يشكل اليوم الوطني للمهاجر، الذي يعكس مدى المساهمات القيمة للجالية المغربية المقيمة بالخارج لفائدة بلدهم الأم، فرصة مثلى للإشادة بهذه الفئة من المواطنين وإبراز دورهم في خدمة دينامية التنمية السوسيو-اقتصادية للمملكة. ويعد هذا الموعد منذ إقرار 10 غشت يوما وطنيا للمهاجر، من قبل الملك محمد السادس سنة 2003، أيضا مناسبة مواتية لتعزيز الحوار مع مغاربة العالم بغرض التعرف على وضعيتهم ومختلف حاجياتهم، والإجابة على انتظاراتهم وإطلاعهم على الخدمات التي توفرها المصالح الخارجية في مجالات عدة. ويتعلق الأمر بتمكين أفراد الجالية من التعرف على المساطر والإجراءات الإدارية لاسيما تلك المتعلقة بالمؤهلات الكبيرة للاستثمار التي يزخر بها البلد الأم، والإنجازات المسجلة بالمغرب في ميادين شتى. عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج يرى أن "هذه الفئة آبانت خلال الظرفية الحالية المتسمة بتفشي وباء كوفيد-19، مرة أخرى، عن اندماجها الكامل في بلد الإقامة، مع تشبثها بوطنها الأم. وأعطت الدليل عن انخراطها المواطن خلال مرحلة فرض الحجر الصحي واحترام حالة الطوارئ التي تقررت في عدد من البلدان". وتابع بوصوف أن هذا الالتزام المواطن تجلى كذلك من خلال انخراط جمعيات المهاجرين المغاربة في المبادرات التطوعية، خاصة الدعم والخدمات المقدمين للفئات الهشة المنحدرة من جنسيات عدة والمقيمة في بلد الإقامة والتي تأثرت بحدة بتداعيات الجائحة طيلة فترة الحجر الصحي، مشيرا إلى أن الجالية المغربية أبانت عن استعدادها لتقديم المساعدة لبلدها الأصلي، ليس فقط في إطار عائلي محض ولكن أيضا في مساهمات شريحة واسعة منها في صندوق تدبير جائحة "كوفيد 19" المحدث تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس. وبعد أن نوه بانخراط وتضحية أفراد الجالية إزاء المواطنين المغاربة الذين كانوا عالقين في مختلف بلدان العالم بعد غلق الحدود، لاحظ الأمين العام للمجلس أن مغاربة العالم أكدوا أن الكرم والتضامن قيمتان من القيم المتجذرة في الهوية المغربية، معربا عن الأسف ، في مقابل ذلك ، أن "تكون فترة الحجر الصحي أظهرت نوعا من الهشاشة داخل جسم الجالية المغربية بأرض المهجر. إذ أن عدد الضحايا الذين قضوا جراء إصابتهم بفيروس كوفيد-19 ناهز 500 شخصا من بين نحو 5 ملايين مهاجر مغربي". وسجل أن هذا الرقم يظل " مرتفعا " مقارنة مع أولئك الذين توفوا بالمغرب والذين لا يتجاوز عددهم 449 شخصا من بين ساكنة يقارب تعدادها ال36 ملايين نسمة، مضيفا أن تلك الهشاشة قد تعزى إلى الوضع السوسيو-اقتصادي لفئة من مغاربة العالم داخل بلدان الإقامة. وعلى صعيد تأثير الأزمة الصحية ل"كوفيد-19" على التحويلات المالية لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أفاد بوصوف بأن الحجر الصحي الذي حد من الأنشطة الاقتصادية والصناعية، كان له " الوقع الكبير بالنسبة لفئة واسعة من مغاربة المهجر، لاسيما بالنسبة لأولئك الذين يشتغلون في قطاعي العقار والسياحة". وقال إن فترة الحجر الصحي بتداعياتها على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية على أفراد الجالية، أثرت على الاقتصاد المغربي، حيث أن التحويلات المالية تراجعت بشكل ملحوظ خلال الخمسة أشهر الأولى من السنة الجارية. "والملاحظة نفسها أثارها البنك الدولي الذي توقع انخفاضا قياسيا في تحويلات المهاجرين بنحو 20 في المائة في عام 2020. وهو واقع سيكون له بالتأكيد تأثير سلبي على إيرادات الميزانية الوطنية ، لا سيما فيما يتعلق باحتياطيات الصرف واستهلاك الأسر التي تعتمد على التحويلات من أقاربها"، وفق بوصوف، الذي توقف عند دور مجلس الجالية المغربية بالخارج في تدبير هذه الأزمة الصحية. وأوضح بوصوف أن المجلس تتبع عن قرب وضعية مغاربة العالم ومختلف الإشكاليات التي واجهتهم بهدف إعداد اقتراحات حلول، حيث قدم في هذا الإطار توصيات ذات طابع اجتماعي وإداري واقتصادي وديني من أجل الإجابة على مختلف الإشكاليات المرتبطة بهذه الوضعية غير المسبوقة، خالصا إلى أنه تماشيا مع الاختصاصات الدستورية المخولة له، سهر مجلس الجالية على الحفاظ على الروابط الثقافية والدينية مع مغاربة العالم. ذلك أنه عبر المنصة الرقمية "أواصر تيفي"، فتح المجلس نقاشات يومية بمشاركة عدة فاعلين في الهجرة وفي عدد من المجالات.