استبشر سكان إقليم اشتوكة آيت باها خيرا عندما وُضع الحجر الأساس لبناء المحكمة الابتدائية بحاضرة الإقليم، مدينة بيوكرى، وشُرع في تنفيذ أشغال بنائها؛ لكنّ الأشغال توقفتْ قبل إكمال خمسين في المائة من المشروع، منذ سنتين، وتحوّلت إلى أطلال من الإسمنت يتساءل السكان متى سيُستأنف استكمال بنائها. بناء المحكمة الابتدائية ببيوكرى كان مَطلبا مُلحّا، لأن جميع القضايا المرفوعة إلى القضاء بإقليم اشتوكة آيت باها تُحال على المحكمة الابتدائية بمدينة إنزكان؛ ما يكلّف المتقاضين جُهدا ووقتا ومصاريفَ إضافية، ويضاعف الضغط على قضاة وباقي مكونات المحكمة المذكورة جراء كثرة الملفات. ويعود سبب توقّف أشغال بناء المحكمة الابتدائية بمدينة بيوكرى إلى إفلاس الشركة الفائزة بصفقة بنائها، ويُنتظر أن يُفتح طلب عروض جديد لإسناد صفقة استكمال الأشغال إلى شركة أخرى، بعد استكمال الإجراءات الإدارية والقانونية المعمول بها في مثل هذه الحالات. وأفاد الحسين أزوكاغ، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن ما أخّر استئناف أشغال بناء المحكمة الابتدائية ببيوكرى هو أن مسطرة تسوية العقد مع الشركة السابقة تتطلب وقتا. وأشار النائب البرلماني سالف الذكر، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن وزير العدل أخبره بأن أشغال المشروع المذكور ستُستأنف حال استكمال الإجراءات المسطرية. وصدر قرار إحداث المحكمة الابتدائية بمدينة بيوكرى يوم فاتح غشت 2016، وانطلقت أشغال بناء مقرها أواخر دجنبر 2017، قبل أن تتوقف بشكل مفاجئ في سنة 2018. واعتبر الحسين أزوكاغ، في سؤال كتابي وجهه إلى وزير العدل، أن توقف أشغال بناء هذا المرفق القضائي "بدّد آمال مواطني إقليم اشتوكة آيت باها في الولوج إلى التقاضي كحق مضمون بموجب أحكام الدستور". وشدد النائب البرلماني المذكور على أن بناء المحكمة الابتدائية ببيوكرى سيضع حدا لمعاناة مواطنات ومواطني الإقليم كمتقاضين أو مرتفقين مع طول المسافة التي يضطرون إلى قطعها للوصول إلى أقرب محكمة ابتدائية إليهم، وهي محكمة إنزكان، وكذا طول الانتظار لقضاء مآربهم الإدارية والفصل في قضاياهم المعروضة أمامها. في هذا الإطار، قال الحسين المخلص، عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، إن مواطني إقليم اشتوكة آيت باها الذين لديهم قضايا أمام القضاء يتكبّدون صعوبات شديدة جرّاء بُعد المحكمة الابتدائية بإنزكان، خاصة القاطنين منهم في المناطق الجبلية، حيث إن منهم مَن يكلّفه الوصول إلى إنزكان خمس ساعات ذهابا ومثلها إيابا، مع ما يتبع ذلك من تكاليف مادية تثقل كاهلهم. وأضاف المستشار البرلماني ذاته، في تصريح لهسبريس، أن سكان إقليم اشتوكة آيت باها، الذي يضم اثنتين وعشرين جماعة، "متضررون كثيرا من غياب محكمة ابتدائية بالإقليم، ويكلّفهم الحصول على وثائق بسيطة مثل السجل العدلي الكثير، سواء من الناحية المادية أو من حيث الوقت"، لافتا إلى أن إتمام أشغال بناء مقر المحكمة الابتدائية ببيوكرى لن يخفف فقط العبء على المواطنين، بل سيخفف أيضا الضغط على قضاة المحكمة الابتدائية بإنزكان. وحسب المعطيات الصادرة عن وزارة العدل، والمضمّنة في الجواب الذي ردّت به على سؤال النائب البرلماني الحسين أزوكاغ، فإن الوزارة باشرت مسطرة فسخ الصفقة مع الشركة التي تولت بناء المحكمة الابتدائية ببيوكرى، "ليتسنى لها الإعلان عن صفقة جديدة في أقرب الآجال، واستكمال الأشغال المرتبطة بهذا المشروع". ووفق المصدر نفسه، فإن مشروع بناء المحكمة المذكورة عرف تعثرا أثناء إنجازه، إذ لم تتمكن الشركة من تجاوز مرحلة الأشغال الكبرى، إضافة إلى عدم احترامها لضوابط البناء، ولم تتمكن الشركة من استكمال الأشغال في أجل ال18 شهرا الذي حددته لها الوزارة، على الرغم من أن الطاقم التقني الذي أوفدته عقد اجتماعات دورية بمقر الورش، من أجل تأطير الشركة. ودفع عدم التزام الشركة الفائزة بصفقة بناء المحكمة الابتدائية ببيوكرى بالتزاماتها وزارة العدل إلى مباشرة مسطرة فسخ الصفقة مع الشركة، "بعد استنفاد كافة الوسائل الكفيلة لإنجاز الورش في آجال معقولة، من مراسلات إدارية، وأوامر الإعذار، دون جدوى"، مشيرة إلى أن نسبة تقدم المشروع لم تتعدّ 45 في المائة رغم انتهاء المدة المحددة لإنجاز الأشغال.