أجمع متدخّلون في ندوة جريدة هسبريس الإلكترونية حول "البيدوفيليا وتفعيل عقوبة الإعدام" على ضرورة العمل على مواجهة ظاهرة اغتصاب الأطفال التي باتت تتصاعد بشكلٍ لافت داخل المجتمع المغربي، مؤكّدين أنّها "مركّبة وتستلزمُ تدخّل كافة الأطراف، بما فيها الدّولة والمدرسة ووسائل الإعلام وهيئات المجتمع المدني". وفي هذا الصّدد، أكّد الطبيب النفسي جواد مبروكي أنّ "ظاهرة اغتصاب الأطفال ليست وليدة اليوم، بل كانت موجودة داخل المجتمع، لكن بشكلٍ متخفّ ويصعبُ الوصول إليها بسبب الثّقافة المحلية المقرونة بمجموعة من السّلوكيات"، رافضاَ "الحكم على المتورّطين في قضايا الاغتصاب بالإعدام وسلب حياتهم، لأنّ حكم القضاء ليس دائما عادلاً، ولطالما وقعت خروقات وأخطاء قضائية ذهب ضحيتها أناس أبرياء". وشدّد الخبير النّفساني على أنّه "لا يمكن أن نفصل الطّفل عن باقي أفراد العائلة خشية احتمال تعرّضه للاغتصاب"، وزاد: "هناك علاقات داخل هذا المجتمع.. وهذا هو التّرابط الاجتماعي، ولا يمكن أن نترك الطّفل بعيداً عن الحاضنة الاجتماعية"، مؤكّداً أنّ "الآباء يجب أن يخضعوا لتكوين مستمرّ حول كيفية تتبّع نفسية الطّفل". من جانبه، أكّد النّاشط الحقوقي أحمد عصيد، في مداخلة له في الندوة التفاعلية عن بعد التي نظّمتها جريدة هسبريس أنّ "عقوبة الإعدام ليست حلا لمشكل البيدوفيليا ولن تنهيه"، داعياً في هذا الصّدد إلى تكثيف الجهود للبحث عن عقوبات بديلة للقتل والإعدام، "لأنّ هناك فئة داخل المجتمع تريد أن تقفز على المؤسّسات والقوانين بشرعنة العنف والقتل وتفعيل الإعدام". ودعا الناشط الأمازيغي إلى إلغاء ما سماها "ثقافة حشومة"، لأنّها تبرّر الاعتداءات على الأطفال؛ وبدل ذلك يقترح عصيد "التركيز على حقوق الطفل مع إمكانية تغيير عقلية المجتمع المغربي في التعامل مع الأطفال، وفق نظام تربوي جديد". ويقترح عصيد على الدّولة تشجيع الفلسفة وتدريسها في الابتدائي، "لأنّ الطفل في هذه المرحلة يطرح أسئلة كبرى حول الوجود والطّبيعة والشّمس، وهذا هو التّفلسف الذي سيقوّي شخصيته وسيحوّله إلى شخص ناقد ينظر إلى الآخرين بمنظور ذكي، ما سيخلق له عوالم للإبداع". أما النّاشط الحقوقية نجية أديب فكان لها رأي مغاير لما صرّح به الضّيفان المذكوران بشأن عقوبة الإعدام، فقد دعت رئيسة جمعية "متقيش أولادي" السّلطات المغربية إلى تنفيذ العقوبة في حقّ مغتصب وقاتل الطّفل "عدنان"، مؤكّدة أنّ "القوانين المغربية واضحة، إذ إنّ أيّ جريمة مقرونة بجريمة أخرى يكون الحكم فيها هو الإعدام"، وزادت: "أنا شخصياً مع عقوبة الإعدام، ومع رد الاعتبار لأسرة الطّفل حتّى يكون الجاني عبرة للآخرين". وأوضحت أديب أنّ "الحديث عن اغتصاب الأطفال لا يجب أن يكون موسمياً أو مقروناً بحادث يهزّ كيان المغاربة، بل لا بدّ من القيام بمجهود إضافي لتوعية النّاس من خلال إشهارات وحملات تحسيسية توجّه للأطفال والأسر". ودعت النّاشطة الحقوقية الحكومة والسّلطات المغربية إلى تجنيد كل قدراتها لحماية الأطفال، كما تجند ضد الإرهاب وكورونا، رافضةً وصف "البيدوفيل" بالمريض النّفسي، لأنّ هناك تخطيطا لتنفيذ عملية الاغتصاب عن سبق إصرار وترصد، إذ إنّ "بيدوفيل طنجة مثلاً استدرجَ الطّفل وذهب به إلى المنزل واغتصبه وقتله ثمّ دفنه".