذا كان هناك أي تقصير سيحاسب المسؤولون عنه".