أصدر مركز "دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية" ومركز "جنيف لحوكمة قطاع الأمن" تقريرا حول تدبير المغرب لحالة الطوارئ الصحية من زاوية مقاربة حقوق الإنسان والحكامة الأمنية. واعتبر التقرير المذكور أنه طالما أن جائحة كورونا شكلت خطرا غير مسبوق هدد الصحة البدنية والنفسية، وفرض على السلطات داخل كل بلد اتخاذ إجراءات استثنائية صارمة ومتعددة لمواجهته، فإن "القانون الدولي لحقوق الإنسان قد خول للدول اتخاذ تدابير استثنائية في مثل هذه الحالات، لكنه أطرها بمجموعة من المقتضيات التي تحدد شروط ممارساتها وحدود هذه الإجراءات". ولفت التقرير إلى كون المساطر المتبعة راعت "المقتضيات الدستورية المطلوبة على العموم، بما فيها إشراك المؤسسة التشريعية التي رافقت هذه الدينامية على مستوى الشكل، ولو أن حضورها من زاوية التقييم والمساءلة بقي ضعيفا من زاوية الأداء المنتظر منها". وأورد المصدر نفسه أن البعد الأمني "عكس مقاربة جديدة للمؤسسات الأمنية، وقدم وجها غير معلوم، ما عدا بعض الحالات"، مشيرا إلى أن المؤسسات المعنية انخرطت في الميدان بأشكال متعددة جمعت البعد الأمني الصرف بالبعد التواصلي والتحسيسي، إلى جانب الاجتماعي، كوسطاء في عدد من الحالات الاجتماعية. وكتأطير قانوني لحالة الطوارئ الصحية، تحدث التقرير على غياب نص قانوني صريح ينظم هذه الحالة على الرغم من الحاجة إليه، حيث يتحدث الدستور المغربي عن حالتي إعلان حالة الحصار وحالة الاستثناء، ولا علاقة لحالة الطوارئ الصحية بهما. كما اعتبرت الوثيقة أن الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف السلطات بقرارات إدارية مع إعلان حالة الطوارئ الصحية، من قبيل الغرامات وتقييد حرية الحركة والجولان وربطها بإجراءات زجرية، وتقييد حرية المقاولات، "لا سند قانوني لها". وعاد التقرير للتأكيد على كون هذه الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها من طرف السلطات يتضح أنها "لن تمس الحريات والحقوق المنصوص عليها دستوريا إلا في حدود الضروريات التي يقتضيها نجاح هذه التدابير". وبخصوص القانون المتعلق بتمديد مدة سريان مفعول إعلان حالة الطوارئ الصحية، أكد المشرفون على التقرير كون الهندسة القانونية لحالة الطوارئ الصحية "لم تكن في مستوى الإجراءات الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي تميزت بجرأة ونفس خلاق". وبحسب المصدر نفسه، يبقى التدبير القانوني هو الحلقة الأضعف في مسلسل الإجراءات والقرارات التي تم اتخاذها لتجاوز تداعيات هذه الفترة الحرجة. ولفتت مركز "دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية" ومركز "جنيف لحوكمة قطاع الأمن" إلى أنه على الرغم من التنويه بالتواصل الإيجابي لرجال السلطة مع المواطنين خلال هذه الفترة، إلا أن بعض التجاوزات المسجلة في تدبير حالة الطوارئ الصحية "لا يجوز أن تبقى خارج المساءلة وترتيب الجزاء المناسب وفق قواعد الحكامة العادلة، لأن رجل السلطة أو القوات العمومية هي مهمة وخيار غير خافية صعوبته وتحدياته". وشدد التقرير على أن قوانين الطوارئ يجب أن يعلن عنها بواسطة قانون واضح ومتاح للعموم وغير متضمن لإجراءات تمييزية أو قيود تتجاوز ما تتطلب الوضعية الاستثنائية، مضيفا ضرورة أن تكون الإجراءات المتخذة متناسبة ومتلائمة مع الأوضاع التي فرضتها، "ولا يمكن اللجوء إلى تقييد الحرية أو الحق إلا عند عدم وجود إجراءات بديلة لتحقيق الهدف من فرض حالة الطوارئ". وأشار المصدر نفسه إلى كون المغرب اعتمد مقاربة شاملة مكنت التجربة من تحقيق الأهداف الأساسية المتوخاة، المتمثلة في حماية صحة وأمن المواطن والمجتمع، مؤكدا أن الاختلالات التي واكبت العملية "لم تكن لتنال من التوجه العام الذي استطاع كسب انخراط عموم المواطنين، وتعبئة إمكانيات الدولة، وتضامن مختلف الفاعلين والفئات".