اختار جو بايدن، المرشح المحتمل للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، كامالا هاريس، عضو مجلس الشيوخ، نائبة له، لخوض غمار سباق البيت الأبيض خلال نونبر المقبل. ويعد اختيار كامالا هاريس، ذات الأصول الإفريقية الهندية كنائبة لمرشح في الانتخابات الرئاسية، خطوة تاريخية لم يقدم عليها أي مرشح ديمقراطي أو جمهوري في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ في حين سبق لجون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري، أن اختار سارة بيلن نائبة له خلال انتخابات 2008. ويكتسي منصب نائب الرئيس أهمية خاصة في أي إدارة أمريكية، على اعتبار أنه المنصب الوحيد الذي لا يمكن تنحية صاحبه من منصبه من قبل الرئيس، بالنظر إلى انتخابه بشكل مباشر من قبل الناخبين الأمريكيين. كما أنه يحل محل الرئيس في حال عزله عن تأدية مهامه، أو وفاته، أو عزله من قبل الكونغرس. ينحدر والد كامالا من جامايكا ووالدتها من الهند، كما أنها تعد أول امرأة ذات بشرة سوداء يتم انتخابها في منصب المدعية العامة في ولاية كاليفورنيا، وأول امرأة من أصول جنوب آسيوية يتم انتخابها في مجلس الشيوخ الأمريكية. وكتب بايدن، عبر حسابه ب"تويتر"، مساء الثلاثاء: "يشرفني أن أعلن اختيار كامالا هاريس نائبة لي؛ فهي مقاتلة شجاعة، وهي أحد أفضل الموظفين الذين خدموا الشأن العام في البلاد". ووصف بايدن لهاريس ب"المقاتلة الشجاعة" يعود إلى جذب الكثير من الأضواء خلال السنوات الأخيرة، خصوصا خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ، والتي كانت تنتقد خلالها مسؤولين في إدارة ترامب وأسماء مرشحة لشغل مناصب في هذه الإدارة. أبرز هذه الجلسات كانت سنة 2018، خلال جلسات مناقشة تعيين بريت كافانو في منصب قاض في المحكمة العليا؛ وهو التعيين الذي أثار الكثير من الجدل حينها، بالنظر إلى ادعاءات التحرش ببعض النساء التي كانت تلاحق كافانو، قبل أن يتم تثبيته في هذا المنصب، بعد تصويت الأغلبية الجمهورية في المجلس لصالحه. اختيار يعكس تنوع الحزب وفي تعليقه على هذا الاختيار، يقول المحلل السياسي الأمريكي جون هابلن إن "اختيار نائب الرئيس نادرا ما يكون له تأثير كبير على نتائج الانتخابات"، مشددا على أن اختيار الناخبين سيكون بين جو بايدن ودونالد ترامب وليس كامالا هاريس ومايك بنس. ويضيف هالبن، في تصريح لهسبريس، أن "اختيار نائب الرئيس مفيد لفهم الخطوط العريضة داخل الأحزاب السياسية؛ فترامب اختار مايك بنس وهو يعلم أنه بحاجة إلى تواصل جيد مع الناخبين الإنجيليين والكاثوليك والمحافظين الاجتماعيين". ويورد المتحدث ذاته أنه "في الوقت الذي لم يختر ترامب نائبه من أجل الفوز بولاية إنديانا، فالأمر ذاته ينطبق على بايدن، الذي سيفوز بسهولة بولاية كاليفورنيا، مسقط رأس هاريس". وعن اختيار هاريس لهذا المنصب، يشير هالبن إلى أن "هاريس تعد اختيارا جيدا بالنسبة لبايدن؛ لأنها تمثل أرضية وسطى وصلبة تم اختبارها سياسيا وتمثل التنوع العرقي والإثني داخل الحزب"، مضيفا "سيكون الديمقراطيون متحمسين لرؤية هذا التوازن بين الأجيال والأجناس وكذا الأعراق في الحزب، وهذا ما قد يساهم في شراكة قوية ومثمرة بين بايدن وهاريس". "الهدف حاليا هو تحويل هذه الشراكة إلى آلية قوية تدفع الناخبين إلى التوجه نحو صناديق الاقتراع في الخريف، وجذب أصوات الناخبين المستقلين والمعتدلين"، يضيف المتحدث ذاته، موردا "سيحتاج الديمقراطيون إلى إظهار أفضل ما لديهم للناخبين من أجل هزم ترامب"، وفق تعبيره. هاريس الوسط قبل دخول الكونغرس سنة 2017، شغلت منصب المدعي العام في ولاية كاليفورنيا، أكبر ولايات البلاد،، إذ لا يزال سجلها في هذا المنصب يطرح عددا من علامات الاستفهام، خصوصا من قبل الديمقراطيين التقدميين، لا سيما فيما يتعلق بسياساتها تجاه الأقليات العرقية وممارسات الشرطة. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن ديفيد كامبوس، العضو السابق في مجلس المشرفين في مدينة سان فرانسيسكو بكاليفورنيا، قوله إنه "على الرغم من أنه كانت لكامالا هاريس الفرصة للقيام بتغييرات في أجهزة الشرطة وعرضها للمساءلة، فإنها اختفت، وكانت دائما تقف مع الجانب الخطأ"، وهذا ما يجعل التقدميين لا ينظرون بعين الرضا إلى تاريخها في كاليفورنيا. وكانت هاريس من الأسماء المرشحة في الانتخابات التمهيدية بالحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، قبل أن تنسحب من هذا السباق بداية دجنبر الماضي، بعد فشلها في جمع تبرعات كبيرة، وأرقامها المتواضعة في استطلاعات الرأي؛ في حين أعلنت دعمها لجو بايدن في التاسع من مارس المنصرم، بعد أن انحصرت المنافسة بينه وبين عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز. وتتخذ هاريس مواقف في الوسط بين التقدميين ومن يطلق عليهم المعتدلون (Moderates) في الحزب الديمقراطي، إذ كان يدعو برنامجها الانتخابي إلى رفع الحد الأدنى من الأجور إلى 15 دولارا في الساعة في جميع الولايات، وعدم السماح بالإنفاق غير المحدود في الحملات الانتخابية، بالإضافة إلى إلغاء المجمع الانتخابي، وتشديد القيود على امتلاك السلاح في الولاياتالمتحدة. وفيما كانت هاريس إحدى أبرز المرشحين الذين انتقدوا نائب الرئيس السابق جو بايدن في الأشهر الأولى من حملة الانتخابات التمهيدية، عادت لتعلن وقوفها خلفه خلال الأمتار الأخيرة من هذه الانتخابات، قبل أن يعلن عن اختيارها نائبة له في هذا السباق الرئاسي. ومباشرة بعد هذا الإعلان، لم يفوت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفرصة لانتقاد هذا الاختيار، قائلا بأنه "تفاجأت من هذا الاختيار، فقد كانت سيئة تجاه بريت كافانو، ولن أنسى ما قامت به"، مضيفا بأنها "فشلت فشلا ذريعا في الانتخابات التمهيدية، التي تعد بمثابة استطلاع للرأي"، وفق تعبيره. وتابع الرئيس الأمريكي أن "هاريس لم تحترم بايدن، وقالت أشياء سيئة جدا عنه خلال مناظرات الحزب الديمقراطي"؛ فيما امتدح نائبه مايك بنس، مشددا على أن "الجماعات الدينية في الولاياتالمتحدة تحبه وتفضله على حساب هاريس".