يشكل الحظر الأمريكي على تطبيقي "تيك توك" و"وي تشات" الصينيين تحديًا قانونيًا أساسياً لحرية التعبير الرقمي قد تكون له تداعيات مهمة على نظام الأنترنيت على المستوى العالمي. وأشارت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وقالت إن التطبيقين واسعا الانتشار يمكن أن يخضعا "لتعاون إلزامي مع أجهزة المخابرات" الصينية. لكن معارضي الخطوة يقولون إنه في حين أن المخاطر الأمنية غير واضحة، فإن الحظر الشامل لمنصات شعبية على الإنترنيت يثير مخاوف بشأن قدرة الحكومة على فرض قيود تنظيمية على حرية التعبير التي يكفلها التعديل الأول للدستور الأمريكي. وقال جميل جافر، مدير معهد نايت فيرست أمندمنت في جامعة كولومبيا: "من الخطأ التفكير في هذا كعقوبة (فقط) تستهدف تيك توك ووي تشات. إنه تقييد خطير للحقوق التي يمنحها التعديل الأول للدستور للمواطنين والمقيمين في الولاياتالمتحدة". وتتفق هينا شمسي، من الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، مع القول بأن الأمر يطرح أسئلة دستورية ووصفته بأنه "إساءة استخدام لسلطات الطوارئ" من قبل ترامب، وقالت إنه يخلق مشكلات أمنية أكثر مما يحل من خلال حظر إصلاح التطبيقات وتحديثاتها. تشغيل محدود يحظر القرار، الذي يدخل حيز التنفيذ الأحد، تحميل "تيك توك"؛ وهو تطبيق مشهور لمشاركة الفيديو لديه نحو 100 مليون مستخدم أمريكي، "ووي تشات"، وهو تطبيق صيني آخر يُستخدم للمراسلة والتسوق والقيام بعمليات دفع وخدمات الأخرى، مع حوالي 19 مليون مستخدم في الولاياتالمتحدة. وقال المسؤولون إن وظائف "وي تشات" ستتأثر فورًا بعد سريان الحظر، على الرغم من أن بعض الخدمات قد تستمر في العمل. ومن المتوقع أن يعمل "تيك توك" حتى 12 نونبر، وهو الموعد النهائي المحدد بموجب أمر تنفيذي أصدره ترامب؛ لكن لن يتمكن المستخدمون من تنزيل تحديثات لتطبيق الفيديو. وتزيد هذه الخطوة من الضغط على شركة "بايتدانس" التي تملك "تيك توك" لإبرام صفقة مع شريك أمريكي لطمأنة مخاوف واشنطن بشأن أمن البيانات، إذ تجري شركة "أوراكل" العملاقة الأمريكية للتكنولوجيا في سيليكون فالي محادثات لشراء جزء من المجموعة لوضع "تيك توك" تحت السيطرة الأمريكية. تجزئة الإنترنيت ويقول منتقدو الحظر إنه قد يخلق مزيدًا من الصدوع في نظام الإنترنيت العالمي المجزأ، من خلال إطلاق يد الحكومات لتقييد وحظر الخدمات الإلكترونية. وقال داريل ويست، مدير مركز الابتكار التكنولوجي في معهد بروكينغز: "من المرجح أن يؤدي قرار ترامب إلى مزيد من الانقسام على الإنترنيت. سيشجع الدول الأخرى على الانتقام من الشركات الأمريكية وإثارة مخاوفها الأمنية ضد الشركات الأجنبية. وقد تكون النتيجة عدة شبكات أنترنيت داخلية مختلفة على أساس بلد المنشأ". وأعرب آدم موسيري، رئيس تطبيق إنستغرام الذي تملكه "فيسبوك"، عن مخاوف مماثلة. وغرد قائلاً: "إن حظر "تيك توك" في أمريكا سيكون سيئًا للغاية على إنستغرام وفيسبوك والإنترنيت عموما". وأضاف موسيري أن "معظم مستخدمي إنستغرام هم من خارج الولاياتالمتحدة، كما هي الحال بالنسبة لمعظم نموّنا المحتمل. والتكاليف على المدى الطويل... عندما تفرض الدول مطالب صارمة وتحظرنا على مدار العقد المقبل تفوق إبطاء منافس واحد اليوم". قدم مستخدمو "تيك توك" و"وي تشات" طعوناً أمام القضاء في الولاياتالمتحدة سعياً إلى منع عمليات الإغلاق المتوقعة. وقالت فانيسا باباس، الرئيسة المؤقتة ل"تيك توك"، إن التحدي "بالتأكيد أكبر من تيك توك وحدها". وكتبت في تغريدة: "أعتقد حقًا أن هذه اللحظة سيكون لها تأثير عميق على صناعتنا، وستطبع الإنترنيت لسنوات مقبلة". وقال روبرت تشيسني، أستاذ القانون الدستوري بجامعة تكساس، إن الدعاوى القضائية تواجه معركة شاقة وأن المحاكم سمحت عمومًا للرؤساء بممارسة سلطات الطوارئ لفرض حظر في السابق. وقال تشيسني إن هناك "عنصرا على صلة بالتعديل الأول للدستور" في الدعاوى القضائية؛ لكن الحظر المتعلق بالمعاملات التجارية لشركات التكنولوجيا لا يزال خاضعًا لمراجعة الأمن القومي. وصرح لوكالة فرانس برس: "لديهم الحق في حرية التعبير؛ لكن هذا لا يمنحهم الحق في تأسيس شركة باستخدام البنية التحتية الأمريكية". * أ. ف. ب