بعد نحو ثلاثة أشهر من اعتماد إجراءات احترازية للوقاية من فيروس "كورونا" من طرف السلطات الإماراتية على غرار باقي بلدان العالم نتج عنها تعليق مجموعة من الفعاليات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها بشكل تدريجي إلى المرافق والمراكز التجارية "المولات" والمنشآت السياحية والثقافية في مختلف مناطق الإمارات. وشكل إعلان الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث عن اكتمال وانتهاء برنامج التعقيم الوطني في مختلف أرجاء البلاد، اعتبارا من يوم 24 يونيو الجاري، محطة مهمة لرفع أو تخفيف عدد من القيود التي كانت مفروضة من قبل حيث تم السماح بحرية الخروج والعودة لكافة أفراد المجتمع طوال اليوم بدون تقييد. كما جرى في السياق نفسه رفع نسبة الدخول إلى المراكز التجارية والمطاعم بنسبة 60 في المائة، بعد ما كانت 30 في المائة فقط وكذا الترخيص للأطفال والأشخاص الذين لا تزيد أعمارهم على 70 عاما بولوج هذه المرافق، مع مراعاة كافة الاشتراطات والإجراءات الاحترازية والوقائية. وبمجرد إعلان السلطات الإماراتية عن هذه الإجراءات، بدأت الحياة تدب من جديد في أوصال "المولات " لكونها تمثل الملاذ المفضل لفئة الأطفال والشباب، بالنظر إلى توفرها على مرافق للترفيه كالألعاب ودور السينما ومحلات بيع الأجهزة الإلكترونية والملابس الجاهزة، علاوة على المطاعم والمقاهي التي تلقى إقبالا كبيرا من لدن هذه الفئة العمرية. وبخصوص المنشآت السياحية التي شرعت منذ بداية الشهر الجاري في استقبال زبنائها، لا سيما المواطنين الإماراتيين والمقيمين؛ فقد شكلت العودة التدريجية لمختلف الأنشطة الاقتصادية مناسبة لاستئناف عملها وتقديم عروض تواكب المرحلة مع مراعاة الشروط التي حددتها السلطات الصحية، من أجل ضمان سلامة الزبناء والعاملين على حد سواء. وفي هذا الصدد، قال هلال سعيد المري، المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري لدبي، في تصريح صحافي، إن الشركاء في القطاع يتطلعون إلى مرحلة العودة التدريجية للحياة الطبيعية بأمل، مع مواصلة الجهود للمحافظة على المكتسبات التي ساهمت في تعزيز مكانة دبي كوجهة مفضلة للمسافرين في العالم. وأضاف المري أن الدائرة تسعى إلى إعادة افتتاح أنشطة قطاع السياحة وفق منهج تدريجي، حيث سيتم التركيز على العناصر الرئيسية التي ضمنت نجاح هذا القطاع واستمراريته على مدار العقد الماضي، وذلك في إطار التعاون والتنسيق مع الشركاء في القطاع لاعتماد رؤية موحدة للعودة التدريجية في ضوء ما يشهده العالم من جهود لاحتواء انتشار فيروس كورونا. وبدأت آثار العودة التدريجية للنشاط السياحي والاقتصادي في دبيوالإمارات بالظهور على النشاط الفندقي، بحسب فاعلين في القطاع، حيث تمت ملاحظة زيادة في الطلب على الغرف الفندقية، مع اقتصار هذه الزيادة على السوق المحلي في ظل توقف حركة السفر مع غلق الأجواء، كما ساهم فتح المسابح الفندقية في تعزيز نشاط الفنادق واستقطاب المزيد من النزلاء. وفي هذا السياق، وبعد توقف لمدة شهرين، عادت نافورة دبي، التي تقع في محيط بحيرة "برج خليفة" والتي تعد أطول نافورة راقصة في العالم، منذ مطلع الشهر الجاري، إلى إبهار الزوار مجددا، معلنة العودة التدريجية للسياحة الداخلية. وتقدم النافورة، التي تعد معلما سياحيا بارزا على مستوى الإمارات والتي تستقبل آلاف الزوار على مدار العام، عروضا ساحرة على وقع أنغام مجموعة متنوعة من الألحان الكلاسيكية والمعاصرة تمثل مختلف بلدان المعمور. قطاع الطيران، الذي يشكل بدوره دعامة رئيسية للاقتصاد، شهد مجموعة من المبادرات الهادفة إلى إعادة الحيوية إليه؛ منها قرار السلطات الإماراتية السماح، اعتبارا من 23 يونيو الجاري، لمواطنيها والمقيمين بها بالسفر إلى وجهات محددة، ووفق اشتراطات معينة. كما قررت اللجنة العليا لإدارة الأزمات والكوارث في دبي السماح بقدوم السياح الدوليين بدءا من السابع من يوليوز المقبل، وبعودة المقيمين من حاملي الإقامة اعتبارا من 22 يونيو الجاري. وفي هذا السياق، قال الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مطارات أبوظبي، إن استئناف رحلات "الترانزيت" عبر مطار أبوظبي الدولي منذ العاشر من يونيو الجاري يعتبر قرارا جوهريا بالنسبة لقطاع الطيران على مستوى الدولة، مضيفا أن من شأن هذه الخطوة المساهمة في عودة الانتعاش الاقتصادي على مستوى المنطقة بعد تأثره بانتشار فيروس "كورونا". وفي الشأن الثقافي، بدأت مجموعة من المواقع الثقافية البارزة التي تديرها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في استقبال الزوار منذ الأربعاء الماضي بعد الإغلاق الاحترازي خلال الأشهر الفارطة، ضمن خطة تدريجية لعودة الحياة الطبيعية إلى الإمارة. وفي المرحلة الأولى من الخطة، أعيد فتح كل من قصر الحصن والمجمع الثقافي ومتحف اللوفر أبوظبي في العاصمة، وفي العين أعيد فتح المساحات الخارجية في واحة العين، وكل من قصر المويجعي وقلعة الجاهلي ومتحف قصر العين. بشرى أخرى أعلن عنها، الخميس الماضي، سيف الظاهري، المتحدث الرسمي باسم الهيئة الوطنية لإدارة الأزمات والكوارث، تتعلق بفتح المساجد ودور العبادة في الإمارات قريبا. وقال إن "المساجد ودور العبادة ستفتح، ولكن نتطلع إلى التزام الجميع في هذا الإطار؛ لأن المساجد لها خصوصية بسبب التقارب بين المصلين". ومما لا شك فيه أن عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي في الإمارات لقي ترحيبا كبيرا من طرف أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين؛ لكن بالمقابل يظل الجميع مطالبا في هذه المرحلة بتحمل المسؤولية واحترام الشروط والإجراءات الصحية الجديدة للتعايش مع فيروس "كورونا"، وذلك على أمل اكتشاف لقاح للمرض تنتظره شعوب العالم قاطبة بفارغ من الصبر. *و.م.ع