في الوقت الذي ينخرط المغرب في الجهود الأممية لحماية البيئة، واحتضن مؤتمرَ الأممالمتحدة حول المناخ، يعيش سكان جماعة ترميكت، ضواحي مدينة ورزازات، وسط "جحيم حقيقي"، وفق توصيف السكان، بسبب تحالُف دخان مطرح للنفايات تم إنشاؤه على مقرُبة من بيوتهم، مع حرارة فصل الصيف، التي لا تنزل عادة عن أربعين درجة مئوية. ويعاني سكان الجماعة المذكورة، وعددهم يزيد على 45 ألف نسمة، الأمرّين منذ سنوات، بسبب مطرح النفايات الذي تُرمى فيه نفايات مدينة ورزازات، والذي لا يبعد عن بعض أحياء السكان المتضررين سوى بكيلومترين؛ ما يجعلهم عُرضة لشتى أنواع التلوث والدخان الناجم عن حرق الأزبال. وخلال فصل الصيف تتضاعف معاناة السكان المشتكين، إذ يجدون أنفسهم بين مطرقة الحرارة المفرطة وسندان دخان المطرح الذي يَحرمهم حتى من إمكانية فتح نوافذهم التماسا لنسمات هواء تخفف من حدة الصهد الذي يحوّل بيوتهم إلى شبه أفران. يوضّح عبد الهادي، فاعل جمعوي، المعاناة التي يكابدها سكان جماعة ترميكت، قائلا: "مطرح الأزبال مجاور لبيوتنا، ولا يمكن أن أصف لك حجم معاناتنا، خاصة في هذه الأيام حيث ترتفع درجة الحرارة إلى مستويات قياسية، ولا نستطيع حتى النوم في أسطح منازلنا بسبب الدخان المنبعث من المطرح". وأكد عبد الهادي، في تصريح لهسبريس، أن مطرح الواقع بتراب جماعة "ترميكت" افتُتح بشكل رسمي قبل حوالي أربع سنوات، وكان سكان الجماعة يعتقدون أنّ معالجة الأزبال فيه ستتم وفق معايير محترِمة للبيئة ولصحة السكان؛ لكنهم فوجؤوا بخلاف ذلك، إذ يتم التخلص منها بشكل عشوائي، عن طريق حرقها". ويستغرب السكان المتضررون لاستمرار حرق الأزبال في المطرح المجاور لبيوتهم، عوض إعادة تدويرها، علما أن مدينة ورزازات، أو "هوليود المغرب" كما تُسمى، نظرا للأعمال السينمائية العالمية الضخمة التي تُصوّر في أستوديوهاتها، يُفترض فيها أن تتوفر على مطرح للنفايات يستجيب لمعايير احترام البيئة، باعتبارها من الوجهات السياحية المشهورة. من جهته قال سعيد، فاعل جمعوي، إن سكان جماعة ترميكت كانوا يعتقدون أن المجلس الجماعي لمدينة ورزازات سيتخلص من الأزبال بطريقة تحترم البيئة؛ لكنهم فوجؤوا بحرقها"، مضيفا: "المغرب يقدم صورة نموذجية في احترام البيئة، ولكن على أرض الواقع عندنا يتم تدميرها وتدمير صحة المواطنين". واستطرد المتحدث، في اتصال بهسبريس، قائلا: "هناك مواطنون يسكنون في أحياء قريبة جدا من المطرح، وبالقرب منهم توجد أيضا ثلاثة مقالع لاستخراج الأحجار، ولك أن تتصوّر مقدار التلوث الذي يعيشون وسطه بسبب دخان المطرح وغبار المقالع". ويتخوّف السكان المتضررون من أن يتسبب مطرح النفايات المجاور لبيوتهم في إصابتهم بأمراض مزمنة، تنضاف إلى الأمراض التنفسية التي يسبب لهم فيها الآن، بسبب معالجة ما يُلقى فيه بطريقة عشوائية. في هذا الإطار، قال عبد الهادي: "نحن نعيش في منطقة تعاني من شحّ المياه، ووجود المطرح بالقرب من بيوتنا يشكّل خطرا حقيقيا على الفرشاة المائية"، مضيفا: "مطلبنا الرئيسي هو إبعاد هذا المطرح. وإذا كان هذا مستحيلا، يجب تدوير الأزبال عوض معالجتها".