أنجبت كرة القدم المغربية، وما زالت، لاعبين موهوبين استطاعوا لسنوات عديدة أن يثبتوا جدارتهم ومهارتهم في مداعبة الكرة المستديرة، والتوقيع على أداء جيد في كبريات دوريات كرة القدم العالمية. في مصر، وتحديدا بالدوري الممتاز، كان لافتا أن يسطع نجم عدد كبير من اللاعبين المغاربة المميزين الذين مارسوا لمواسم عديدة أو مازالوا يمارسون في أندية مصرية عتيدة، وهو ما ساعد على تنامي شعبيتهم لدى جماهير أرض الكنانة التي صارت تحفظ أسماءهم عن ظهر قلب وتشيد بأدائهم المبهر حتى في "مجاميع" المقاهي ودردشات الحارات. محمد سيف، ناقد رياضي مصري، أكد أن الدوري المصري الممتاز شهد في السنين الأخيرة حضورا موفقا للاعبين المحترفين المغاربة الذين مارسوا ويمارسون في كبريات الأندية المصرية. وأضاف سيف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن ذلك يعزى أساسا إلى مهاراتهم وأدائهم الباهر، بحكم أنهم يعتبرون "نجوم صف أول"، و"هذا في تقديري ساعدهم على إضفاء لمستهم المهارية في مباريات حاسمة إن تعلق الأمر بالدوري الممتاز أو في المسابقات القارية". الراحل عبد القادر البرازي، حارس الجيش الملكي والمنتخب المغربي سابقا، كان من أوائل المحترفين المغاربة الذين تألقوا في الدوري المصري الممتاز. التحق البرازي بنادي الإسماعيلي عام 1998 وسطع نجمه في الفريق بشكل كبير، مما ساعد "الدراويش" خلال تلك الفترة على التتويج بلقب كأس مصر. يقول محمد سيف إن البرازي سجل حضورا بارزا وتألق بشكل كبير في حراسة عرين الإسماعيلي على مدار ثلاثة مواسم، وتميز بالرشاقة الكبيرة التي منحته الدفاع عن مرمى النادي بامتياز، خصوصا في مباريات حاسمة ضد فرق الزمالك والأهلي والمقاولون العرب. وأضاف أن الحارس المغربي كسب شعبية كبيرة في مدينة الإسماعيلية نظير تفوقه في الدفاع عن مرمى فريق المدينة، قبل أن يرحل عن النادي بعد إلغاء بند وجود الحراس الأجانب في الدوري المصري. وتكمن مميزات هذا الحارس الممتاز في أنه كان يملك حظوظا وافرة في صد ضربات الجزاء لما كان يملكه من أساليب تشوش على اللاعب الخصم، ومهارة في القفز العالي، وسرعة التمركز والارتماء التي أنقذت عرين أسود الأطلس مرات عدة. قائمة اللاعبين المغاربة الذين تألقوا في الدوري المصري تضم أيضا لاعب الرجاء سابقا عمر نجدي، الذي التحق بنادي "مصر المقاصة" سنة 2011، وبعده فريق "بتروجيت"، قبل أن ينتقل إلى أندية أخرى خارج مصر. ولعب نجدي 101 مباراة في الدوري المصري، أحرز خلالها 15 هدفا وصنع 14 هدفا آخر. كما سجل واحدا من أشهر أهدافه في شباك الزمالك موسم 2011، وهو الهدف الذي كان سببا في تقدم الأهلي وخطفه لدرع البطولة في ذلك الموسم. وإلى جانب نجدي، هناك وليد أزارو، مهاجم الأهلي حاليا المعار للاتفاق السعودي، الذي حظي بإشادة كبيرة من قبل خبراء اللعبة في مستهل مشواره مع "القلعة الحمراء"، حيث استطاع صاحب السرعة الفائقة تحطيم عدة أرقام قياسية ووضع اسمه ضمن سجل هدافي الدوري المصري، فضلا عن تسجيله في كافة المسابقات خلال الموسم ما قبل الماضي". وحفر أزارو اسمه بحروف من ذهب في سجلات الكرة المصرية بتسجيله 18 هدفا في موسم 2017-2018، وأصبح من خلال ذلك أكثر لاعب محترف يسجل فى موسم واحد متفوقا على الغاني أوتاكا. ورغم الانتقادات التي وجهت إليه في الموسم الأخير، بسبب تراجع مستواه، وخلافه مع مدرب الفريق، إلا أن أزارو يعتبر أحد أبرز اللاعبين الدوليين الذين مارسوا في صفوف "النادي الأحمر" في السنوات الأخيرة. تألقُ أزارو مع الأهلي دفع غريمه الزمالك إلى ضم مواطنه حميد أحداد من الدفاع الحسني الجديدي قبل انطلاق