تهوي الأزمة المستمرة لجائحة كورونا بأرقام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية، التي ينتظر تنظيمها خلال نوفمبر المقبل. وينتظر أن يختار الحزب الديمقراطي خلال الشهر المقبل، نائب الرئيس السابق، جو بايدن، مرشحا رسميا للحزب في الانتخابات الرئاسية؛ وذلك بعد فوز بايدن في الانتخابات التمهيدية بأغلب الولايات، في حين لم يواجه ترامب أي منافسة تذكر في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. ويتحدث جون هالبن، المحلل السياسي والخبير في الحملات الانتخابية في المركز المستقل "Center For American Progress" المتواجد بالعاصمة واشنطن، في هذا الحوار مع هسبريس، عن رهانات الانتخابات المقبلة، وحظوظ المرشحين، بالإضافة إلى تدخل المال في تحديد خيارات الناخبين خلال هذه الاستحقاقات. ويقول الباحث الأمريكي إنه من المبكر الحكم على هذه الاستطلاعات قبل أشهر من تنظيم الانتخابات، لكنه يشير إلى أنه يتوجب على ترامب تغيير إستراتيجيته وكسب أصوات خارج قاعدته إذا كان يطمح إلى تحصين ولاية ثانية في البيت الأبيض. ويشير هالبن إلى أنه في حال استمرار بايدن في تعزيز تقدمه في استطلاعات الرأي، ومواصلة ترامب الفشل في إدارة لأزمات الحالية، "فمن الوارد بشكل كبير أن يكتسح الديمقراطيون الانتخابات المقبلة، من خلال المحافظة على الأغلبية في مجلس النواب واستعادتها في مجلس الشيوخ". وينتقد المتحدث ذاته مسألة الإنفاق غير المسبوق في الحملة الانتخابية الحالية، ويعتبر أن ذلك "يهدد الديمقراطية الأمريكية"، ويحول دون مشاركة مرشحين من الطبقة المتوسطة أو من ذوي الدخل المحدود في هذه الانتخابات. نص الحوار: ما هي قراءتك لاستطلاعات الرأي الأخيرة التي تمنح التقدم للمرشح المحتمل للحزب الديمقراطي جو بايدن على حساب الرئيس ترامب؟. أعتقد أن استطلاعات الرأي الحالية تعكس في الغالب تراجع الدعم الشعبي لتعامل الرئيس في جوانب متعددة مع جائحة كورونا. ومن الوارد أن يعود عدد من هؤلاء الناخبين الذين يميلون حاليا لبايدن للتصويت لترامب بحلول نوفمبر. ستكون المعركة الحاسمة في عدد محدود من الولايات مثل فلوريدا وكارولينا الشمالية وبنسلفانيا وميشيغان، بالإضافة إلى ويسكونسن وأريزونا. مع ذلك، فلن يصطف جميع الناخبين إلى جانب ترامب، فنائب الرئيس السابق يعتمد خطة ذكية في بناء ائتلاف واسع، لكن يبقى أن لترامب متسع من الوقت لتغيير هذه المعطيات، ونهج إستراتيجية جديدة للتعامل مع الأزمة الحالية. هذه الاستطلاعات أضحت تعطي الأفضلية لبايدن في ولايات كانت في الغالب تصوت على الحزب الجمهوري، كما هو الحال بالنسبة لجورجيا وكارولينا الشمالية، إلى درجة احتدام المنافسة في ولاية محافظة تكساس. بايدن خصم ذو شعبية، وسيكون من الصعب هزيمته، وقد أدار حتى الآن حملته بشكل جيد، من خلال التركيز على إعادة بناء البلاد بعد الفشل المتكرر لترامب في توفير الرعاية الصحية وتقوية الاقتصاد والمحافظة على الوحدة الاجتماعية. على العكس من ذلك، لم يقم الرئيس بالشيء الكثير لطمأنة الناخبين، كما لم يعمل على جذب ناخبين جدد من خارج قاعدته التي صوتت عليه خلال الانتخابات السابقة. لن أعلق الكثير من الأمل على ولاية مثل ولاية تكساس التي تتقلب باستمرار، لكني سأتابع باهتمام