قال يوسف كراوي الفيلالي، مدير المركز المغربي للحكامة والتسيير، إن "الاقتصاد الوطني برسم سنة 2020 تضرر من الأزمة الصحية المتعلقة بفيروس كورونا، إذ عرف المغرب توقفا شبه كلي للحركة الاقتصادية خلال الأشهر الثلاثة من الحجر الصحي". وأضاف الفيلالي، في مقالة بعث بها لهسبريس، تحت عنوان "النموذج التنموي المرتقب: تحديات ما بعد كورونا"، أن "الاقتصاد المغربي، كما هو شأن العديد من اقتصاديات العالم، فقد مناصب شغل مهمة تخص بالأساس الطبقة المتوسطة والهشة، وهو ما نتج عنه تضرر القدرة الشرائية للمواطنين، واتساع دائرة العاطلين عن العمل، وتراجع طلبيات ومبيعات العديد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية، وكذا إفلاس مجموعة من الشركات من فئة المقاولات الصغيرة والناشئة". وأوضح المسؤول عينه أنه "لإرساء نموذج تنموي جديد، فعال ومتكامل، تتعين بلورة خارطة طريق للإقلاع الاقتصادي، تضع المواطن والمقاولة المغربية في صلب المعادلة الاقتصادية، وعبر إستراتيجية سوسيو اقتصادية مندمجة وطويلة المدى، تحدد أدوار ومسؤوليات الأطراف والشركاء قصد إنجاح المشروع المجتمعي والتنموي الجديد". وتابع الفيلالي: "يبقى التنزيل السليم لمحاور النموذج التنموي مرتبطا بالقدرة على تتبع تنفيذ العمليات والإجراءات والتقييم المستمر لآليات التفعيل التنموية؛ وذلك عبر مؤشرات قياس الأثر التي ستمكن من إنجاز تقييم عرضاني لمختلف الإنجازات، إذ أبرزت التجارب السابقة ضعف تقييم المشاريع والبرامج التنموية، وهو ما حال دون بلوغ الأهداف التنموية المسطرة على المدى المتوسط والبعيد". وأوضح المتحدث ذاته: "إن إرساء نموذج تنموي جديد يبقى وحده الكفيل بإنجاح الانبعاث الاقتصادي للمملكة وضمان إعادة تشغيل المقاولات المتضررة من حالة الطوارئ الصحية والركود الاقتصادي الذي سببه فيروس كوفيد-19، إذ تتعين بلورة رؤية إستراتيجية مندمجة وقابلة للتفعيل الفوري، وذلك قصد إنقاذ النسيج المقاولاتي المغربي من ظاهرة الإفلاس وفقدان الأهلية التجارية من جهة، وتخفيف الأضرار السوسيو اقتصادية على الأسر والمجتمع المغربي من جهة أخرى". "بخصوص محاور النموذج التنموي المرتقب، يبقى تطوير العلاقة بين الاقتصاد والاستثمار المنتج وخلق مناصب الشغل محورا جوهريا لضمان تشغيل الشباب وتحقيق معدات مهمة من النمو الاقتصادي، وكذا ازدهار الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل؛ كما يتعين النهوض بالقطاعات الاجتماعية الحيوية، كالتعليم والصحة والسكن، قصد تطوير العامل البشري وجعله رافعة للتنمية المستدامة"، وفق المقالة. ومضى الكاتب مستدركا: "وفي السياق نفسه، يتوجب دعم وتطوير ريادة الأعمال للتحفيز على الابتكار وخلق الثروة المادية الكفيلة بتحسين القيمة المضافة غير الفلاحية؛ وبالتالي تحقيق معدلات نمو مرتفعة تضمن للمملكة انخراطها في دينامية الإقلاع الاقتصادي، إذ سيمكن التسريع الصناعي من رفع تنافسية المقاولات الوطنية، وهو ما سيسهل انخراطها في سلاسل الإنتاج الدولية". ولفتت المقالة إلى أنه "يتعين دعم وتحفيز صادرات المقاولات المغربية، خصوصا منتجات المقاولات الناشئة والصغيرة الموجهة للتصدير؛ وذلك لتحسين عجز الميزان التجاري للمغرب وتأمين احتياطي العملة الصعبة، وهو ما سيعزز السيادة الاقتصادية والمالية للبلاد". وخلص المسؤول ذاته إلى أن "تكوين الأجيال الصاعدة باستعمال التكنولوجيات الحديثة، والرقمنة الشاملة للمساطر الإدارية المتعلقة بخلق المقاولات والحصول على التراخيص وريادة الأعمال، وتعميم الأداء الإلكتروني والمعاملات الرقمية، من بين الإجراءات الأساسية التي ستضمن نجاح التحول الرقمي للمملكة".