سقط الرّئيس الجزائري عبد المجيد تبون في تناقضاتٍ كثيرة وهو يفسّر وجهة نظر بلاده بشأن الصّراع الدّائر في لبيبا؛ فقد عبّر عن رفضهِ دعمَ القبائل "المتناحرة" في ليبيا ومدّها بالسّلاح، بينما لا يتوانى نظامهُ في تقديم الدّعم المادي والعسكري لمليشيات "البوليساريو" وإغراقها بالسّلاح. وبرّر الرّئيس الجزائري خطوته بوقف تمويل الجماعات القبلية في ليبيا بمحاربة العنف والتّسيب الذي قد تدخله المنطقة جرّاء مساعدة هذه الجماعات المسلّحة على التّمدد في باقي مناطق ليبيا؛ بينما لا يتوانى "نظام" تبّون في دعمِ جبهة "البوليساريو"، التي تمثّل حسبِ تقارير أمنية دولية تهديداً حقيقياً للأمن في منطقة السّاحل الإفريقي. ويحاولُ الرّئيس الجزائري أن يضفي نوعا من "الشّرعية" على نظامه عبر البوّابة الليبية، حيث طبعت الجارة الشّرقية للمملكة على عودة تدريجية لمعقل التّوترات الإقليمية، خاصة في الملف اللّيبي؛ غير أنّ خبراء أكّدوا أن "هذه الخطوات تبقى "عقيمة" في ظلّ اختلال التّوازن ما بين ما هو داخلي، وتصريفهِ على حساب أجندات الخارج". وكان الرّئيس الجزائري عبد المجيد تبون أكّد تسمك بلاده بالحل السياسي للأزمة الليبية، محذرا من تسليح القبائل في ذلك البلد، وإقحامها في الصراع"، مضيفا "محاولة تسليح القبائل أمر خطير سيحول ليبيا إلى "صومال جديدة" ووضع شبيه "بالنموذج السوري". وفي هذا الصّدد، أكّد المحلل السّياسي كريم عايش أنّ "التناقض الجزائري في ملفات ليبيا برز أوّلاً عندما عارض اتفاق الصخيرات وأضعف محتواه؛ لا لسبب إلا لأنه موقّع بالمغرب وتحت رعاية الأممالمتحدة، لتنتقل على لسان رئيسها تبون للدفاع عن مؤتمر برلين الهجين والذي جاء كالوصاية على بعض دول شمال إفريقيا وأعاد إلى الأذهان مؤتمر برلين لسنة 1884 ودوره في تقسيم العالم إلى مستعمرات أوروبية. هذا التّناقض في المصالح ينضاف إليه، وفق ما يؤكّده الباحث في العلاقات الدّولية، خطاب الرئيس الجزائري والذي عرف بدبلوماسيته المتخبّطة؛ فتارة يعلن عدم تدخل الجزائر في قضية الصحراء، بالرغم من تسليح الجزائر لميليشيا "البوليساريو"، ثم يندد بالخطوة المصرية الرامية إلى تسليح القبائل للدفاع عن أراضيها ومناطق نفوذها. وأضاف أنّ الرئيس الجزائري ينادي بتوحيد ليبيا وضرورة أن يكون الحل أمميا دون ذكر لمنظمة الاتحاد الإفريقي ولا مفوضيته السامية ولا أي جهاز من أجهزتهما؛ وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول "أسس دبلوماسية الرئاسة الجزائرية وانفصام رؤيتها للقضايا والمشاكل الإقليمية". واعتبر المحلّل ذاته أنّ "الدبلوماسية الجزائرية ومعها قصر المرادية صارا أكثر من أي وقت مضى يعانون من العقدة المغربية وأكثر عداءً لما يحققه المغرب من تقدم ونجاحات؛ وهو ما يجب أخذه على محمل الجد لدى دبلوماسيتنا المغربية وتقوية رصيدها وممارستها".