كبير ما سيحدث في ولايات أخرى كأريزونا وربما جورجيا. المنافسة في الانتخابات المقبلة تشمل أيضا انتخابات الكونغرس، هل تعتقد أنه بإمكان الديمقراطيين المحافظة على الأغلبية في مجلس النواب وكسب مقاعد إضافية في مجلس الشيوخ؟. إذا استمر بايدن في تعزيز تقدمه في استطلاعات الرأي، واستمر ترامب في الفشل في إدارته للأزمات الحالية، فمن الوارد بشكل كبير أن يكتسح الديمقراطيون الانتخابات المقبلة، من خلال المحافظة على الأغلبية في مجلس النواب واستعادة هذه الأغلبية في مجلس الشيوخ. لكن يجب التأكيد أنه لا شيء مضمون في المرحلة الحالية، بالنظر إلى أن السباق الانتخابي مازال طويلا، وستشتد المنافسة على امتداد فصل الخريف. وصل الإنفاق على الحملات الانتخابية في الولاياتالمتحدة إلى مستويات قياسية، سواء تعلق الأمر بانتخابات الكونغرس أو سباق البيت الأبيض، برأيك ما هي الأسباب وراء هذا الارتفاع؟. يعود أساسا إلى قرار المحكمة العليا الأمريكية عدم فرض أي قيود لتدخل المال في السياسة، وبالتالي أصبح بإمكان المرشحين والأحزاب والكيانات الخارجية جمع وإنفاق مبالغ مالية ضخمة، وصرفها في مختلف أشكال الحملات، من التنظيم والإعلانات الرقمية والإشهار في وسائل الإعلام التقليدية. لكن ألا تعتقد أن هذا الإنفاق غير المحدود في الانتخابات يهدد الديمقراطية الأمريكية؟. بكل تأكيد، أعتقد أنه يشوه الخطاب السياسي من خلال حجب مطالب ومصالح معظم الناخبين غير الأغنياء. ومن غير المعقول أن يتم صرف هذا الحجم من الأموال في السياسة، لأن ذلك يمنع الأمريكيين من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض من الترشح في هذه الانتخابات. هل تؤيد وضع سقف لما يمكن أن يصرفه المرشحون في الانتخابات؟. أدعم مسألة تقليص فترات الحملات الانتخابية مع زيادة التمويل العام، وتخصيص بث مجاني للمناظرات، ووضع حد لتمويل الشركات للسياسيين.. يجب أن تكون للأفراد حرية الاختيار، وفي الوقت نفسه منع الأغنياء من إنفاق مبالغ مالية كبيرة في الانتخابات؛ ولذلك يجب ألا تكون هذه الشركات قادرة على التأثير بشكل جماعي على الانتخابات واستخدام قوة الضغط لتشويه عملية صنع السياسات العامة. هناك تقارير أيضا تشير إلى تدخل أموال أجنبية في الانتخابات الأمريكية من خلال تحويل هذه الأموال على "سوبر باكس".. لا يمكن للمواطنين الأجانب أو الحكومات تمويل أي مرشح، ولا يمكن للحملات أن تطلب هذه الأموال؛ ومع ذلك فإن الفاعلين الأجانب الذين يطمحون إلى عرقلة الانتخابات الأمريكية ينفقون الأموال على جهود التضليل والهجوم على انتخاباتنا، ما يشكل تهديدا خطيرا لنزاهة الانتخابية والديمقراطية الأمريكية. مع استمرار انتشار فيروس كورونا، يتوقع أن يصوت الكثير من الأمريكيين عبر البريد خلال الانتخابات المقبلة، لكن الرئيس الأمريكي شكك في نزاهة هذه العملية؛ هل يمكن اعتبار ذلك مقدمة لنيته عدم الاعتراف بالانتخابات في حال خسارته؟. من الصعب إن لم أقل إنه من المستحيل معرفة ما يجول في عقل ترامب، من يدري إذا كان سيقبل نتائج الانتخابات. أتمنى أن تكون نتائج هذه الانتخابات واضحة وضوح الشمس، وألا يتم التنازع بشأن نتائجها، لأن ذلك سيشكل منزلقا خطيرا في كلتا الحالتين، سواء تعلق الأمر بالطرف الديمقراطي أو الجمهوري.