جذوع أشجار ونخيل يابسة، وتُربة مشقوقة هجرتها خُضرة النباتات واستوطنها لون التراب، وآبار جُفّ قعورها عن آخرها، وقنوات توقّف تدفّق المياه عبرها وهمَد صوت خريرها... هكذا تبدو واحة أغبالو بجماعة إفران الأطلس الصغير بإقليم كلميم، اليوم، بعدما كانت تفيض حياةً قُبيل سنوات خلتْ. يعود سبب الوضعية المتدهورة التي توجد عليها واحة اغبالو إلى نضوب الفرشة المائية، جراء الاستغلال المكثف للثروة المائية بالمنطقة من طرف شركة مستغلة لأحد المناجم؛ ما أدّى إلى موت تسعين في المائة من نخيلها وأشجارها، حسب عبد الله بنحسي، رئيس جمعية أغبالو للتنمية والتعاون. قبل ثلاثة عشر عاما، جُفت إحدى العيون التي كانت تستمد منها واحة أغبالو حاجياتها من المياه، وتوالى اجتفاف الآبار المحيطة بها، حيث جُفت سبع عشرة بئرا، بسبب الاستغلال المفرط للشركة المستغلة لمنجم بالمنطقة، حسب إفادة بنحسي، فتحوّلت الواحة الغنّاء بنخيلها وأشجارها ومياهها المتدفقة إلى أرض قاحلة. وأردف الفاعل الجمعوي أن واحة أغبالو ليست هي الوحيدة التي يحفها الموت من كل جانب؛ بل إن واحات إفران الأطلس كلها يتهددها المصير نفسه، جراء نضوب الفرشة المائية، لكن تمظهرات الانقراض تبدو أكثر وضوحا في واحة أغبالو، لكونها تقع في السفح، وهي الأقرب إلى المنجم المستغل للفرشة المائية. وألْحق زحْف الموت على واحة أغبالو أضرارا اجتماعية واقتصادية بالسكان الذين كانوا يتخذونها مصدرا لكسب قوتهم وتوفير مؤونتهم الغذائية، إذ لجأت نسبة مهمة منهم إلى النزوح نحو المدن، وقدّر عبد الله بنحسي عدد السكان الذين هاجروا الدواوير المحيطة بالواحة بنسبة 50 في المائة من مجموع الساكنة. وضرب مثلا بهول حجم الهجرة التي تسبب فيها موت واحة أغبالو بتناقص أعداد التلاميذ المتمدرسين في المدرسة الابتدائية بالمنطقة؛ فبعد كان عددهم يزيد على 180 تلميذا، لم يعد عددهم يزيد اليوم على ثلاثين تلميذا، يتمّ تدريسهم في قسمين مشتركيْن، كل قسم يضم ثلاثة مستويات. ونبّهت شبكة جمعيات إفران الكبرى، في بيان صادر عنها، وزارتي الداخلية والفلاحة إلى الخطر الذي يهدد واحات إفران ككل، إذا لم يتم البحث عن حلول لنضوب الفرشة المائية، داعية إلى إعادة النظر في جدوى سد سيدي المحجوب، والقيام بدراسة معمقة حول أثر منجم "وانسيمي" على جفاف واحة إفران.