عبرت قيادات داخل حزب العدالة والتنمية عن رفضها أي مقترح يصب في اتجاه تقليص ذاتي للمشاركة في الانتخابات المقبلة تفادياً للمواجهة مع السلطة، وذلك بعد تجربة ولايتين متتابعتين في تدبير الشأن العام في المغرب. وأكد عبد الله بوانو، القيادي في حزب العدالة والتنمية، رفضه آراء تدعو إلى تقليص نسبة مشاركة حزبه في الاستحقاقات البرلمانية المقبلة، وقال في رسائل طمأنة إن التنظيم أثبت خلال تواجده في الحياة السياسية منذ 1997 أنه "حزب وطني يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والحزبية". واعتبر رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، خلال ندوة نظمتها شبيبة حزبه، أن الأصوات التي تدعو إلى تقليص المشاركة في الانتخابات المقبلة تبقى "غير مقبولة وغير منطقية"، مشيراً إلى أن هذه الدعوات "تشوش على العدالة والتنمية وعلى برامجه". ولم تتسرب أي معطيات رسمية بشأن وجود جهة حزبية تدفع في اتجاه تقليص ذاتي لمشاركة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، فيما ذكرت مصادر مقربة من "البيجيدي" أن موقف بوانو جاء رداً على مقترح سابق حول هذا الموضوع تقدم به القيادي البارز المصطفى الرميد. ويعتبر الباحث السياسي محمد شقير أنه لا يوجد أي سبب اليوم يدفع السلطة إلى الضغط على حزب العدالة والتنمية لتقليص مشاركته في الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن سيناريو 2007 عندما قرر الحزب تقليص مشاركته في الاستحقاقات البرلمانية يختلف عن واقع 2021. وأوضح شقير، في تصريح لهسبريس، أن حزب العدالة والتنمية بعد ولايتين حكوميتين بات "حزبا عاديا وقبل بشروط اللعبة السياسية، وبالتالي لم يعد يُتخوف منه كما كان في السابق"، مضيفاً أن "الظروف السياسية تغيرت وتطورت و'البيجيدي' أصبح مطبعاً مع هذه التحولات ومقبولا من قبل السلطة". ويرى الباحث السياسي أن إثارة قيادات "بيجيدية" لمسألة التقليص الذاتي تبقى مجرد "مزايدات سياسية ومناورات"، موردا أن زخم الحزب تراجع كثيرا بسبب قيادته الحكومة لولايتين متتاليتين، "وذلك راجع إلى عدة قرارات، ما أثر على قاعدته الانتخابية، ليست الوفية، وإنما التي صوتت لصالحه ضدا على أحزاب أخرى". وأضاف المصدر ذاته، في تصريحه، أن تداعيات مشاركة "البيجيدي" في ولايتين سيكون لها أثر بالغ على مستوى قوته في الانتخابات المقبلة، مردفا بأن إعادة الحديث عن تقليص ذاتي للمشاركة نابع من "وهم استمرار الحزب بنفس زخمه الجماهيري، وهو الأمر نفسه الذي وقع لحزب الاتحاد الاشتراكي بعد تآكل شعبيته إثر تدبيره للشأن العام". التداعيات المتعلقة بمشاركة حزب العدالة والتنمية في ولايتين حكوميتين متتاليتين دفعت الباحث شقير إلى التأكيد أنه لا يوجد ما يدفع السلطة إلى التفاوض مع "البيجيدي" من أجل تقليص حجم مشاركته أو دفعه إلى الخروج إلى المعارضة. وخلص المحلل السياسي إلى أن المراحل السابقة تختلف عن مغرب ما بعد دستور 2011، "لكن شروع قيادات الحزب في الحديث عن مثل هذه الأمور يبقى مجرد محاولة للترويج لخطاب المظلومية كما كان يفعل بنكيران في السابق".