الموسم ما قبل الماضي، غير أن أحداد لم يحصل على فرصته للمشاركة كلاعب أساسي في "القلعة البيضاء"، حيث لعب 13 مباراة في الدوري فقط. لكن أحداد كان له دور أساسي في تتويج الزمالك بكأس الكونفدرالية في الموسم الماضي بعد تسجيله لهدف قاتل في شباك بترو أتلتيكو الأنغولي في عقر داره، أعاد الفريق "الأبيض" من جديد إلى الصورة وأحيا آماله في المنافسة. نجم آخر هو اللاعب الدولي خالد بوطيب، الذي انضم إلى الزمالك قادما من "مالاتيا سبور التركي"، وهو واحد ممن أثار انتقالهم إلى صفوف الأبيض في يناير عام 2019 ضجة كبيرة لما كان يقدمه من مستويات فنية مميزة ضمن "أسود الأطلس". غير أن كثرة الإصابات عرقلت مسيرة بوطيب مع الزمالك، وشاءت الظروف أن يقوم اللاعب بفسخ تعاقده من طرف واحد مع النادي. ورغم عدم خوضه مباريات كثيرة بقميص الزمالك، إلا أن بوطيب كان صاحب أهم أهداف "القلعة البيضاء" خلال مشوار الفريق نحو التتويج بكأس الكونفدرالية الإفريقية في النسخة الماضية. بعد ذلك، سيضم الزمالك في أشهر صفقة للنادي، لمدة ثلاثة مواسم، نجم الوداد البيضاوي سابقا، اللاعب المتميز أشرف بنشرقي، الذي نجح في التأقلم مع مجريات البطولة المصرية في وقت قياسي، وبات في وقت قصير نجم "الزملكاوية" المفضل بعدما ساعد النادي على التتويج بكأس "السوبر" الإفريقي وكأس مصر، وتسجيله لأهداف حاسمة إن في مباريات الدوري المحلي أو في دوري أبطال إفريقيا، مكنت الفريق من التأهل إلى نصف نهائي المسابقة. قائمة اللاعبين المغاربة في صفوف الدوري المصري تضم أيضا محمد أوناجم، نجم الوداد البيضاوي السابق، الذي يمارس في الزمالك أيضا، بعد تعاقده السنة الماضية مع الفريق لمدة ثلاثة مواسم. وبحسب النقاد الرياضيين المصريين، فإن أوناجم الذي ساهم أيضا في تتويج "الفريق الأبيض" بكأس السوبر الإفريقي، بعد تسجيله لهدف رائع في شباك حارس الترجي التونسي "بن شريفية"، قادر على أن يشكل ثنائيا متميزا إلى جانب مواطنه بن شرقي للتوقيع على مستويات جيدة تعبد لهما الطريق للتألق في بطولة أرض الكنانة. وعموما فإن، المحترفين المغاربة، في رأي الناقد الرياضي المصري محمد الراعي، نجحوا في السنوات الأخيرة في إثبات مهاراتهم في الدوري المصري والحفاظ على أدائهم النوعي، خصوصا في المباريات الحاسمة من قبيل لقاءات الكأس والمسابقات الإفريقية. وأضاف الراعي في تصريح مماثل أن اللاعبين المغاربة "يتميزون بروح الإصرار والمثابرة والتحدي لتحقيق النجاح، وهو ما يساعدهم على توقيع حظور بارز في مختلف الدوريات الأجنبية"، مشددا على أن بطولة الدوري المغربي باتت في السنين الأخيرة من بين أفضل البطولات الإفريقية نظير قوتها وتميزها بالتنافس الرياضي الحاد، وهو ما تجسد بإلحاح خلال الموسم الحالي في تأهل أربعة أندية مغربية إلى الأدوار النهائية لمسابقتي دوري الأبطال وكأس الكونفدرالية. ومعلوم أن قائمة المحترفين المغاربة ضمت خلال المواسم الكروية الماضية في الدوري المصري لاعبين موهوبين آخرين، لكن لم يوفقوا إلى حد بعيد في التوقيع على حضور بارز بسبب إما عدم تأقلمهم مع أجواء التباري أو لم تتح لهم فرص المشاركة واللعب في مباريات عديدة. هؤلاء اللاعبين، وفقا للناقد محمد سيف، يمكن إدراجهم ضمن قائمة "نجوم الصف الثاني" أمثال سعيد ميلودي وتوفيق أدموجي ثنائي فريق "الكروم" ومن بعده فريق "بلدية المحلة"، وعبد السلام بن جلون، مهاجم فريق "الإسماعيلي"، وصلاح البليون، لاعب فريق "إسمنت السويس"، إلى جانب نبيل الداودي، الذي لعب ل"الأسيوطي سبورت" (بيراميدز حاليا)، وتوفيق أجمهوي، الذي مارس في صفوف "بتروجيت" و"نادي الكروم".