فجرت كوريا الشمالية، اليوم الثلاثاء، مكتب الاتصال مع كوريا الجنوبية في مدينة كايسونغ، على جانبها من الحدود، بعد أيام من تصعيد بيونغ يانغ لهجتها حيال سيول. ويأتي تفجير المكتب بعد إعلان كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جون اون، نهاية الأسبوع، أنه "قريبا سيظهر المشهد المأساوي لمكتب التنسيق المشترك بين الشمال والجنوب وهو منهار تماما". وأظهرت المشاهد التي نشرها القصر الرئاسي الكوري الجنوبي انفجارا يمتد إلى عدة مبان عبر الحدود في كايسونغ، مع انهيار برج قريب جزئيا وتصاعد سحب الدخان في السماء. ويرى محللون أن بيونغ يانغ تسعى إلى خلق أزمة مع سيول في وقت ما تزال فيه المفاوضات بشأن الملف النووي مع واشنطن متوقفة. وبعد اجتماع طارئ، أعلن مجلس الأمن القومي الكوري الجنوبي أنه "سيرد بقوة" إذا "واصلت بيونغ يانغ القيام بخطوات تفاقم الوضع". وأضاف أن "كل مسؤولية التداعيات الناجمة عن هذا العمل تقع على عاتق الشمال". وقال مكتب المتحدث باسم وزارة التوحيد إن "كوريا الشمالية فجرت مكتب الاتصال في كايسونغ عند الساعة 14:49" بالتوقيت المحلي. ويتولى هذا المكتب إدارة العلاقات بين الكوريتين. وصدر البيان بعد دقائق على سماع دوي انفجار ورؤية سحب الدخان تتصاعد من مدينة كايسونغ الصناعية حيث يقع مكتب الاتصال على الحدود، كما أوردت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية نقلا عن مصادر لم تحددها. وافتُتح مكتب الاتصال، الواقع في منطقة صناعية حيث كانت شركات من الجنوب توظف عمالا من الشمال، في سبتمبر 2018 قبل أيام على مغادرة الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن إلى بيونغ يانغ لعقد القمة الثالثة مع كيم. وكان حوالي عشرين مسؤولا من كل جانب يعملون في المكتب على مدى أشهر، لكن العلاقات بين الكوريتين توترت إثر انهيار قمة هانوي بين كيم والرئيس الأميركي دونالد ترامب في فبراير 2019. وعلقت مهام المكتب في يناير بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد. في موسكو، دعا الكرملين، الثلاثاء، إلى ضبط النفس. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحافيين: "هذا مصدر قلق، ونحث جميع الأطراف على ضبط النفس"، مضيفا أن روسيا ستراقب الوضع عن كثب. ومنذ مطلع الشهر، كثفت بيونغ يانغ الإدانات اللاذعة إزاء جارتها، وخصوصا ضد المنشقين الكوريين الشماليين الذين يرسلون من الجنوب منشورات دعائية عبر المنطقة منزوعة السلاح إلى الشمال. والأسبوع الماضي، أعلن النظام الكوري الشمالي عن قطع قنوات الاتصال السياسية والعسكرية مع "العدو" الكوري الجنوبي. وقال ليف إريك إيزلي، أستاذ في جامعة أوها في سيول، إن "كوريا الشمالية بدأت دوامة استفزاز مع مراحل من التصعيد"، واصفا تفجير مكتب الاتصال بأنه "ضربة رمزية للمصالحة بين الكوريتين والتعاون". وأضاف أن "نظام كيم يوجه أيضا رسالة مفادها أن الولاياتالمتحدة لن تحظى بامتياز تأجيل التعامل مع ملف كوريا الشمالية خلال ما تبقى من السنة". توتر العلاقات منذ أن نددت بيونغ يانغ بإرسال منشورات من الجنوب، أطلقت سيول ملاحقات قضائية في حق مجموعتين من المنشقين الكوريين الشماليين بتهمة إرسال هذه البيانات الدعائية من الجانب الآخر من الحدود. وتتضمن المنشورات، التي غالبا ما تعلق على بالونات تصل إلى الأراضي الكورية الشمالية أو توضع في زجاجات في النهر الحدودي، عادة انتقادات لأداء الزعيم كيم جون اون في مجال حقوق الإنسان أو طموحاته النووية. وفي وقت سابق الثلاثاء، أفادت وسائل إعلام كورية شمالية رسمية بأن جيش البلاد "في جهوزية كاملة" للتحرك ضد كوريا الجنوبية. وقالت هيئة أركان الجيش الشعبي الكوري، الثلاثاء، إنها "تعمل على خطة تحرك لتحويل خط الجبهة إلى قلعة"، كما نقلت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية. والاثنين، حث الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-ان، مهندس التقارب عام 2018، الشمال على عدم "ترك نافذة الحوار مغلقة". وانتهت الحرب الكورية (1950-1953) بهدنة وليس اتفاق سلام، ما يعني أن البلدين الجارين ما يزالان عمليا في حالة حرب. والأسبوع الماضي، انتقد الشمال ترامب في معرض تنديد واسع بالولاياتالمتحدة في الذكرى الثانية لقمة سنغافورة، حيث اتهم ري سون غوون، وزير الخارجية الكوري الشمالي، واشنطن بالسعي إلى تغيير النظام في بلاده. ويشدد دبلوماسيون على القول إنهم يعتقدون أن كيم وعد في سنغافورة بالتخلي عن ترسانته النووية، وهو ما لم تقم بيونغ يانغ بأي خطوة في اتجاهه. ويخضع الشمال لعقوبات دولية بسبب برنامجه للأسلحة النووية المحظورة. ويعتقد الشمال أنه يستحق الحصول على امتيازات بسبب تجميده التجارب النووية والبالستية وتفكيك موقع للتجارب النووية، إلى جانب إعادة مواطنين أميركيين كانوا مسجونين لديه ورفات جنود قتلوا في الحرب الكورية. وقال شيونغ سونغ-شانغ، مدير معهد سيجونغ للدراسات الكورية الشمالية، إن "كوريا الشمالية غاضبة لفشل الجنوب في عرض خطة بديلة لإحياء المحادثات بين الولاياتالمتحدة وبيونغ يانغ، أو حتى خلق ظروف مواتية لتحريكها". وأضاف: "لقد خلصت إلى أن الجنوب فشل كوسيط في العملية". *أ.ف.ب