أفْنوا سنوات طوالا من أعمارهم في تقديم الرعاية الصحية للمواطنين داخل مختلف مصالح المستشفيات العمومية والمراكز الصحية في الحواضر والبوادي، منهم مَن قضّى في مهنته ثلاثين عاما ومنهم مَن هو على مشارف التقاعد، وما يزالون ينتظرون أن تلتفتَ إليهم الحكومة لتُمتّعهم بحقوق تعبوا من طرق أبواب المسؤولين الحكوميين في سبيل نيْلها دون أن يُفتح في وجههم أي باب. وإلى حد الآن، ما زال الممرضون المجازون من الدولة ذوو سنتين من التكوين ينتظرون بصبر يوشك على النفاد أن تشرع الحكومة في تسريع الإجراءات الإدارية المتعلقة بإخراج المرسوم الذي سيحصلون بموجبه على حقوقهم التي انتظروا الإفراج عنها لسنوات، بعد أن سلموا لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، يدا ليد، ملفهم المطلبي قبل شهور من الآن. يسمّي الممرضون المجازون من الدولة ذوو سنتين من التكوين، البالغ عددهم زهاء خمسة آلاف ممرضة وممرض، أنفسهم "ضحايا الأنظمة الأساسية"، وبعد أن تعبوا من الاحتجاجات أمام البرلمان، ونشر البيانات والبلاغات، مرفوقة بصورة لزميلة لهم وهي تسلّم ملفهم المطلبي إلى رئيس الحكومة، أصبحوا الآن، بعد أن طال انتظارهم، يرفعون شعار: "كفافنا انتظارا". ويتمثل المطلب الرئيسي لقدماء "ملائكة الرحمة"، من الممرضين وتقنيي الصحة والقابلات، في تمكينهم من الترقية الاستثنائية، ويؤكّدون أنهم لا ينتظرون من الحكومة شيئا آخر غير الاستجابة لهذا المطلب، "بل إننا لا نريد من الحكومة حتى التحفيزات الخاصة بكوفيد-19، ونقول لها إن أكبر تحفيز يمكن أن تقدمه لنا هو أن تمنحنا حقوقنا"، يقول عبد الفتاح الشفول، منسق التنسيقية الوطنية للمرضين المجازين من الدولة ذوي سنتين من التكوين. وبينما لم تجد الوعود التي سبق أن قدمها المسؤولون إلى الممرضين المجازين من الدولة طريقها إلى التنفيذ، يسود إحساس ب"الغبن" في صفوف هؤلاء، ويتساءلون عن سبب عدم تمكينهم من الترقية الاستثنائية، وهم الذين "لهم الفضل في تلقيح أكثر من 90 في المئة من المغاربة"، كما يقولون، ويؤكدون أن وزير الصحة بنفسه ربما استفاد من هذه الخدمة في صغره، ملتمسين منه أن يتلفت إلى وضعيتهم بعد أن صار قرار إنصافهم بيده. ووجه "قدماء الممرضين" صرخة إلى وزير الصحة فحواها أنهم وقفوا على جبهات مواجهة أمراض وأوبئة في فترات سابقة من تاريخ المغرب، حيث كافحوا الأمراض المعدية وغير المعدية، والأمراض الطفيلية، وأمراض المياه الملوثة، وحاربوا السل والجذري والملاريا وداء السعار... وحاليا يوجدون ضمن جنود جبهة محاربة فيروس كورونا، رغم أن منهم من جاوزت سنوات عمره ستين عاما. وأكد عبد الفتاح الشفول، في تصريح لهسبريس، أن رئيس الحكومة أخبر ممثلي الممرضين المجازين من الدولة ذوي سنتين من التكوين بأن ملفهم قيْد المعالجة وهو في طور الأجرأة الأخيرة، "ولكن إلى حد الآن لا نعرف مصير مطالبنا"، مضيفا: "حاليا تتحدث وزارة الصحة عن تخصيص تحفيزات للأطقم الصحية، وبالنسبة إلينا فأكبر تحفيز هو أن يمنحونا حقوقنا التي انتظرناها طويلا وما زلنا ننتظرها منذ سنوات إلى اليوم". وتابع المتحدث ذاته قائلا: "في الوقت الذي ينتظر فيه الطاقم التمريضي إفراج وزارة الصحة عن التحفيزات المقرر أن تُمنح له، يوجد آلاف الممرضين المجازين من الدولة ذوي سنتين من التكوين قضوا سنوات طويلة في مهنتهم يبحثون فقط عن حقوقهم بعيدا عن التفكير في التحفيزات المنتظرة، لأن هذه التحفيزات لا تعني شيئا بالنسبة إلينا طالما أننا محرومون من حقنا المشروع في الترقية".