يستمر المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الأمريكي هذا الأسبوع، وينتظر أن يختتم الخميس المقبل بقبول الرئيس، دونالد ترامب، ترشيح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية خلال الثالث من نونبر المقبل. هذا المؤتمر يأتي بعد أقل من أسبوع على مرور مؤتمر الحزب الديمقراطي، الذي انتهى بترشيح نائب الرئيس السابق، جو بايدن، مرشحا للديمقراطيين، وهو المؤتمر الذي عرف مشاركة جمهوريين مناهضين لترامب لأول مرة في أحد مؤتمرات الحزب المنافس. وطغى الرئيس ترامب على اليوم الأول والثاني من هذا المؤتمر "الافتراضي"، إذ لم يتحدث أغلب المتحدثين عن سياسة الحزب الجمهوري ونظرته لمستقبل الولاياتالمتحدة، بقدر ما تحدثوا عن ترامب، محذرين من استعادة الحزب الديمقراطي للبيت الأبيض. تحذير من الاشتراكية كان لافتا في أغلب الكلمات التي ألقيت في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري التحذير من "اجتياح الاشتراكية" والنموذج الفنزويلي والكوبي، إذ رسم المتحدثون صورة للحزب الديمقراطي، كالحزب الذي يريد "وضع حد للحريات الفردية وإرساء هيمنة الحكومة". ويخيل للمتابع لهذا المؤتمر أن الكلمات التي ألقيت تمت كتابتها قبل أشهر، وأن منافس ترامب في الانتخابات المقبلة هو السيناتور المستقل بيرني ساندرز، بالنظر إلى كون هذا الأخير يقدم نفسه ك"اشتراكي ديمقراطي"، ويرفع مطالب مجانية التغطية الصحية والتعليم، في حين أن جو بايدن لا يقدم نفسه كمرشح تقدمي، كما أنه لا يتبنى الوعود التي كان ساندرز يرافع من أجلها خلال الانتخابات التمهيدية. وكان عضو مجلس النواب عن ولاية فلوريدا مات كيتس واحدا من أبرز الذين حذروا من "شبه الاشتراكية" خلال اليوم الأول من المؤتمر، واعتبر أن "بايدن لن يحكم في حال انتخابه، وإنما سيتم التحكم فيه من قبل اليسار المتطرف"، وفق تعبيره، فيما قال نجل الرئيس ترامب جونيور إن "بايدن واليسار الراديكالي يريدون استهداف حرية التعبير". طغيان اسم ترامب إذا كنت تتابع برنامج المؤتمر فلا بد من سماع اسم ترامب، وهنا الحديث ليس عن الرئيس فقط، وإنما عن أحد أفراد عائلته، الذين خصص لهم حيز كبير في هذا المؤتمر، وهذا ما جعل شبكة "سي ان ان" تعنون أحد تقاريرها ب"المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري أضحى شأنا عائليا بالنسبة لترامب". وتحدث نجل الرئيس ترامب جونيور، خلال الليلة الأولى، فيما كانت عقيلة الرئيس، ميلانيا ترامب، أبرز المتحدثين خلال الليلة الثانية، إلى جانب إيريك ترامب، وتيفاني ترامب، كما ينتظر أن تتحدث ابنته، لارا ترامب، خلال الليلة الثالثة من هذا المؤتمر، وإيفانكا ترامب خلال الليلة الأخيرة. وفي وقت تحدث جو بايدن خلال اليوم الأخير من المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي فقط، اختار ترامب الظهور في مؤتمر حزبه بشكل يومي، متحدثا عن إنجازات إدارته ووعوده الانتخابية في حال تمت إعادة انتخابه لولاية ثانية. مؤتمر من البيت الأبيض في خطوة غير مسبوقة، استخدم ترامب سلطاته التنفيذية خلال المؤتمر، إذ قام باستغلال تواجده في البيت الأبيض لتوجيه رسائل سياسية، وذلك بعد أن أصدر عفوا رئاسيا عن رجل سرق مصرفًا في ولاية نيفادا، وأسس في ما بعد منظمة تعمل على خدمة السجناء السابقين. كما ترأس ترامب حفل تجنيس خمسة مواطنين أمريكيين جدد، وذلك بحضور وزير الأمن الداخلي بالنيابة، تشاد وولف، وهو الذي قام بالإشراف على القسم الذي أداه المواطنون الأمريكيون الخمسة. وخاطب ترامب المشاركين في هذا الحفل بالقول: "قمتم باتباع القواعد، وأطعتم القوانين، وتعلمتم تاريخكم، واحتضنتم قيمنا، وأثبتم أنفسكم كرجال ونساء يتمتعون بأعلى درجات النزاهة". كما ألقت السيدة الأولى، ميلانيا ترامب، خطابها من حديقة البيت الأبيض، لتكون بذلك أول عقيلة للرئيس في التاريخ السياسي للمعاصر الأمريكي تقدم كلمتها خلال المؤتمر الوطني من البيت الأبيض. بومبيو يكسر القاعدة مساء الثلاثاء، كسر وزير الخارجية، مايك بومبيو، قاعدة عدم حديث وزراء الخارجية في المؤتمرات الوطنية للأحزاب، وألقى كلمة من إسرائيل، تحدث فيها عن "انجازات" إدارة ترامب على الصعيد الدولي. وأشاد بومبيو بالسياسة الخارجية لترامب، بقوله إن "عائلته الآن أكثر أمنا، وحرية الأمريكيين تعززت، لأن الرئيس وضع رؤية أمريكا أولا موضع التنفيذ، وهذا قد لا يجعله يتمتع بشعبية في أي عاصمة أجنبية". ومضى بومبيو في تسليط الضوء على سياسات ترامب الخاصة في الصين وكوريا الشمالية والشرق الأوسط وفي جعل حلف الناتو "أقوى"، متحدثا عن نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وموردا: "في إطار الوفاء بواجب الحفاظ على سلامتنا، قاد هذا الرئيس مبادرات جريئة في كل ركن من أركان العالم تقريبا". اللافت في الخطوة التي أقدم عليها بومبيو هي كونها تأتي بعد أسابيع قليلة من تعميمه مذكرة على موظفي وزارة الخارجية، تمنعهم من المشاركة في أي أنشطة ذات طابع سياسي. غياب جمهوريين بارزين في المقابل، فإن مؤتمر هذه السنة سجل غيابا لافتا لعدد من قادة الحزب الجهوري، سواء الحاليين أو السابقين، على خلاف مؤتمر الديمقراطيين الذي عرف مشاركة مجموعة من الوجوه الجمهورية، كوزير الخارجية الأسبق كولين باول، وحاكم ولاية أوهايو السابق جون كيسيك. وفيما كشفت عدد من وسائل الإعلام الأمريكية أن هناك ضغوطا تمارس على الرئيس الأسبق جورج بوش من قبل مقربين منه، لإعلان دعمه للمرشح الديمقراطي جو بايدن، كان لافتا غياب اسمه عن قائمة المتحدثين خلال المؤتمر الحالي، كما يغيب نائبه، ديك تشيني، ونجلته ليز تشيني، التي تعد عضو مجلس النواب أيضا عن الحزب الجمهوري. إلى جانب ذلك، غاب رئيس مجلس النواب السابق بول رايان، الذي توارى عن الساحة السياسية خلال العامين الأخيرين، كما سجل أيضا غياب المرشح الرئاسي السابق سنة 2012 السيناتور ميت رومني.