انطلق موسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية رسميا، في ظرفية غير مسبوقة، تطغى عليها جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي تضرب الولاياتالمتحدة. وشرع المرشحان الجمهوري والديمقراطي في تنظيم مهرجانات انتخابية، وزيارة مختلف الولايات. وترجح مختلف استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الأسابيع الأخيرة كفة المرشح الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الثالث من نوفمبر المقبل، على حساب الرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي تواجه إدارته انتقادات لاذعة بشأن التعامل مع جائحة كورونا، بعد فقدان الملايين من الأمريكيين مناصب شغلهم. ومع اقتراب موعد الانتخابات، وعدم نجاح الحكومة الأمريكية في احتواء انتشار كورونا، يتوقع أن يرتفع عدد الناخبين الذين يصوتون عبر البريد بدلا من الاقتراع المباشر في نوفمبر المقبل، ما يفتح الباب أمام سيناريو يوصف ب"الكابوس"، في حال تحقق، كما تشير إلى ذلك عدد من مراكز الأبحاث. يقوم هذا السيناريو على إظهار النتائج الأولية فوز الرئيس الحالي، دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية ليلة تنظيم الانتخابات، بفارق كبير، وإلقاءه خطاب النصر في تلك الليلة، وبعد ذلك تظهر النتائج بعد فرز أصوات الناخبين عبر البريد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن. هذا السيناريو حذرت منه شركة "Hawkfish"، وهي شركة لتحليل البيانات يمولها رجل الأعمال والمرشح الرئاسي السابق مايك بلومبرغ، كما أنها تشتغل لصالح الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة. ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي تصريحا للمدير العام لهذه الشركة، جوش مانديلسون، يقول فيه إن "بيانات الشركة حول سيناريوهات الانتخابات المقبلة تظهر إمكانية حدوث سيناريو يفوز خلاله ترامب بشكل كبير ليلة الانتخابات، وذلك بسبب التأخر في فرز أصوات الناخبين عبر البريد". وحذر مانديلسون من هذا السيناريو بالقول: "ندق ناقوس الخطر، ونقول إن هذا احتمال حقيقي جدا، إذ إن البيانات ستظهر ليلة الانتخابات انتصارا لا يصدق لدونالد ترامب، وبعد ذلك بأيام سيظهر أن ذلك لم يكن سوى سراب، وستظهر النتائج النهائية فوز جو بايدن". وينبني هذا السيناريو بالأساس على إمكانية إظهار نتائج استطلاعات للرأي أن فئة واسعة من الذين سيصوتون لصالح الحزب الديمقراطي خلال الانتخابات المقبلة سيقومون بذلك عبر البريد، وليس من خلال الاقتراع المباشر؛ وذلك بسبب المخاوف بشأن الاكتظاظ في مراكز الاقتراع، في وقت لم تستطع الولاياتالمتحدة السيطرة على انتشار فيروس كورونا. ولا يصوت الأمريكيون بشكل مباشر على مرشحهم الرئاسي، وإنما على المجمع الانتخابي. ويحتاج أي مرشح في الانتخابات الرئاسية إلى الفوز ب270 من أصوات هذا المجمع، الذي تختلف حصة كل ولاية فيه. وتعد ولاية كاليفورنيا صاحبة الحصة الأكبر ب55 صوتا. وتتوقع شركة "Hawkfish" فوز ترامب ب 408 أصوات ليلة الانتخابات، بعد احتساب 15 في المائة من أصوات الناخبين عبر البريد، مقابل 130 لصالح بايدن. لكن هذا السيناريو سرعان ما سينقلب ضد ترامب، إذ ستصل حصة جو بايدن في المجمع الانتخابي إلى 280 صوتا بعد فرز 75 في المائة من الأصوات، وسيزيد الفارق بين المرشحين بعد احتساب جميع الأصوات، إذ سيحصل المرشح الديمقراطي على 334 من أصوات المجمع، مقابل 204 لصالح ترامب. وحصل سيناريو مشابه لذلك خلال الانتخابات النصفية سنة 2018، إذ أظهرت النتائج الأولية خسارة الحزب الديمقراطي لمجلس النواب، وذلك بعد النتائج النهائية التي أعطت الأغلبية للديمقراطيين. سيناريو تعززه الاستطلاعات حسب استطلاع أجري من قبل موقع "أكسيوس"، بتعاون مع "Hawkfish" خلال يوليو وغشت، فإن 19 في المائة فقط من داعمي ترامب أبدوا نيتهم التصويت عبر البريد، مقابل 69 في المائة من مناصري بايدن. وأظهرت نتائج استطلاع للرأي قامت به شبكة "سي ان ان" ما بين 12 و15 من غشت الماضي أن 87 في المائة من الذين أبدوا نيتهم التصويت لصالح ترامب سيقومون بذلك خلال الثالث من نونبر الماضي، بشكل مباشر، مقابل 47 في المائة فقط من الذين ينوون التصويت لبايدن. ورسم الدبلوماسي الأمريكي السابق دان بير صورة مماثلة لهذا السيناريو، وأورد ضمن مقال نشر في موقع مركز "كارنيجي" للدراسات أنه "في حال خسارة ترامب فمن المحتمل أن يدعي أن الانتخابات تم تزويرها ضده، ويبذل قصارى جهده لتقويض ثقة الناخبين في العملية الانتخابية"، مضيفا: "قد يذهب ترامب بعيدا في هذا التشكيك، وسيقوم بالتعبئة ضد نتائج الانتخابات..."، وفق تعبيره. ولعل مثل هذا السيناريو هو الذي دفع قادة في الحزب الديمقراطي إلى الدعوة لعدم الاعتراف بخسارة الانتخابات خلال الليلة الأولى، كما هو الحال بالنسبة لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي دعت بايدن إلى عدم الاعتراف بهذه النتائج خلال الثالث من نوفمبر المقبل، إلى حين احتساب كافة الأصوات والتأكد من صحة النتائج.