آخذت فاطمة الزهراء الرغيوي، قاصة ومنسقة عامة لجمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص، على الحركة النسائية المغربية بشكل عام، وعلى جمعية "السيدة الحرة" بشكل خاص، "عدم القدرة على استقطاب الشباب لهذا النضال"، مردفة: "هذا خطأ وعجز كبير تعاني منه الحركة النسائية بشكل عام، وأنا دائما أطرح هذا السؤال: لماذا ليست لدينا القدرة على خلق الجاذبية لهذا النضال؟". وأكدت المتحدثة أن الحركات النسائية، عبر العالم، انفتحت على مطالب الأقليات كالسحاقيات والمثليين، لكن الحركة المغربية مازالت تتحدث بنوع من التحفظ والكثير من الخجل والصمت عن هذه المواضيع، مضيفة: "في المغرب مجموعة من الأشخاص ممن يحتاجون دعمنا ونضالنا لنسمع أصواتهم وأصواتهن. وفي هذا الجانب أعتقد أنه يجب أن نذهب صوب الإنسان في كل اختلافاته، ومهما تكن ميوله أو اختياراته أو لونه...لأن الإنسانية توحدنا بشكل كوني". حديث الرغيوي جاء خلال استضافتها رفقة الأستاذة حميدة جامع، في إطار حلقات أكورا للثقافة والفكر، التي دأبت جمعية أكورا للثقافة والفنون على تنظيمها منذ بداية الحجر الصحي. وكان موضوع اللقاء: "نساء في الحجر: بوح من هنا وهناك"، وأدارته الأستاذة سعاد الشنتوف. وعن سؤال كيف عاشت الحجر كامرأة، أجابت المتحدثة: "عندما يوجه لي السؤال كيف عشت حدثا أو تجربة بصفتي امرأة أجيب بأنني لم أجرب حياة أخرى غير هذه، وبالتالي فقد عشت الحجر كإنسان، تشاركت، وباقي الناس، عبر العالم هذا الحجر الذي كان غريبا وغير متوقع.. ففي البداية كنا نسمع عن الوباء نهاية يناير وبداية فبراير، وكنا نضحك كما لو كان الأمر دعابة، ونعتبر أنه أمر بعيد...كما كنا نتعامل ببعض الأنانية، أنانية البعيدين، على اعتبار أن الوباء في آسيا...وكانت هناك بعض العنصرية التي اكتشفناها بداخلنا؛ فنحن، في النهاية، ننتمي إلى ثقافة تجعل الآخر مختلفا، وبعيدا، وهذا أمر مؤسف فعلا". وتضيف الفاعلة المدنية: "أنا لست شخصا يصعب عليه أن يظل حبيس الجدران، وحدث في فترات كثيرة من حياتي أن بقيت، بشكل اختياري، لأسابيع وأكثر حبيسة الجدران.. كنت أنزوي لأقرأ وأكتب، دون أن أشعر بحاجة إلى الخروج خارج أسوار البيت، وكان دائما هناك أفراد الأسرة يؤنسون هذه العزلة الاختيارية التي كنت ألجأ إليها"، واسترسلت: "لكن الأمر اختلف هذه المرة، إذ وجدتني بعيدة عمن أحبهم من أفراد الأسرة والأصدقاء والصديقات.. إلا أن الغريب في هذا الحجر أنني كنت أرى وأسمع كل صديقاتي وأصدقائي وأفراد الأسرة في أماكن مختلفة يعيشون الأمر نفسه، وغالبا حين كنت أُسأل كيف تعيشين الحجر؟ وهل هو ثقيل عليك؟ كنت أجيب لحسن الحظ أنني لست في غرفة غير مرغوب فيها، لأن الأسوأ هو أن تعيش العزلة في مكان مغلق مع شخص أو أشخاص تشعر بثقل حضورهم". وعن عملها كمنسقة وطنية لجمعية السيدة الحرة، أوضحت الرغيوي أنها انتقلت إلى مدينة ليون الفرنسية، وأوضحت للمنتسبين إلى التنظيم أنه ليس بإمكانها أن تكون منخرطة بفعالية في الجمعية، لأسباب عديدة منها البعد عن العمل المباشر، ولالتزامات أخرى، "لكن ونظرا لأن الجمعية تقوم على التنسيق الجماعي فإنها قامت بمجهودات جبارة وأطلقت العديد من المبادرات؛ منها إعدادها مذكرة ترافعية حول إشكالات النساء في الحجر، لأن الفئات الهشة وعلى رأسها النساء هن من يدفعن الثمن أكثر إبان الأزمات". وبخصوص الكتابة في الحجر وعنه، أوضحت القاصة أنها كتبت 57 يومية قصيرة جدا مقارنة مع ما كتبه آخرون، وأن كتابتها هذه اليوميات جاءت كتحد لإحدى صديقاتها التي دعتها إلى الكتابة عن الحجر "الذي هو حدث تاريخي استثنائي سيذكره التاريخ لذلك يجب أن تكتب وتؤرخ له". وأوضحت القاصة: "حاولت أن تكون يومياتي مرآة لذاتي، في هذا المكان الذي أعيش فيه، والذي أسميته "مستطيل العزلة"...واعتبرت أنه من الجيد جدا أن أغوص داخل ذاتي في الأسئلة المقلقة التي تشكلني كفاطمة الزهراء الرغيوي...لذلك أوليت اهتماما خاصا للتفاصيل الصغيرة، والأشياء الحميمة، وهي ليست كثيرة لكنها مهمة...كما حاولتُ أن أكون أكثر شفافية لكن، في الوقت نفسه، دون أن أجرؤ على التعري أمام الآخرين". وهنا، أشارت القاصة إلى تتبعها كتابات متعددة عن الحجر، وبصيغ كتابة مختلفة، منها يوميات صديقتها حميدة جامع، التي داومت على الكتابة، و"من خلالها تعرفنا على مدينة شفشاون وثقافتها وأبعادها المتعددة"، مردفة: "كما تتبعت ما كان يكتبه القاص أنيس الرافعي، الذي سمى كتابته "أرخبيل الفزع"، وهي كتابة جميلة، تحاور الحجر من جوانب غريبة وغرائبية عبرت عنها نصوص وأعمال فنية متعددة قابلت بين الحجر والفزع..."؛ كما استحضرت تجربة صديقتها الفلسطينية أحلام شرابي. وبخصوص كاتبات القصة المغربيات أوضحت الرغيوي: "أنا لا أميز بين الكتابة النسائية والذكورية؛ فالكتابة تبقى كتابة دون تمييز جنس الكاتب، وأعتبر أن هناك كاتبات متفردات في هذا المجال، وأننا عندما نقرأ بعض النصوص نود لو كانت من بنات أفكارنا... وهنا أؤكد اعتزازي بمجموعة من التجارب، كلطيفة باقا ولطيفة البصير وسلوى ياسين".